يلقبها رواد مواقع التواصل بـ"سترونج إندبندت ومان".. 5 أدوار كانت تنتظر سناء جميل | صور

هناك مواهب لابد أن تستوقفك في حياتك، فوجودها لا يمكن أن يكون عابرًا على مرمى سمعك وبصرك، فما بالك إذا كنت تتعامل مع حالة خاصة متفردة لا يمكن أن تمل من مشاهدتك لأعمالها.. حالة توحدت مع الفن الذي رفضت فيه تطويع ذاتها لآراء وتقاليد العائلة الصارمة.. حالة صنعت لذاتها التحدي والاستقلال فأصبح اسمها يندرج في مصاف النجوم العالميين أصحاب المدارس المخضرمة في التمثيل.

سناء جميل ليست مجرد فنانة ورد اسمها في الوسط الفني وتركت بصمة من خلاله بل إنها بمثابة روح تسكن داخل شخصياتها التي تقدمها وفي قلوب بل عقول من يشاهد أدوارها، التي لا يمكن أن يكون أحدها شبيهاً بالآخر، وربما كان لمولدها "27 أبريل" في صعيد مصر "المنيا"، أثره في صناعة شخصية قوية وجريئة فنيًّا لم تستلم لأدوار العاشقة أو الفتاة الرومانسية الحالمة، التي كانت تسيطر بقوة على الساحة السينمائية في تلك المرحلة، التي انطلقت معها في الخمسينيات من القرن المنصرم، بل إن تمرد الراحلة على مثل هذ الشخصيات كان واضحًا فيما قدمته من أدوار لعل أبرزها والذي صنع شهرتها أيضًا شخصيتي "نفيسة" في فيلم "بداية ونهاية" و"حفيظة" في "الزوجة الثانية".

‏"strong independent women" هذا المصطلح التعبيري الذي باتت المرأة تستخدمه بقوة في السنوات الأخيرة، وأصبحت سناء جميل صاحبة أشهر "كوميكس" يتم تداوله عبر الصفحات النسائية مدون عليه عبارة "أول سترونج إندبندت ومان"، وتصاحب ذلك صورة سناء جميل في شخصيتها الشهيرة "فضة المعداوي" ضمن مسلسل "الرايا البيضا"، والحقيقة أن سناء بالفعل "امرأة قوية ومستقلة" كما هو ترجمة المصطلح فقد اختارت أن تضحي بأمومتها من أجل الفن، وعاشت حياة وظروف متخبطة بعد تخلي عائلتها منها بعد دخول هذا المجال، فليس هناك أقوى من تلك التجربتين ليشكلا مسارًا مختلفًا في حياة الراحلة التي عشقت الفن وتوحدت معه.

"ثريا يوسف عطا الله" هو اسمها الحقيقي، والحديث عن التركيبة الفنية أو مدارس الأداء التي تقمصاتها وما يندرج تحتها من احترافية وعدم مبالغة أو تكلف في الأداء، لا يسع مثل هذه السطور شديدة الضآلة أمام موهبة كبيرة بحجم سناء جميل. ولكن على الجانب الآخر فإن عبارة "strong independent women" لعلها تفتح المجال للتخييل إذا كانت الراحلة مستمرة معانا على قيد الحياة في الوقت الحالي، ويكون التساؤل الأهم هنا ما الذي كانت ستقدمه سناء جميل للمرأة في وقتنا هذا؟

الواقع يشير إلى أن قضايا المرأة كثيرة، وحياتها في السنوات الأخيرة زادت من تفاقم مشكلاتها ولكن هناك محطات أساسية كانت ستوضع في دائرة الاهتمام لأعمال الراحلة كان لابد أن تتحدث عنها.

من بين هذه القضايا أو المشكلات "أزمة المرض" تحديدًا "سرطان الثدي" الذي أصبح الأزمة الرئيسية في حياة أكثر من ٦٠ بالمئة من نساء مصر، فلم تكن الراحلة ستمر مرور الكرام على هذه القضية خصوصًا وأنها أصيبت بالسرطان في نهاية رحلتها الأمر الذي كان سيجعلها قريبة من تجسيد هذا الدور إذا كان القدر أمهلها الاستمرار على قيد الحياة فقد عاشت التجربة بحذافيرها.

"العنف ضد المرأة" قضية أخرى انتشرت بقوة في العقود الأخيرة من الألفية الجديدة ما جعل المرأة تحمل كثير من التمرد تجاه الرجل، والشخصية القوية التي بدت عليها سناء جميل في كثير من أعمالها وحياتها الخاصة في تحديها لعقبات الحياة كانت أيضًا ستجعلها كثيرة الاهتمام بهذه القضية فالعنف ليس مجرد إشارة للضرب والإهانة ولكن للتضييق على المرأة في كثير من الأمور كما حدث واتخذت عائلتها منها موقف عنيف بعد إصرارها على العمل بالفن.

"المرأة بعد سن اليأس" وهي الشخصية المنسية دائمًا في أقلام الكتاب وما يقدمونه من قضايا تتعلق بالمرأة بالرغم من أن هذه الشخصية شديدة الثراء الدرامي وتهتم بها الدراما الأجنبية في كثير من أعمالها، وربما كانت الراحلة ستبحث عن مخرج لتقديمها لكونها تركيبة شخصية غنية بالتفاصيل الدرامية فالراحلة لم تكن تستهلك موهبتها إطلاقًا في تقديم أدوار تملأ بها الشاشة وتثبت بها وجودها أو تصبح مجرد "تكرار" لما قدمه غيرها في أدوار الأمومة وغيرها.

‏" "strong independent women" في شكلها الجديد وليست فضة المعداوي كما كانت بالماضي، ففي ظل تقلد المرأة للعديد من المناصب المهمة بالدولة حتى إن هناك نسبة كبيرة من الشخصيات النسائية تتقلد منصب "الوزير" في وقتنا هذا كما أن هناك بروزًا لكثير من سيدات الأعمال وغيرهم من الناجحين في مجالات مختلفة بالحياة.

"أم الشهيد" في ظل تزايد شهداء الوطن  من رجال الأمن في الشرطة والجيش على وجه التحديد  فى حربهم ضد الإرهاب الأسود كان من الممكن بل الضروري أن تقدم الراحلة دور الأم لأحد هؤلاء الشهداء فالساحة الدرامية تحتاج لأعمال ترصد هذه العلاقة وليس مجرد مشهد يتم دسه داخل الأعمال فقط، لذلك فالعلاقة بين الأم والبطل الشهيد تمر بمراحل كثيرة من المؤكد أنها تصنع وتشكل شخصية "الضابط" ولأن سناء جميل لم تكن بالفنانة التي تقدم دور الأمومة فحسب وفي كل مرة أقدمت فيها على هذا الدور كانت تقدمه في شكل يختلف عن سابقه فكان من الضروري والمهم أن تقدم الراحلة دورًا عن "أم الشهيد" في وقتنا هذا.