لا أدرى لماذا غضب النيل لقد ظل هادئا وديعا سنوات طويلة، ثم اختار السودان أطيب الشعوب العربية وأكثرها كرما .. جاء النيل غاضبا واقتحم مدينة الخرطوم وارتفع فيها ١٧ مترًا فى سابقة لم تحدث منذ مائة عام .. أمام هذه المحنة المفاجأة كان السودان يحاول أن يبنى مستقبلا جديدا فيه المزيد من الرخاء والحرية ..
إن العالم كله يدرك حجم معاناة الشعب السودانى فى سنوات الفقر والبطش والاستبداد وحكم الفرد .. كان السودان يسعى إلى أن يخرج من عنق الزجاجة وتمت مصالحة تاريخية بين الجيش والقوى المدنية، وأوشك السودان بالفعل أن يعيش لحظة استقرار تاريخية، وقد تمنيت لو أن السودان عبر نحو مستقبل أفضل ..
لقد اجتاح النيل الأراضى السودانية وأغرق آلاف البيوت وقتل المئات من أبناء الشعب الطيب المسالم .. لقد أخذت الحرب الأهلية عشرات السنين من الشعب السودانى وضاعت ثرواته ما بين الحرب والنهب والفساد.. إن النيل الذى جاء قاسيا متحديا وأغرق الشعب الآمن سوف يعود إلى رشده وحكمته، ربما جاء ثائرا كى يطهر الأرض من سنوات الظلم والقهر والاستبداد لكى يبدأ السودان عصرا جديدا أكثر عدالة ورخاء وحرية ..
إنها تجربة مريرة وقاسية، وهذا النيل الغاضب لا بد أن نبحث عن أسباب غضبة هل قصرنا فى حقه، هل تركنا الغرباء يستبيحون حرمته، هل كان يستحق منا رعاية وحماية أكثر؟.. إن غضبة النيل ليست أمراً بسيطا لان الأنهار تغضب حين يغيب العدل ..
من كل قلبى أدعو للشعب السودانى الشقيق أن يتجاوز محنته، وان يعود النيل حكيما عاقلا من أجل بناء سودان جديد، قلبى وملايين المصريين مع السودان الشقيق ..
إن العالم العربى ينبغى ألا يتردد فى تقديم الدعم للشعب السودانى لأن الظروف صعبة وأحوال الناس قد ساءت بصورة مخيفة.. إن واجب الشعوب العربية - وليس فقط الحكومات - أن تشارك فى عمليات الدعم وأن تتجه جمعيات المجتمع المدنى والقطاع الخاص إلى المدن والقرى التى أغرقتها المياه وتحتاج إلى إنقاذ سريع..
قلبى مع السودان..
[email protected]
* نقلًا عن صحجيفة الأهرام