Close ad
14-2-2019 | 15:08

تضافرت لمصر عدة عوامل وأدوات فاعلة مكنتها وبجدارة من العودة إلى موقعها المتميز والريادي في القارة الإفريقية، هذه العوامل المجتمعة كانت بادية من خلال إعراب قادة القارة السمراء عن حفاوتهم واستبشارهم بقيادة مصر الاتحاد الإفريقي، وبرؤيتها المستقبلية لإفريقيا، وأنها ستكون فارقة على أصعدة عديدة، منها إعادة هيكلة هذا التجمع الإقليمي المهم، وأن يتحول لمنصة تعزز من الحضور الدولي للقارة السمراء، وأن تنبع الحلول منه لأزماته، بدلًا من ترقب تدخل أطراف من خارج القارة لا تراعي سوى مصالحها الذاتية فقط، ولا شيء غيرها.

استبشار وتفاؤل القادة الأفارقة بالقيادة المصرية ليس وليد العاطفة، ولا المجاملات الدبلوماسية المعتادة في مثل هذه المناسبات؛ لكنه ترجمة عملية لمعطيات ماثلة أمام أعينهم، ويرون أنها ستكون داعمة لتطلعاتهم في بناء مستقبل واعد لقارة كُتب على جبينها أن تكون دائمًا مطمعًا للقوى الكبرى، نظرًا لغناها بالثروات، وأن تعاني من ويلات وتوابع الحروب والصراعات الداخلية التي تسببت في حرمان بعض دولها من نعمة الاستقرار والأمن، وألا تثمر جهودها التنموية عن حدوث طفرة كبيرة في حياة مواطنيها؛ تجعلهم لا يلقون بأيديهم إلى التهلكة؛ ببحثهم عن وسيلة للهروب إلى أوروبا والولايات المتحدة، ظنًا منهم أنهم سينعمون بحياة أفضل.

وتقديري الشخصي أن الحاكم والموجه في الارتياح الشديد لتولي مصر دفة قيادة الاتحاد الإفريقي ليس فقط الإرث التاريخي لمصر الذي نعتز به ولا ننكره ولا نقلل من قيمته، بقدر ما هو مبني على حقائق الحاضر واستشراف المستقبل، ويتصدرها أن مصر أضحت نموذجًا للإنجاز المتقن في وقت قليل، لا سيما على الصعيد الاقتصادي والمالي، والأمني، والصحي، وقبل هذا وذاك نجاحها الفائق والمبهر في المحافظة على الدولة الوطنية وتماسك مؤسساتها، والحيلولة دون انزلاقها لمستنقع الانهيار والتناحر الداخلي، والتصدي بحسم للتطرف والإرهاب وروافده.

ويتابع القادة الأفارقة كيف استعادت مصر وضعها على الساحتين الدولية والإقليمية بانتهاجها دبلوماسية جديدة غيرت من وجهات نظر الدول الأوروبية وأمريكا حيال ما جرى ويجري فيها، وجزء من التوجه المصري في هذا السياق كان معتمدًا على الندية في خطابها مع الغرب، وأنها صاحبة حق وتدافع عن الأسرة الدولية مجتمعة بمحاربتها الإرهاب، وأنه على الغربيين القيام بدورهم في محاربته بعدم توفير الملاذات الآمنة لشخصيات وكيانات تدعم الإرهاب، كل هذا وغيره جعل صوت مصر عاليًا ومسموعًا، وهو ما تطمح أن تحققه أيضًا القارة السمراء مستفيدة من الخبرة المصرية المتراكمة على مدار الأعوام الماضية وستوظف مهاراتها في هذا الاتجاه.

وما يزيد من اطمئنان وارتياح القادة الأفارقة أن مصر ترغب بشدة وبصدق في مساعدة إفريقيا، وتبادل المنافع والمصالح المشتركة بين الطرفين، ودفع عجلة التنمية المتعثرة منذ عقود فيها للأمام، فإفريقيا عامرة بالفرص والآمال العريضة، ومصر ستكون حارسة وحامية لكل ما يصب في مصلحة القارة السمراء، وفوق ذلك فإن الأفارقة يبحثون عن نموذج نجاح قريب منهم، ويحترم خصوصيتهم وأوضاعهم، ووجدوا ضالتهم المنشودة في النموذج المصري الذي يزداد قوة ورسوخًا بمرور الأيام.

كما أن القيادة المصرية رشيدة وتتسم بالاتزان والتعقل، وهو ما سيجعلها تتحرك في الاتجاهات الصحيحة والمفيدة للقارة السمراء ولشعوبها، وستكون حريصة على تحقيق نتائج ملموسة خلال العام الذي ستتولى فيه رئاسة الاتحاد الإفريقي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة