يبدو أن هناك من لا يهمهم فى أمريكا أن يُبدِّدوا طواعية السمعة التى صنعتها أجيال سابقة لهم عن أن قوة بلادهم لا تُقهَر، وعن أن لا أحد يمكنه الاقتراب أو التأثير، لأن أهم معنى للخبر التالي، هو أن الدولة القوية لم تعد كذلك!
فقد نشرت وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضى عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن أى تدخل أجنبى فى الانتخابات الأمريكية!
فمضمون الخبر يعنى أن صراع المتنافسين الأمريكيين فى الانتخابات خلال السنوات الأخيرة، وخاصة بعد إعلان فوز ترامب، أدى إلى أن تفقد الديمقراطية الأمريكية واحداً من أهم عوامل بريقها، وهو الخاص باتفاق كل الأطراف الفاعِلة على قبول نتائج الانتخابات وعلى أنها تتطابق مع إرادة الناخبين.
وكانت الواقعة الكبرى التى ضربت نموذج الانتخابات ضربة شديدة، ما حدث مباشرة بعد إعلان نتيجة فوز ترامب، حيث تلاشت قاعدة الاتفاق، وحل محلها الطعن فى فوزه، مع مطاردته فى حملات شرسة لم تتوقف، شاركت فيها أجهزة الإعلام الرهيبة، مع القول بأن روسيا تدخلت فى الانتخابات لإنجاحه!
وربما لم يدرك أصحاب الحملات أن اتهامهم لا يقتصر على الطعن فى النتيجة، وإنما يمتد أثره إلى إثارة شكوك كبيرة عن قدرة الأجهزة الأمريكية على حماية إجراءات واحد من أهم استحقاقات الشعب المتمثل فى انتخابات الرئيس.
ورغم خطورة الاتهام، ومع اتساع نطاق الهجوم، فإن القائلين به لم يثبتوه بالدليل الدامغ، كما أنهم لم يسعوا لاستصدار حكم فى مصلحتهم من القضاء، وهذا ما جعل ترامب يتهمهم بدوره بأنهم يلفقون التهم ضده.
أما روسيا فهي أول من كسب من الاتهام، الذى أصبح على لسان العالم، عن قدرتها الأسطورية على اختراق أهم النظم الإلكترونية التى تحميها أمريكا بآليات شديدة التعقيد! فقد ظل الروس يتعاملون مع الاتهام باستخفاف واضح، بما يؤكد رضاهم عن التهمة، ما دامت تصنع لهم صورة كانوا سيبذلون جهداً ضخماً وينفقون أموالا طائلة لتروج عن قوتهم الفذة. بما يفيدهم أكبر فائدة فى صراعهم المستمر ضد أمريكا.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام