قضى الصينيون أوقاتا صعبة خلال عطلة العام القمري الجديد، سادها الخوف والقلق من العدوى بفيروس كورونا الجديد، وعلى غير العادة أصبحت الشوارع خاوية تمامًا وخاصة أماكن الاحتفالات بالحدائق والساحات العمومية.
موضوعات مقترحة
وذلك رغم أن الحدائق كانت قد استقبلت 2.32 مليون زائر في بكين فقط العام الماضي، بعدما اتخذت الحكومة الصينية بجميع المقاطعات إجراءات لمنع التجمعات، وإغلاق مسارح العروض والمعالم التراثية العريقة مثل المدينة المحرمة وسور الصين العظيم في بكين، والمتاحف والمعابد التراثية والتقليدية، وعلقت المواصلات العامة في بعض الأماكن مع إرشادات تحذيرية بضرورة اتخاذ أساليب الوقاية بارتداء الأقنعة وغسل اليدين باستمرار وخلافه.
الفوانيس الحزينة
وبدأ مشهد بعض الأماكن حزينًا وقد زينت مسبقًا بالفوانيس الحمراء استعدادًا لإقامة العروض التقيلدية، وقضى المواطنون ليلتهم في المنزل مع الأسرة فترة العطلة التي تستمر أسبوعين كاملين، فيما انتاب القلق الأخرون الذين كانوا قد بدأوا خطتهم لقضاء العيد مع ذويهم في المقاطعات البعيدة خارج بكين وأماكن عملهم بالمدن الكبيرة، خاصة مع التشديد على حركة التنقل وإغلاق دخول وخروج بعض المدن مثل ووهان عاصمة مقاطعة خوبي مصدر انتشار الفيروس ومدن أخرى بالمقاطعة نفسها.
وذلك على الرغم من أن فترة عطلة العام القمري الجديد، عادة ما تشهد أكبر حركة هجرة على كوكب الأرض كله، حيث رصدت الإحصائيات خروج قرابة 800 مليون شخص في وقت واحد للسفر إلى داخل وخارج الصين؛ لقضاء العطلة والتنزه والسياحة، وتنظيم 3 مليارات رحلة بوسائل المواصلات خلال تلك الفترة الوحيدة التي يعود فيها العمال المهاجرون إلى منازلهم.
تمديد العطلة
وتدرس الحكومة الصينية في الوقت الحالي، تمديد عطلة العام القمري الجديد في محاولة لتقليص انتشار فيروس كورونا، الذي أودى بحياة 56 شخصا في الصين وأصاب ما يزيد على 1000 آخرين ولا يزال مستمرًا، حيث كانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قد عقدت اجتماعًا طارئًا برئاسة أمينها العام ورئيس الدولة شي جين بينج، وقررت تشكيل لجنة لمتابعة الوضع أول بأول، تلك اللجنة التي ترى في فترة العطلة الحالية فرصة مناسبة لمواجهة المرض والقضاء عليه.
تحديات العائدين
وتواجه الحكومة الصينية، تحديات حقيقية قبل عودة ملايين المسافرين إلى مدنهم ومنازلهم بعد نهاية العطلة الرسمية في ظل حالة الطوارئ التي أعلنتها في عدد من المدن وإغلاق حركة النقل بها، كما تثير عودة التلاميذ والطلبة إلى المؤسسات التعليمية مخاوف لدى أولياء الأمور من عدوى الإصابة بالفيروس، الذي لا تكون أعراضه ظاهرة في الأسبوع الأول من الإصابة به، إلى جانب تحدي استئناف الموظفين والعاملين لوظائفهم وما يتطلبه الأمر من تنقل في الحافلات العمومية ومحطات الميترو التي تعرف اكتظاظا يوميا.
ويعتمد التقويم الصيني التقليدي على دورتي الشمس والقمر، ولكل سنة في هذا التقويم الصيني القمري اسم محدد يطلق عليها اسم أحد الحيوانات، وهذه السنة الجديدة 4717 التي يقابلها عام 2020، تسمى سنة "الفأر"، ويحتفل قرابة خمس سكان العالم بالسنة القمرية الجديدة في الصين وعدد من بلدان العالم، خاصة في آسيا، وترجع الأصول التاريخية لتلك الاحتفالات لحوالي ثلاثة آلاف عام، حيث كان هدف التقويم مساعدة المزارعين على معرفة مواسم الزراعة المهمة، وخلال قرون من التقاليد الزراعية الصينية، كان عيد رأس السنة هو الفترة التي كان يمكن للمزارعين أن يستريحوا فيها من عملهم بالحقول.
نفاد السلع الغذائية
وقد شهدت الساعات القليلة الماضية، نفاد معظم السلع الغذائية بالمتاجر الكبيرة وسلاسل السوبر ماركت، في معظم المدن الصينية، حيث تسبب الخوف لدى الناس في النزول وشراء كميات ضخمة تكفيهم شهر كامل، في ظل عدم وضوح الرؤية وخوفهم من مد فترة الإجازة وتفشي المرض وعدم تمكنهم من الخروج فيما بعد، وخاصة وأن الجميع في إجازة ولم تجد سلاسل السوبر ماركت والمحلات إمدادات إضافية من السلع تكفي هذا الطلب الضخم.
إجراءات لمحاصرة المرض
الحكومة اتخذت إجراءات تستهدف محاصرة المرض وعدم استفحاله، حيث ذكرت وسائل إعلامية صينية، أن وزارة المالية خصصت إجمالي مليار يوان (نحو 145 مليون دولار أمريكي) لدعم مقاطعة هوبي في معركتها ضد الفيروس المميت.
ونتيجة الازدحام المفاجئ الذي شهده القطاع الطبي، قررت الحكومة بناء مستشفي جديدة في مدينة ووهان، تسع 6000 سرير، وذلك في وقت قياسي حددته الحكومة بأقل من أسبوعين، حيث إن مستشفيات المدينة التي تسع 4000 سرير أصبحت مكتظة بالمرضى.
وقد بدأت أعمال البناء في مستشفى هوهشنشان الجديدة عشية رأس السنة القمرية، أي يوم 24 يناير الجاري، وستكون جاهزة لاستقبال المرضى في موعد أقصاه 3 فبراير 2020، حيث تنازل العمال عن الاحتفال بالعيد مع أسرهم واجتهدوا في أعمال البناء.
ومن المقرر أن يستفيد المستشفى الخاص من خبرات مستشفى "شياوتانجشان" في بكين الذي لعب دورا مهما في حملة مكافحة فيروس "سارس" عام 2003.
الجيش يتدخل
فيما تم إرسال 450 عاملا وطبيبا من العاملين في جيش التحرير الشعبي إلى ووهان، وأكدت وكالة أنباء "شينخوا" الرسمية أنه قد تم اختيارهم بعناية؛ حيث إنهم محترفون يتمتعون بخبرة في مكافحة فيروس سارس وفيروس إيبولا، وينقسمون إلى ثلاثة فرق بعثت بها الجامعات الطبية للقوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية للجيش.
ووصل الأطباء واالعاملون العسكريون إلى ووهان على متن طائرة عسكرية مساء الجمعة، حيث تطوعوا جميعا للقيام بالمهمة، وذكرت السلطات العسكرية أن الفرق مكونة من خبراء في الصحة التنفسية والأمراض المعدية والسيطرة على عدوى المستشفيات ووحدات العناية المركزة، سيتم نشرها في المستشفيات التي تضم أعدادا كبيرة من مرضى الالتهاب الرئوي المرتبط بفيروس كورونا الجديد في ووهان.
وقال تشو شيان تشي رئيس الجامعة الطبية التابعة للقوات الجوية، "أرسلنا أفضل العاملين لدينا في مختلف الأقسام الطبية. لديهم خبرة وافرة في مكافحة الأمراض المعدية"، مضيفا أن "بعضهم شارك في مهام كبرى مثل مكافحة فيروس سارس وكذلك مكافحة فيروس إيبولا في إفريقيا، فضلا عن أعمال الإنقاذ والإغاثة من الزلازل".
بيزنس الأقنعة
وقد شهد سوق بيع الكمامات والأقنعة طلبًا متزايدًا، خصوصًا وأن تعليمات وزارة الصحة تضمنت ضرورة ارتدائها ما أدى إلى ارتفاع أسعارها إلى أرقام خيالية، وتسبب ذلك في تدخل الحكومة لضبط تلك الأسعار ومنحت الأولوية لسكان مدينة ووهان.
فيما أظهرت تطبيقات التسوق الكبرى مثل تاوباو تجاوب إيجابي مع الأزمة ورفضت رفع أسعار الأقنعة والكمامات، وأصدرت بيان يطالب فيه جميع التطبيقات الأخرى بعدم استغلال الأزمة ورفع الأسعار.
فيما وجهت الحكومة شركات إنتاج الأقنعة والأدوية إلى إنشاء خطوط إنتاج جديدة مع ضمان الجودة وعدم رفع الأسعار، وخاصة شركة جيوتشوتونج المورد الرئيسي للأدوية للصيدليات، التي قالت إنها تبذل قصارى جهدها لضمان العمل الطبيعي خلال عيد الربيع، وأن العمل يسير على مدار 24 ساعة لتوفير الأقنعة والملابس الواقية وأقراص الكحول والمعقمات وغيرها من مستلزمات الوقاية من العدوى بالفيروس.
الصين تبني مستشفي في أقل من أسبوعين في ووهان