تدهورت أوضاع أردوغان بسرعة شديدة فى ليبيا وفى شرق المتوسط معاً، ولم يعد فى مقدوره أن يتخذ خطوة نحو هدفيه الرئيسيين، الأول الاستيلاء على الهلال النفطى شرق سرت الذى كان يأمل، ولا يزال، أن يحل له مشاكله الاقتصادية الضخمة التى تزداد تفاقماً، والثانى بلوغ حدود مصر ليصبح فى مقدوره التنغيص على أمنها كما يأمل تنظيم الإخوان الدولي!
أما خطؤه الكبير ضد هدفه فهو أنه لم يحسب حساب المستجدات، ولا الظروف المعقدة المحيطة بما تفرخه من عوامل قاهرة. فهو، مثلاً، لم يتوقع أن تعلن مصر موقفها القوى الذى يهين كبرياءه كمستعمر خارج من القرون الوسطي، بكل ما تحمله أدمغة القرون الوسطى من صلف وعنجهية واستحقاقات غير مبررة، فكانت صدمته الكبرى فى الخط الأحمر الذى أعلنه الرئيس السيسي.
وعندما حسبها اكتشف أنه ليس فى مقدوره أن يتحدى الإنذار المصري. وكان غريباً أنه لم يضع اقتراب الانتخابات الأمريكية فى حساباته، برغم أنها أهم عوامل داعمه الأول ترامب فى اتخاذ أى قرار حتى نوفمبر المقبل، والذى رأى من الأفضل أن تسود التهدئة، فأجبره عليها. وكذلك لم يحسب أردوغان عوامل أخرى تحدد قرار بوتين، الذى رأى أنه من الأفضل إعلان وقف إطلاق النار فى ليبيا.
وواضح، من العصبية التى تلبسته هو ومعاونيه، أنه لم يتوقع أن تتصدى له فرنسا بهذا الوضوح، ولا أن تتحرك ضده اليونان، وهو موقف لا ينبغى التقليل من شأنه، حتى مع إدراك ضعف اليونان عسكرياً واقتصادياً، لأن أهم ما فى موقفها أنها أول مواجهة عملية لاتفاق المغالطات الذى أبرمه مع السراج، وقال إن فيه تحديداً للمياه الاقتصادية بين تركيا وليبيا، مخترعاً خريطة وهمية تلغى اليونان ودولاً أخرى متصوراً أن هذا يصنع له تماساً حدودياً مع ليبيا.
هذه بعض الأسباب الراهنة التى تُعرقّل مشروعات أردوغان، وهى مرشحة للتصعيد، مع احتمالات قوية بأن تستجد أسباب أخري، بما يرجح المزيد من المعوقات أمامه، مع احتمال أن تفلت أعصابه ويتهور وهو يرى حلم الاستيلاء على ثروات ليبيا يتلاشي.
نقلا عن جريدة الأهرام