Close ad

الأمريكيون يقودون التمرد على الإعلام العالمى

2-2-2021 | 11:07
الأمريكيون يقودون التمرد على الإعلام العالمىمتظاهرون ألمان يرفعون شعارا يحاكى شعار ترامب بجعل ألمانيا عظيمة مرة أخرى فى برلين
هند السيد هانى
الأهرام اليومي نقلاً عن

حركة تمرد تجتاح العالم الغربى. فقد دفع فيروس كورونا عشرات الآلاف للخروج ضد حكوماتهم فى مدن أمريكا وعواصم أوروبا متهمين سلطاتهم بنشر الخوف بين الناس من أجل السيطرة عليهم، رافعين شعارات تطالب دولهم بوقف الكذب، ومطالبين بـ«الحرية». سمت وسائل الإعلام العالمية المظاهرات بـ «المناهضة لحالة الإغلاق والرافضة لارتداء الكمامات». لكن الواقع أن كورونا كانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، فالانتفاضة التى تشهدها شوارع الولايات المتحدة وأوروبا تناهض فى الواقع تلاعب النخبة ووسائل الإعلام بهم. ووصف المتظاهرون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بـ«دمية» الدولة العميقة والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بـ«قطعة شطرنج»، حسبما نقلت شبكة «يورونيوز» الإخبارية.

موضوعات مقترحة

كان الإعلام العالمى يتحرج من تسليط الضوء على رفض المتظاهرين لـ«المؤامرة على شعوبهم»، ووقف مكبلا أمام انتشار أعلام حركة «كيوأنون» –التى انطلقت شرارتها من الولايات المتحدة- بين المتظاهرين فى عواصم ومدن أوروبا، لتصبح حركة عالمية. وتتهم حركة «كيوأنون»- التى ظهرت فى عام 2017 على شبكة الإنترنت - نخبة من الأفراد بالتحكم فى العالم وأن الرئيس السابق دونالد ترامب يخوض قتالا ضدهم. وذكرت شبكة «يورونيوز» الأوروبية أنه فى عام 2017 تم رصد انتشار مطالب «كيوأنون» بين 5 ملايين مستخدم حول العالم على موقع «تويتر» وحده، بينما سجل عام 2020 نحو 12 مليون تغريدة على تويتر مؤيدة لـ«كيوأنون» حول العالم.

ومع انتقال حشود «كيوأنون» من العالم الافتراضى إلى أرض الواقع، كانت المواجهات بين المحتجين وقوات الشرطة فى برلين ولندن وباريس وميلانو وأمستردام ومدن أخرى، تأخذ شكلا عنيفا. وفى مشهد يعيد إلى الأذهان ما جرى فى «الربيع العربى» قامت السلطات فى أوروبا بحملات اعتقال شملت المئات من عناصر هذه المظاهرات على مدى عام 2020. وأدرجت السلطات الأمريكية حركة «كيوأنون» ضمن فئة «الإرهاب المحلى»، ولجأت كبريات شركات التكنولوجيا إلى حذف التعليقات وغلق المواقع والصفحات الإلكترونية التى تروج لـ «الأفكار الغريبة»، إلا أن ذلك لم يوقف انتشارها.

مشهد غريب فى دول طالما نظرت إليها شعوب العالم على أنها “قلاع للحريات”. أصبحت شعوب أمريكا وأوروبا وكأنها تنظر لنفسها فى المرآة للمرة الأولى للتعرف على نفسها. فقدت ثقتها فى حكوماتها وإعلامها. وبدأت فى البحث عن مصادر جديدة للخبر أمام ما يمارسه الإعلام العالمى من تلاعب بالصورة. وتقع الولايات المتحدة فى عين العاصفة، خاصة لتداخل خيوط «الأزمة» مع نتائج فوز الرئيس جو بايدن فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر الماضى. فضلا عن ظهور تيارات وحركات جديدة فى الساحة الأمريكية لا تجد من يعبر عنها بصدق فى الإعلام، مثل تلك الخاصة بمناهضة منظمة «ايباك» (لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية)، وهو ما وصفته وسائل إعلام عالمية بـ«معاداة السامية».

نبذ ملايين الأمريكيين شبكات إخبارية شهيرة مثل «سى إن إن» وصحفا وقنوات ذات صيت عالمى، واتجهوا لوسائل إعلام وليدة أو مهمشة لمتابعة الأحداث كما يرونها هم. وبحسب استطلاع للرأى أجرته مؤسسة جالوب عام 2012، فإن 60% من المشاركين فى الاستطلاع تنعدم ثقتهم أو تقل فى وسائل الإعلام.

وقد وصف الإعلام التقليدى منافسيه الجدد بـ«الإعلام اليمينى»، نظرا لتأييد اليمينيين لترامب. أصبح هناك عالم موازٍ يصارع من أجل الحياة أمام وسائل الإعلام التى تركزت ملكيتها فى يد الخمسة الكبار، وهم: 1-شركة «ايه تى &تى» التى تملك عشرات وسائل الإعلام فى مقدمتها «سى إن إن» و«وارنر بروس». وقد حققت عوائد عام 2019 بلغت أكثر من 181 مليار دولار. 2- شركة «كومكاست» وتمتلك مجموعة ضخمة هى الأخرى من بينها محطة “إن بى سى” وحققت عوائد عام 2019 تجاوزت الـ108 مليارات دولار. 3- شركة «والت ديزنى» وتمتلك محطة «إيه بى سى» و«ناشيونال جيوجرافيك» على رأس قائمة طويلة محققة عوائد تقترب من الـ70 مليار دولار. 4- شركة «فياكوم سى بى إس» وتمتلك حزمة من وسائل الإعلام المختلفة فى مقدمتها محطة « سى بى إس» و«برامونت نتوورك»، بحصيلة تقترب من 28 مليار دولار عام 2019. 5- «فوكس كوربوريشن» التى تمتلك مجموعة فوكس فى الإذاعة والتلفزيون بحصيلة تزيد على 11 مليار دولار لعام 2019. وفى مجال تكنولوجيا الإنترنت هناك 6 شركات عملاقة تهيمن على هذه الصناعة هى : «ألفابت»، و«أبل» ورجل الأعمال جيف بيزوس (مالك صحيفة واشنطن بوست)، و«مايكروسوفت»، و«نتفليكس»، و«فيسبوك». والشيء ذاته ينطبق فى مجال الصحافة .

وتعود جذور الأزمة الراهنة فى الإعلام الأمريكى إلى عام 1996، حينما وقع الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلنتون قانون الاتصالات الذى رفع الحظر على الجمع بين ملكية وسائل إعلام متعددة فى منطقة محلية معينة. وأسفر هذا التشريع عن صفقات دمج واستحواذ للشركات الكبرى فى مجال الإعلام. وهو ما نتج عنه انخفاض ملكية الأقليات لمحطات التليفزيون إلى أدنى مستوى، كما انخفض التنوع الديموجرافى للموسيقى على سبيل المثال . ويذكر أنه خلال عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، قامت شركة كيوميولس ميديا، ثالث أكبر مالك لمحطات إذاعية فى الولايات المتحدة، بمنع إذاعة أعمال فرقة «ديكسى تشيكس» الموسيقية بعد أن انتقدت ناتالى ماينز، أحد نجوم الفرقة، حرب العراق. وفى مثال آخر، رفضت بعض الشركات إذاعة إعلانات رافضة لحرب العراق.

لكن مجئ ترامب إلى السلطة فتح الطريق أمام بعض وسائل الإعلام الصاعدة التى تعبر عن الرأى الآخر الحقيقى فى أمريكا، بعيدا عن التنوع المزيف فى وسائل الإعلام الأمريكية. وتحتل محطتى «أو إيه إن» و«نيوزماكس» صدارة المشهد بعد أن سحبتا البساط من تحت أقدام«فوكس نيوز» التى تعتبر القناة الإخبارية الأكثر مشاهدة فى الولايات المتحدة، حسبما نقلت صحيفة «ذا جارديان» البريطانية. فتمكنت «نيوز ماكس» من جذب ما بين 700 إلى 800 ألف مشاهد يوميا لبرامجها المسائية- منذ انتخابات الرئاسة- فى الوقت الذى تهاوى فيه عدد مشاهدى «فوكس نيوز» من 67% إلى 54%. وفاق مشاهدو البرنامج المسائى الرئيسى لـ«نيوزماكس» نظيره على «فوكس نيوز». وضع مماثل ينطبق على «أو إيه إن» وموقع «برايتبارت» الإخبارى الإلكترونى وموقع «بارليه» للتواصل الاجتماعى الذى شهد زيادة فى عدد مستخدميه عقب الانتخابات من ٤٫٥ مليون إلى 9ملايين شخص.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: