المبالغة فى أى شيء تفسد كل شيء .. ولقد بالغت شاشات التليفزيون هذا العام مثل كل الأعوام فى إذاعة الإعلانات بحيث امتدت أوقاتا طويلة بلغت أكثر من 12دقيقة فى بعض الإعلانات. ولنا أن نتصور أن الوقت المخصص للمسلسل 60 دقيقة فى الحلقة الواحدة وتخللتها أربعة إعلانات طويلة مدتها تقترب من 45 دقيقة فنحن أمام 15 إلى 20 دقيقة من أحداث المسلسل.. بعض المشاهد تستغرق دقائق معدودة وبعد ذلك ينتهى كل شيء.. أن هذه الإعلانات تمثل ضرورة لأصحاب الفضائيات ومنتجى المسلسلات ولكنها لاتحترم فكر المشاهد وحقه فى أن يتابع أحداث المسلسل لأنه فى أحيان كثيرة يترك المسلسل حتى ينتهى إعلانه ويذهب إلى مسلسل آخر ويجد نفس المشكلة.. إن المطلوب أن يكون هناك قدر من التنسيق بين أحداث المسلسل وحلقاته وعدد الإعلانات فيه من حيث الوقت والأولوية.. فى أحيان كثيرة لا تستطيع أن تتابع أحداث المسلسل وهناك مسلسلات يحرص المشاهد على متابعة كل التفاصيل فيها لأنها تتناول أحداثا هامة ويشارك فيها كبار النجوم .. إن أرقام الإعلانات أصبحت الآن شيئا مزعجا لأنها أرقام ضخمة والمنافسة بين القنوات الفضائية للحصول عليها أصبحت معارك تستخدم فيها كل الأسلحة.. كما أن أسعار النجوم تفرض على الشركات المنتجة أن تجمع أكبر قدر من الإعلانات لكى تغطى تكاليف الإنتاج ولا شك أن الضحية فى ذلك كله هو المشاهد الذى يجلس أمام الشاشة ويشاهد عشرات الإعلانات المكررة وفيها نماذج ساذجة ورديئة وبعد ذلك يشاهد بضع دقائق من الأحداث لا تتجاوز دقائق محدودة .. مازلت أتساءل لماذا يغلب العامل التجارى على العامل الفنى .. نحن أمام فن ويجب أن نحترم أدواته والإعلان شيء والفن الحقيقى شيء أخر وهذه الخلطة الغريبة بين المسلسل والإعلان تفسد كل شيء.. منذ زمن بعيد ونحن نطالب بالفصل بين الفن والدعاية لأن الخلط بينهما افسد الاثنين معا .. إننا نقدر احتياج المنتج والشاشات لأموال الإعلانات ولكن يجب أن نحترم وقت المشاهد وقيمة الفن والدور الحقيقى من الإعلانات .. شيء من التنسيق يا سادة..
نقلا عن صحيفة الأهرام