أظن أنه مهما يكن رأينا في الذي وقع وجري في العالم العربي منذ اندلاع عواصف الفوضى تحت رايات الربيع المزعوم فإنه يجب علينا أن نقرأ وبعناية فائقة أهم متغيرات السنوات العجاف، وبالذات ما يتعلق بما تعرضت له الدولة الوطنية من تفكك وسقوط وانهيار في عدد من أقطار الأمة في الوقت الذي شهدت فيه المنطقة بروزا مخيفا وفجا لأفكار قوي التطرف وفصائل الإرهاب التي تنوعت جذورها ومسمياتها وأدت إلي كل ما نشهده من حروب أهلية!
لقد أفرز الربيع المزعوم جبلا هائلا من التحديات والمصاعب تتوزع أحجاره وشظاياه في أكثر من بؤرة علي امتداد العالم العربي ومن ثم أصبح السؤال المطروح هو: كيف يمكن لأمتنا الجريحة أن تتعامل مع هذا الواقع الجديد الذي مازال يختزل بداخله كما هائلا من عوامل الخطر ومسببات الانفجار علي الصعيدين الأمني والاقتصادي!
وفي ظني: إن نقطة البداية للتعامل مع هذا الواقع المخيف ينبغي أن تنطلق من الفهم السياسي والاستراتيجي الصحيح لزلزال الفوضى الذي ضرب دول المنطقة ومازالت تداعياته وتوابعه مستمرة حتي اليوم.
إن الفهم الصحيح لحقيقة ما تعرضت له معظم الدول العربية يحتاج أول ما يحتاج إلي مزيد من الجرأة والشجاعة والشفافية في نقد بناء للنفس والذات من خلال حوارات صريحة وشفافة ترتفع إلي مستوي المصاعب والتحديات التي يعاني منها الإنسان العربي والتي تتطلب مواجهة حادة وحاسمة وبما يتلاءم مع قدرات وإمكانيات كل قطر عربي علي حدة من أجل سرعة الخروج من الضائقة المالية والاقتصادية التي أفرزتها عواصف الفوضي وأثرت بالسلب علي فاتورة المعيشة اليومية للمواطنين في كافة الدول العربية دون استثناء!
ولست أري مدخلا جيدا للحوار أفضل من البدء بمناقشة استراتيجية جديدة للتنمية من أرضية الرغبة والفهم في وجوبية التوافق حول كيفية صياغة هذه الاستراتيجية لأنها بمثابة القاعدة والركيزة للذهاب إلي مسارات البناء والتطور الحقيقي الذي يغلق الباب تماما في وجه تيارات التطرف والإرهاب التي تتمسح في الدين!
وهنا يتحتم القول: إن أي حوار جاد بشأن توفير النجاح لاستراتيجية التنمية الجديدة ينبغي أن يسبقه تمهيد نفسي لتهيئة البيئة العربية لتحمل الفاتورة المستحقة مهما تكن كلفتها الاجتماعية علي غرار التمهيد النيراني الذي يسبق الهجوم الكاسح بلغة العسكريين... وذلك ليس بالأمر الصعب ولا هو بالمستحيل.
خير الكلام:
<< العقل بندقية لا يستجيب زنادها إلا لأصابع الأذكياء!
نقلا عن صحيفة الأهرام