في بداية عام هجرى جديد، لابد من أن نتوقف طويلا أمام حال المسلمين، وضرورة النظر بموضوعية إلى حتمية التجديد الفقهي، حتى لا يتجمد الحال أكثر من ذلك، وذلك في إطار إعمال العقل في فهم صحيح النص، ومراعاة ترتيب الأولويات، ووضع كل منها في موضعه الصحيح.
عن حتمية التجديد الفقهي، أرسل لي الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، كتابه الجديد «حتمية التجديد الفقهي»، أشار فيه إلى أن الفقه ملكة عظيمة تُبنى على الخبرة، وطول الممارسة، وكثرة التحصيل، والدرس، والفهم، وليس مجرد حفظ بعض الأحكام لبعض المسائل دون معرفة مبتداها، ومنتهاها، ووجوه استنباطها، والقواعد الفقهية التي بُنيت عليها أقوال الفقهاء.
التجديد الفقهي، الذي يطالب به الدكتور محمد مختار جمعة، هو تجديد منضبط بميزاني الشرع والعقل، بحيث لا يترك هذا الأمر نهبًا لغير المؤهلين، وغير المتخصصين، أو المتطاولين، الذين يريدون هدم ثوابت الدين تحت دعوى التجديد.
المتخصص المؤهل إذا اجتهد وأخطأ فله أجر، وإن اجتهد وأصاب فله أجران، أما من يتجرأ على الفتوى بغير علم، فإن أصاب عليه وزر، وإن أخطأ عليه وزران، لاقتحامه ما ليس أهلا له.
الدكتور محمد مختار جمعة يشير إلى أن الدعوة للتجديد لا تعني المساس بثوابت العقيدة، أو التجرؤ عليها، لأن ذلك لا يخدم سوى قوى التطرف والإرهاب؛ لأن التجديد يعني التيسير لا التسيب، والسماحة لا التفريط، والالتزام الديني والِقيمي والأخلاقي دون أي تشدد أو تطرف أو جمود أو إغلاق.
الإسلام فتح باب الاجتهاد واسعًا منذ البداية، مثلما فعل النبي "صلى الله عليه وسلم" مع سيدنا معاذ بن جبل، مبعوثه إلى اليمن، ومثلما فعل سيدنا عمر بن الخطاب حينما بعث برسالته التاريخية الشهيرة في القضاء إلى سيدنا أبي موسى الأشعري.
* نقلًا عن صحيفة الأهرم