Close ad
7-5-2020 | 13:17

اختلف المشهد السياسى فى الدول الأوروبية منذ أول مارس الماضي. طغت أزمة كورونا على ما عداها، وصارت الشغل الشاغل للجميع. وبخلاف ما يحدث فى فترات الأزمات الكبري، لا تُسبب أزمة كورونا خسائر للحكومات القائمة وحدها. المعتاد أن تتعرض الحكومات للنقد واللوم مهما فعلت. أحزاب المعارضة تخسر بدورها، لأن الإجراءات الهادفة إلى الحد من انتشار فيروس كورونا تؤثر فى المجال العام الذى يضيق، وليس فقط فى الاقتصاد الذى يصيبه الكساد.
لا تستطيع هذه الأحزاب عقد مؤتمرات أو لقاءات على الأرض. كما أن تعليق جلسات البرلمان، أو تقليلها، يحرم هذه الأحزاب من أهم أدواتها السياسية. لم يجد زعيم حزب العمال الجديد كير ستارمر فرصة لتقديم نفسه للشعب البريطاني. دهمته أزمة كورونا فور فوزه بزعامة الحزب، خلفا لجيرمى كوربن الذى استقال عقب الهزيمة القاسية فى انتخابات ديسمبر 2019. لم يستطع بعد استخدام قدراته الخطابية التى اكتسبها من عمله المهني، إلى جانب نشاطه السياسي0 ستارمر محام وخبير قانونى كبير تلقى تعليما راقيا فى جامعة إكسفورد، وقبلها فى جامعة ليدز. وهو، إلى ذلك، يحمل لقب سير أى فارس منذ عام 2015. تبدو فرصة حزب العمال فى استعادة موقعه الذى تراجع فى العقد الأخير كبيرة فى ظل قيادة ستارمر، الذى يحاول إعادة هذا الحزب إلى منطقة يسار الوسط بعد أن غادرها فى اتجاه أكثر راديكالية. ولكنه يحرص فى الوقت نفسه على تجسير الفجوة مع التيار الراديكالي، سعياً إلى إعادة توحيد صفوف الحزب رؤيته لعملية إعادة التوحيد تقوم على احتواء هذا التيار الذى تدعمه بعض النقابات العمالية والمنظمات الاجتماعية، والتوصل إلى صيغة للتوافق معه. كما تنطوى هذه الرؤية على جمع شمل الحزب فى مختلف المناطق، على نحو ما يتضح فى حكومة الظل التى شكلها. ولكنه وجد نفسه، فور توليه قيادة الحزب، فى قلب أزمة كورونا، وأصبح عليه أن يعطيها أولوية قصوي. وليس مأزق ستارمر هذا إلا تعبيرا عن حالة أحزاب المعارضة الأوروبية التى حسرت أهم أدواتها على الأرض، وتحاول تعويض بعض ما خسرته عبر الفضاء الإلكتروني.

نقلًا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث