Close ad
16-8-2020 | 15:11

استكمالا لما كتبته أمس.. «بدون عنوان» حول ألغاز وتعقيدات المشهد الإقليمي الذي تتسارع متغيراته وتتبدل تحالفاته فإن أي قراءة تحليلية أمينة وصادقة ينبغي لها أن تتم بصوت واضح ومسموع لأننا إزاء تحولات جوهرية لا يجوز مناقشتها لا بالهمس الخافت ولا بلغة الإشارة التي يتخاطب بها الصم والبكم!

إن الحملة الدعائية الشرسة التي تقودها تركيا وقطر ضد الخطوة الأولي التي تنتويها دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن الذهاب إلي تطبيع العلاقات مع إسرائيل هي أصدق عنوان للنفاق السياسي وخلع براقع الحياء والخجل من جانب الذين كان لهم سبق الذهاب إلي ما هو أكبر وأعمق وأخطر من مجرد التطبيع مع إسرائيل.

ويهمني بداية أن أؤكد إنني ربما لست من المتحمسين للخطوة الإماراتية المحتملة ولا أنا من المعنيين بالدفاع عن سياسات أحد فلكل دولة رؤيتها ووجهة نظرها المستقلة ولكن فجور الحملة التي تقودها الأبواق القطرية والتركية ضد دولة الإمارات تستدعي من كل صاحب رأي أن يعري هذه الأكاذيب لكي لا يختلط الباطل مع الحق.

إن الأزمات والمشاكل في منطقتنا تبدو من تزايدها وتراكمها أنها بلغت حدا من التعقيد الذي يوحي بأنه لا نهاية لها إلا برؤى جديدة قد تحتمل الصواب وقد تحتمل الخطأ وليس هناك من يستطيع أن يدعي العصمة في كل قرار يتخذه أو في أي خطوة يخطوها لكن المهم أن تجيء السياسات استجابة للضمائر وليست مجرد انسياق وراء المصالح... وظني أن تاريخ دولة الإمارات مع القضية الفلسطينية لا يعطي لأحد – وبالذات قطر وتركيا – أي فرصة وأي مجال للمزايدة عليها.

وهنا أقول: إن الخطر ليس في الأبعاد التي يمكن أن تترتب علي الخطوة الإماراتية خصما من القضية الفلسطينية إذا نكصت إسرائيل- كعهدها - عن التزامها بوقف قرارها القبيح بفرض السيادة علي أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ولكن الخطر هو أن تنجح أبواق قطر وتركيا في تحريض وتأليب الشعب الفلسطيني ضد دولة الإمارات لأن الخاسر الأكبر في النهاية سيكون هو الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.. ولازلت عند رأيي الذي كتبته أكثر من مرة أن مصير القضية الفلسطينية في يد أهلها أولا وأخيرا وأن تمسك الفلسطينيين بحقوقهم ينزع الشرعية عن أي شيء تقوم به إسرائيل دون قبولهم له.

وحتى لو كان الغضب الفلسطيني من قرار الإمارات قد تجاوز بتأثير التحريض الخبيث حدود العتب المشروع بين الأشقاء فإن بإمكان الفلسطينيين أن يحولوا المحنة إلي منحة وأن يجددوا تمسكهم بموقفهم دون أن يندفعوا لخصام لا مبرر له مع الإمارات أو غيرها من الأشقاء العرب!

خير الكلام:

<< ليست كل الأزهار ثمار!

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث