عندما كتبت فى هذا المكان قبل يومين فقط أن تجربة مصر فى السنوات الأخيرة التى شهدت تحديات ضخمة بينها خطة الإصلاح المالى والاقتصادى وما أفرزته من تداعيات اجتماعية قبل أن يدهمنا وباء فيروس كورونا مثلما دهم العالم بأسره بأنها تجربة تستحق الدراسة فإننى لم أكن أعنى أننا حققنا كل ما نريد، وأن الشوط قد انتهى، وإنما كنت أعنى أننا أنجزنا بالقدر الذى يشجعنا على مواصلة المشوار الذى بدأناه وكان الفضل فى الذهاب إليه هو جرأة وشجاعة وتصميم القيادة السياسية الواعية التى لم تعبأ بأى تحفظات تتعلق بوعورة الطريق، وكانت عينها على تأمين هذا الوطن ضد كل الاحتمالات والعمل على تجنيبه خطر المفاجآت الطارئة من نوع الوباء اللعين وفاتورته الاقتصادية الباهظة!
كان إصرار الرئيس السيسى على ركوب القطار الصعب للإصلاح المالى والاقتصادى مرتكزا إلى صياغة معادلة متوازنة تستلهم الاحتياجات الضرورية لبناء الدولة الحديثة مع الحفاظ على الاحتياجات الأساسية لعموم الشعب لأن الإفرازات السلبية لسنوات الفوضى العجاف لم تترك لمصر أى خيار سوى خيار المواجهة العاجلة والحاسمة ودون المساس بالدور الاجتماعى للدولة كحامية وراعية للجموع الكادحة التى تشكل الغالبية من سكان هذا الوطن.
وأستطيع أن أقول –اجتهادا– أن الرئيس السيسى لم يقيد نفسه بنظرية معينة، وإنما كانت لديه خطوط عريضة لكراسة العمل المستمدة من الاحتياجات الضرورية للحلم المشروع فى إعادة بناء الدولة المصرية بالتوازى والتزامن مع حماية الاحتياجات الأساسية للناس فى إطار الفهم الصحيح لقدرات الدولة على تلبية الحقوق والأمانى المشروعة.
ومن هنا يمكن فهم الأسباب التى جعلت من هذه التجربة المصرية تجربة فريدة من نوعها وتستحق الدراسة مثلما تستحق التحية والإشادة قياسا على قدرة التجاوب مع الشروط القاسية لخطة الإصلاح المالى والاقتصادى دون أن يؤثر ذلك على استمرار الإنجاز فى الخطط الطموحة لتوفير الخدمات وبناء وتشغيل المصانع وتشييد المساكن، وإضافة العدد الكبير من المدارس والمستشفيات على امتداد خريطة مصر العمرانية التى جرى ربطها بأطول شبكة طرق ومحاور مرورية مع مئات الجسور والكبارى فضلا عن أضخم شبكة أنفاق عرفتها منطقة الشرق الأوسط تحت قناة السويس لتربط الوادى القديم بشبه جزيرة سيناء.
وما زال أمامنا الكثير والكثير لتأكيد صحة التجربة المصرية التى لم ترتكز إلى نظرية فلسفية بعينها، وإنما ولدت التجربة من واقع ظروفنا وبمراعاة طبيعة شعبنا وبالفهم الصحيح لجذور مشاكلنا وكيف يمكن حلها!
خير الكلام:
قوة الإرادة سر النجاح وهى التى تصنع المعجزات!
نقلا عن صحيفة الأهرام