في الوقت الذي أبدى بعض اللاجئين على الحدود التركية اليونانية رغبتهم بالعودة إلى حيث جاءوا، عاد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من جديد إلى خطبه الشعبوية التصعيدية، مكررًا تصريحاته التي سبق وأدلى بها الخميس قبل الماضي حينما وصف أوروبا بالمنافقة جدا في موضوع المهاجرين.
موضوعات مقترحة
حيث سارعت لمد يد العون إلى اليونان بتقديم 700 مليون يورو، بينما تجنبت تقاسم الأعباء مع تركيا"، وها هو ينوه مجددًا إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدت بتقديم 25 مليون يورو لبلاده لدعم مئات الآلاف السوريين الذين نزحوا إلى أراضيه، ولم يتم تنفيذ ذلك بعد"، ودون توخي الحذر وقع في المحظور فكلامه لم يكن عصيًا على التفسير، بيد أنه أكد الانطباع الذي تبناه الأوروبيون ورددته ولازالت وسائل إعلامهم وهو أن أردوغان يسعي لابتزازهم.
صحيح أنه كان قد أبدى قدرا من المرونة، وهو في طريقه لبروكسل الإثنين الماضي مخففًا نبرته التصعيدية، على أمل في أن يظفر بنتائج مختلفة والدعم السخي، إذ لم يعد فتح الأبواب محسومًا، كما أعلن قبل أسبوعين، فخفر السواحل بمدينة "أدرنه" غرب الأناضول قالوا أنهم تلقوا أوامر من رئيس الدولة بمنع المهاجرين بالوصول لبحر إيجه وعبورهم للجزر اليونانية.
ومع فشل مباحثاته التي لم تحرز أي تقدم وعجزه في أن يقتنص ما أراده من أموال ليس ذلك فحسب بل إصرار أورزولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، على أن اليونان تمثل درعاً لحماية أوروبا، في رد مباشر على عمليته العسكرية التي اسماها "درع الربيع" في سوريا ، أصدر تعليماته باستمرار زحف الحالمين بالوصول إلى القارة العجوز بل وتوجيههم نحو المسالك التي يجب أن يسلكونها، وهذا ما أشار إليه رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس عندما قال إن تركيا "ساعدت بشكل ممنهج الأشخاص، بالبر والبحر، في محاولاتهم للعبور إلى بلاده "، الأسهل أختراقا مقارنة ببلغاريا التي زودت حدودها البالغ طولها 259 كيلومترا بأسوار وكاميرات حرارية، وطبيعي أن يعبر وزير دفاعها كراسيمير كاراكاتشانوف، عن ثقته فيما تم اتخاذه قائلا:"إن تركيا لم تسمح لمهاجرين بالتوجه صوب دولته التي اتخذت الإجراءات اللازمة لحماية الحدود قبل بضعة أعوام حتى "انعدم" تأثير الضغط من قبل المهاجرين".
أما لماذا كان الإخفاق ملازمًا لأردوغان فالأمر يعود لجملة أسباب في مقدمتها أن الساسة الأوروبيين ضاقوا ذرعا بمقولته التي لا يمل من ترديدها وهي أنه التزم برعاية اللاجئين، بينما هو ينتهك حقوق الإنسان للمواطنين الأتراك باستمرار، سواء كانو أكراد أو صحفيين وكذا المنتمين لأحزاب المعارضة بالإضافة إلى ذلك، فقد سئموا من دأب أردوغان المستمر على تحميل الاتحاد الأوروبي مسئولية جميع الأخطاء وفشل العلاقة مع تركيا.
وكرد فعل علي سلوكه هو وكبار معاونيه وخطابهم التحريضي ضد الاتحاد الأوروبي، بدا هناك استياء متزايد في أوروبا من الأساليب التي يستخدمها في التعامل معها يقوّض هذا التعاطفَ الجهود الرامية إلى مساعدته في إدارة أزمة اللاجئين، التي يرى الكثيرون أن جزءاً كبيراً منها ناتج عن إصراره على الإطاحة بالأسد من خلال دعم الميليشيات الجهادية المسلّحة ويبدو أن هناك منطقاً جديداً في التعامل مع أردوغان برز خلال السنوات القليلة الأخيرة يقول هذا المنطق إن على الرئيس التركي أن يتحمّل عواقب أفعاله.
في هذا السياق حرص مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الموازنة يوهانس هان بأن يشدد علي أن المساعدة المالية المقدمة لتركيا للاعتناء باللاجئين على أرضها قد تكون أقل من السابق وسوف يتوقف ذلك على مدى التزامها باتفاق الهجرة الذي ابرمته أنقرة في العام 2016، واستطرد أن الاتحاد الأوروبي سوف "يكون مستعدًا من حيث المبدأ لتقديم مزيد من المساعدة لدعم اللاجئين في حال أنهت تركيا "سياساتها الابتزازية" بالتهديد بإرسال المزيد من المهاجرين إلى بلدانه.
وسبق لاردوغان أن طالب بتعديل ذلك الاتفاق، والذي نعتته زعيمة الخضر في ألمانيا بالفاشل داعية إلى آخر جديدا يتلافى الأخطاء وهو ما يعني أن التعديل المحتمل سيكون به من الضمانات الكفيلة بحماية أوروبا بحيث يجنبها الوقوع كرهينة " تسقط مثل قطعة الدومينو إذا أطاح أردوغان به كما هو حادث الآن " أي أن سلاح الهجرة الذي أراد تصويبه لقلب الأوروبيين يمكن أن يرتد إليه.
وما يزيد من مأساوية المشاهد الحدودية المعاشة حاليا هو أن السوريين المتكدسين على تلك الحدود باتوا على قناعة "أن آمالهم في العثور على ملاذ في الاتحاد الأوروبي أصبحت تقع تحت رحمة ألوف المهاجرين الآخرين من الأفغان والباكستانيين المفترض أن لهم أوطان آمنة نسبيا ويقولون إن أغلب رفاقهم من المهاجرين ركبوا موجة الهجرة لأسباب اقتصادية ويدعون بعد ذلك أنهم سوريون.!".