4 ــ ليس بمقدور أحد فى إسرائيل أو غير إسرائيل بعد مرور 47 عاما أن يشكك فى انتصار مصر العظيم عندما نجحت قواتنا المسلحة فى 6 ساعات فقط من ظهر يوم 6 أكتوبر 1973 أن تصنع معجزة عسكرية وإستراتيجية بكل المقاييس.
إن الحقائق وحدها هى التى ترد وتدحض أى هراء يراد منه النيل من انتصارنا المجيد مهما كان اسم ومنصب من يدلى بهذا الهراء وينزلق إلى حد الادعاء ــ كذبا ــ بأن الحرب مكنت إسرائيل من الوقوف على أبواب القاهرة ودمشق.
إن أمامى الآن صورة لبرقية رمزية التقطتها أجهزة التنصت والاستماع العسكرية المصرية فى الساعة التاسعة والنصف من صباح 7 أكتوبر 1973 من داخل النقطة القوية فى خط بارليف الإسرائيلي جنوب الفردان إلى مركز القيادة الإسرائيلية فى سيناء وهذا نصها: «الحصار أصبح محكمًا حولنا من كافة الاتجاهات.. موقعنا وحده يحيط به أكثر من 800 جندى مصرى.. طلبنا منكم أمس نجدة عاجلة بالمدرعات لفك حصارنا وتسهيل انسحابنا بأقل قدر من الخسائر.. الموقف الآن لا يستدعى إرسال أى دبابات فسوف يكون مصيرها الهلاك قبل أن تصل إلى موقعنا؛ لأن الدبابات والمصفحات والأسلحة المصرية الثقيلة تعبر القناة بكثافة منذ فجر اليوم، كما أن قوات المشاة المصريين مازالت مستمرة فى العبور بغزارة.. انتهت البرقية».
وقبل ذلك بعد 25 دقيقة فقط كانت أجهزة التنصت والاستماع المصرية قد التقطت إشارة استغاثة أخرى من النقطة القوية عند لسان بور توفيق ونصها ما يلي: «الأمر بات مختلفًا تمامًا عما كان عليه منذ ساعات فقد بدأت مئات الدبابات المصرية تتخذ طريقها إلى سيناء.. أين القوات الجوية الإسرائيلية؛ لأنه ليس هناك وسيلة لوقف هذا الزحف سوى ضربات جوية كثيفة ومتلاحقة ضد المعابر والجسور التى نصبها المصريون.. انتهت البرقية».
وقد أدت برقيات الهلع والذعر إلى قيام موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى بزيارة شبه سرية ظهر ذلك اليوم «7 أكتوبر 1973» إلى مقر القيادة الإسرائيلية فى سيناء حيث استمع من قائد الجبهة الجنرال شموئيل جونين عن آخر التطورات الصادمة التى دفعت ديان إلى أن يصدر تعليماته قائلا: «إننى لا أرى سوى حل وحيد لتفادى الكارثة.. يجب أن تخلى القوات الإسرائيلية تحصينات خط بارليف بسرعة وأن تنسحب إلى الخلف لبناء خط دفاع ثان ضد منطقة الممرات لأن معارك الدبابات والمدفعية التى نخوضها الآن لا جدوى منها».
وظنى أن هذه البرقيات ولدى غيرها عشرات البرقيات المذعورة من داخل الخطوط الإسرائيلية المنهارة لم يعلم بها رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ولم يدرك مغزاها رغم مرور كل هذه السنوات الـ47، وإلا ما كان قد انزلق إلى ما انزلق إليه من مغالطات قبل يومين فى ذكرى حرب أكتوبر التى يتمنى معظم الإسرائيليين نسيانها!
وغدا نستكمل الحديث.
[email protected]
* نقلًا عن صحيفة الأهرام