Close ad
29-3-2020 | 17:23

بعبارة موجزة في كلمتين.. المسئولية الاجتماعية للرأسمالية هي إنصات الأثرياء الموسرين لصوت الضمير وخضوعهم لإحساس من يشعر بأنه لا يعيش في العالم وحده، وإنما يتشارك هذه الدنيا مع آخرين، ولا أمل الحديث عن بيل جيتس أسطورة شركات الإلكترونيات العالمي، إذ رغم أن هذا الرجل (64 عاما) كان حتى أيام مضت على رأس شركة مايكروسوفت التي تعتبر من الشركات الأعلى قيمة في العالم (بسقف سوقي يبلغ 121 تريليون دولار على حين تبلغ ثروة سوفت نفسه 110 مليارات دولار) فإن بيل جيتس قرر التنحي عن مجلس إدارة مايكروسوفت وكذلك تنحيه عن عضوية مجلس إدارة شركة (بيركشاير هاثاواي) وهى شركة قابضة تدير عدة شركات فرعية.

والسبب الذي أعلنه جيتس ليس رغبته في أن يخلد للراحة ويتقاعد ليمضى وقته في إنفاق تلال ماله الكثير ويتمرغ في إجازة على شاطئ الكاريبي مثلا أو التجوال في المياه الدافئة بنزهات فخمة على ظهر يخت، ولكن بيل جيتس تنحى عن مايكروسوفت وغيرها رغبة منه في التفرغ لشئون الصحة العالمية والتنمية والتعليم والمشاركة في معالجة موضوع تغير المناخ، يعنى هو يتنازل عن إدارة إمبراطوريته المالية بعد أن أصاخ السمع لصوت ضميره الذي أملى عليه ضرورة الاهتمام بالآخرين الذين يعيشون معه ويقاسمونه الهواء الذي يتنفسه.

وطبعا أنا لا أقارن حالة بيل جيتس بأقطاب المتمولين والرأسماليين الآخرين في العالم، كما لا أذكره في مجال وخز الرأسماليين المصريين المتبلدين واستفزازهم ودفعهم إلى أن يكونوا أكثر إنسانية، وأن يستمعوا إلى أصوات ضمائرهم، ولكنني أتكلم عنه في مقام التذكير بأحد واجبات الرأسمالية التي نحتاج إلى أدائها، ووفقًا لآليات مستدامة منتظمة، والتي أطالت الرأسمالية المصرية تجاهلها أو تشاغلت عنها، وللأسف فقد تركنا ثقافة تجاهل الواجب الاجتماعي للرأسمالية تزدهر في بلدنا حتى شارفنا وضعا أسسنا فيه لثقافة رأسمالية عشوائية ومتوحشة، وأنا هنا لا أنزع إلى التعميم، ولكنني أقول إن هذا هو الاتجاه الغالب، كما لا أطالب أبدًا بهيمنة فكر المصادرة أو التأميم، فهذه أشياء دخلت متحف التاريخ ولن تعود، ولكنني أطالب فقط - وسأستمر في المطالبة - بتطبيق نظام الضرائب التصاعدية كما في اسكندنافيا وبريطانيا، هذا أمر يحفظ حق المجتمع وحقوق الفقراء، ويشيع فقه المسئولية الاجتماعية للرأسمالية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
بلا ضمير وبلا وعي

علي الرغم من أن نظريات الإعلام والحرب النفسية والدعاية السوداء اختلفت كثيرا منذ أيام الحرب العالمية الثانية وحتي اليوم فإن بعض نصوصها (وبالذات التي لا

الابتعاد الاجتماعي

على الرغم من كل ما تعلنه إدارة الرئيس الجمهورى الأمريكى دونالد ترامب تباعا عن أزمة تفشى فيروس كورونا، وأنها أجرت مليونى اختبار على مواطنيها، وعلى تسعة

وقفات التصفيق

من أكثر المشاهد نبلا وجمالا فى تجليات مواجهة أزمة الحرب ضد فيروس كوفيد ـ 19 (كورونا) مظهر التحية التى اخترعها مواطنون حول الكوكب لتحية الأطقم الطبية والأطباء

موهبة ثقل الظل

لا يشغلنا الاجتياح الوبائي الذي سببه فيروس كورونا في كل أنحاء الكوكب، عن متابعة تحركات الأشرار الذين يتربصون ببلدنا الدوائر حتى في مثل ذلك الظرف الصحي

رؤية كيسنجر

على أننى لم أك يوما محبا أو حتى متعاطفا مع ما يقوله هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، (مع إقرارى بالطبع بوزنه وأهميته وموهبته) فإن ما كتبه مؤخرا

هيجان الأثرياء

ما من مرة ندخل فيها ساحة ظرف وطني ضاغط ومؤلم ونطلب إسهام الشعب في مواجهته (وضمنه الأثرياء ورجال الأعمال)، حتى نجد أولئك الأثرياء يقاومون ذلك ويستميتون في رفضه والالتفاف حوله.

الأكثر قراءة