ليس جديدًا تحول دولة من النظام الملكى إلى الجمهورى. هذا اتجاه قديم فى العالم بدأ فى آخر القرن الثامن عشر. قلت، أو تباطأت، فى العقود الأخيرة معدلات هذا التحول، وأصبح مركزًا فى بلدان بقيت تابعة للتاج البريطانى عقب استقلالها. ومعظمها دول-جزر, آخرها جزيرة باربادوس، التى أعلنت حكومتها قبل أيام أنها تخطط لتصبح جمهورية فى العام المقبل، مع الاحتفال بمرور 55 عامًا على الاستقلال. وليست باربادوس أولى المستعمرات البريطانية السابقة التى تتحول إلى جمهورية، إذ سبقتها غيانا، وتريندادوتوباجو، ودومينيكان القريبة منها فى منطقة البحر الكاريبى، وموريشيوس فى المحيط الهندى. استمر الاحتلال الإنجليزى لباربادوس أكثر من ثلاثة قرون «1625-1966».
ورغم ذلك، فعندما حصلت على استقلالها اختار سكانها استمرار تبعيتها للتاج البريطانى، وبقيت الملكة اليزابيث الثانية رئيسة رمزية لها حتى الآن. وما يستدعى التفكير,هنا, مغزى ذلك الاختيار0 فهل من الطبيعى أن يختار بلد صغير كان يملك مقومات اقتصادية بشرية عند استقلاله استمرار التبعية للدولة التى استعمرته أكثر من ثلاثة قرون؟. فقد حققت باربادوس تطورًا اقتصاديًا سريعًا أتاح لها أن تحظى بموقع متقدم بين دول العالم من حيث معدل الناتج المحلى الإجمالى للفرد الواحد، وكذلك على صعيد مؤشرات التنمية البشرية، برغم أنها تُعد إحدى أصغر هذه الدول من حيث مساحتها وعدد سكانها. لا تزيد مساحة بربادوس على 430 كم مربعا، أى أقل من 15% من مساحة محافظة القاهرة وحدها.
وعندما يكون عدد سكانها الآن نحو 287 ألف نسمة، فهذا يعنى أن متوسط الكثافة فى حدود ستمائة فرد لكل كيلومتر مربع، أى نحو 10 فى المائة فقط من الكثافة السكانية فى محافظة القاهرة. والأرجح أن سكان باربادوس، اختاروا استمرار التبعية للتاج البريطانى نتيجة التعود على هذا الوضع، بعد زمن طويل لم يشهد صراعًا حادًا مع الاحتلال الإنجليزى الذى كان ناعمًا إذا جاز التعبير، فكانوا مستقلين ذاتيًا فى الأغلب الأعم. ولكن باربادوس ستترك أخيرًا ماضيها الاستعمارى وراءها، وربما تتبعها جامايكا القريبة منها، بعد أن أعلن رئيس وزرائها عزمه الدعوة إلى استفتاء على مستقبلها.
نقلا عن صحيفة الأهرام