في البدء أوجه تحية إعزاز وإجلال للعيون الساهرة على أمننا وأماننا من رجال الشرطة وهم يحتفلون بعيدهم الـ٦٨، ذلك العيد المرتبط بتضحيات غالية قدموها بنفس راضية دفاعًا وذودًا عن تراب هذا الوطن وشرفه في مواجهة قوى الاحتلال البريطاني في معركة الإسماعيلية الشهيرة.
وعلى مدى تاريخها المشرف صمدت الشرطة المصرية أمام ما اعترضها من تحديات ومحن، وخرجت منها أكثر صلابة واصرارًا على مواصلة دورها البطولي في حماية أمن المواطن المصري، ومقدرات وثروات الوطن، وتابعت بخطوات ثابتة واثقة عمليات التطوير والتحديث في مختلف قطاعاتها، لمواكبة ما يستجد في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
ولم تفتر همة الشرطة المصرية يومًا، برغم ما صادفها من محاولات قادتها جماعة الإخوان الإرهابية وأذنابها لتشويه صورتها وتحجيم دورها، وسعت بنذالة منقطعة النظير لتفكيك هذه المؤسسة الوطنية العريقة تحت ذريعة إعادة هيكلتها، خلال العام الأسود الذي حكمت فيه الجماعة الإرهابية البلاد، لكن الشعب المصري كان لها بالمرصاد، وساند شرطته ورجالها وانتبه للمخطط الشرير الذي يُدبر لها بليل من قبل جماعة باعت الوطن وخانته، وتحالفت مع أطراف خارجية للإضرار به وبأمنه، ودعمت الجماعات الإرهابية التي اعتقدت أنه سيكون لها موطئ قدم في بلدنا.
لقد وقفت الشرطة المدنية كتفًا بكتف إلى جوار قواتنا المسلحة الباسلة كحائط صد منيع تحطمت عنده مخططات ومؤامرات الأشرار لتقويض أسس وثوابت الدولة الوطنية عبر استهداف مؤسساتها، لا سيما المسئولة عن المحافظة على الأمن، وفي مقدمتها القوات المسلحة والشرطة المدنية، فكل الجهد والشر كان متركزًا على هدم الدولة الوطنية وقواعدها الراسخة، لكي يتسنى للإرهابيين ومَنْ يُمولهم ويحركهم ممارسة أنشطتهم الهدامة بدون رادع ولا محاسبة.
ولم يفهم هؤلاء الأغبياء الساعون لهدم مؤسسات الدولة الوطنية أن الانتماء والولاء المطلق من عناصر الشرطة للوطن وليس لأحد سواه، وأن أفراد الشرطة وطنوا أنفسهم على التضحية بأرواحهم وهي أعز وأعظم ما يملكونه، حتى ينعم أهلنا بالسكينة والأمان، ويواصل وطننا مسيرته للتنمية والازدهار وبناء مستقبل يلبي طموحات المصريين والأجيال المقبلة، وتقطع أي يد تمتد لمصرنا بسوء وشر.
إن عيد الشرطة يظل شاهدًا ونموذجًا على العطاء غير المحدود لرجالات هذا الوطن، والتفاني في حماية مصالحه العليا، وصون المجتمع من شرور الجريمة، وتجارة المخدرات، وتهريب البشر، والمتاجرة في العملات الأجنبية خارج قنواتها الشرعية، والمساهمة في التخفيف من الأعباء الملقاة على عاتق المواطن المصري، بواسطة منافذ بيع المنتجات الغذائية واللحوم والخضر بأسعار مخفضة، ومستلزمات المدارس وغيرها من المنتجات.
فدور الشرطة ليس مقصورًا على مجابهة الإرهاب وتجفيف منابعه وروافده، لكنه ممتد ومتشعب في اتجاهات كلها تصب في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، وصيانة جهود التنمية والتعمير، انطلاقًا من إيمانها بتضافر مكونات ومؤسسات الدولة قاطبة لتحقيق هذه الأغراض النبيلة التي تحافظ على تماسك المجتمع ومعه الوطن، خصوصًا ونحن نعيش وسط منطقة مكتظة بعوامل التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار الذي فتت بعض دول الجوار؛ نتيجة استيطان جماعات الإرهاب والتطرف لها، واستباحة أراضيها وتخريبها ونهب ثرواتها من قبلهم وقبل المرتزقة الذين تدفع بهم بعض الدول، مثلما تفعل تركيا حاليًا بالجارة ليبيا.
وإن كنا في معرض الحديث عن الأهداف النبيلة، فإنها كانت حاضرة مع بدء ثورة الخامس والعشرين من يناير، قبل أن يسطو عليها مبكرًا الإخوان الإرهابيون الذين حولوا مسارها لخدمة جماعتهم وخططها الشريرة الخالية كلية من مراعاة مصلحة الوطن الذي لا يؤمنون ولا يكترثون به، ومستعدون للتفريط فيه لمن يدفع لهم دولارات أكثر، ويلاحقون مصرنا بشائعات مغرضة وأكاذيب وتقارير مغلوطة يسعون لترويجها لدى المنظمات والهيئات الدولية.
واكتشف القاصي والداني مدى حقارة وخسة هذه الجماعة التى تحركها شهوة السلطة، ويسلب المال عقول أعضائها المريضة، يتاجرون بالدين بوضاعة لا مثيل لها لخدمة أفكارها الشاذة التي تحيد عن صحيح الدين ووسطيته وطبائعه السمحة.
إن الملاحم التي سطرها السابقون من رجال الشرطة البواسل في 25 من يناير عام 1952 - وما بعدها - ستبقى محفورة في وجدان وذاكرة الأجيال المتعاقبة من أبناء وبنات مصر الذين يعتبرون عيد الشرطة عيدًا لكل المصريين.