أتحدث هنا عن الأستاذ والمفكر الاقتصادى البارز، والسياسى اليسارى المخضرم القيادى بحزب التجمع، ووزير التموين الأسبق الدكتور جودة عبد الخالق، بمناسبة حصوله مؤخرا على جائزة النيل في العلوم الاجتماعية. إن معرفتى بالدكتور جودة تعود إلى مايزيد على نصف القرن عندما التحقت بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية، جامعة القاهرة عام 1965 وكان هو معيدا في مادة الاقتصاد بالكلية قبل أن يسافر إلى كندا للحصول على الدكتوراه. ولأننى دخلت الكلية مستهدفا دراسة العلوم السياسية، لم يخطر ببالى أن أتخصص في الاقتصاد، ولكن هذا لم يمنعنى من الإعجاب بل والانبهار بذلك الشاب ذي الثقة الشديدة بالنفس والكبرياء الرصين.فى نفس تلك الفترة كنا نعرف، ونحن في منظمة الشباب، (إذا لم تخنى الذاكرة) ثلاث شقيقات متميزات بالجامعة: كريمة كريم في الاقتصاد والعلوم السياسية، وهناء كريم بكلية الحقوق، وعزة كريم بالآداب، من أسرة وفدية ثرية! وكان من حظ كريمة أن تزوجت جودة عبد الخالق ليكونا ثنائيا رائعا، أصدرا منذ عامين، بعد حياة طويلة مشتركة خصبة وعميقة، كتابهما الفريد: حكاية مصرية، الذى يرصد قصة الحب والكفاح المشترك لشاب من أصول فقيرة في الريف المصرى وفتاة من أصول أرستقراطية، في حكاية مصرية للغاية تصلح بلا شك أساسا لفيلم سينمائى رائع! ولقد كانت لجودة عبد الخالق بصماته الواضحة في أدواره الثلاثة: الاكاديمية، والسياسية، والتنفيذية. فهو أستاذ عملاق في مادته، تشهد له كتبه وبحوثه العديدة في الاقتصاد والتنمية والتصنيع، فضلا عن إشرافه على العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية. وهو في نشاطه السياسى كان ومايزال قطبا يشرف حزب التجمع بعضويته في مكتبه السياسى. أما في دوره التنفيذي فلا شك انه كان أحد أبرز وزراء التموين الذين لمسوا الدور الإجتماعى الهائل الذى تلعبه الوزارة إزاء الجماهير الشعبية البسيطة، يشهد على هذا بالذات دوره الرائد في ضبط منظومة الخبز، ومعركته مع تجار الأرز. وأخيرا، أقول للدكتور جودة ولزوجته الفاضلة، إن الجوائز تشرف من ينالونها، ولكن جائزة النيل تتشرف أيضا بحصول جودة عبد الخالق عليها، فهنيئا لجودة، وهنيئا لجائزة النيل!.
نقلا عن صحيفة الأهرام