Close ad

"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون .. وبكين تضخ المليارات لإحيائه | صور

24-5-2019 | 05:09
الشاي والحصان طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون  وبكين تضخ المليارات لإحيائه | صور"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون
هانتشونج – الصين – محمود سعد دياب

دشنت الحكومة الصينية، مشروعًا جديدًا لإحياء طريق الشاي والحصان القديم، والذي كان يربط قديمًا منطقة جنوب غرب الصين بمنغوليا وروسيا شمالًا والذي كان أحد أفرع طريق الحرير القديم ولكن مخصص لتجارة الشاي، فقط الذي يصدره التجار الصينيون إلى مناطق الشمال التي لا تزرعه، مقابل بضائع أخرى مثل الفضة والعاج والذهب.

موضوعات مقترحة

يبلغ طول الطريق القديم أكثر من 10 آلاف كيلومتر ، وكان ينافس طريق الحرير لكنه كان مربوطًا به وصولا إلى مصر، ولكنه كان بالتأكيد أكثر صعوبة في السفر، حيث كان قليل من الناس في العصور القديمة يمكنه أن ينهي الرحلة بأكملها، حيث كانت رحلة خطيرة ومحفوفة بالمخاطر، وقد كان النقل صعب جدًا نظرًا لوجود الكثير من الجبال المرتفعة والمنخفضة، والتي لا يمكن تسلقها إلا عبر الطرق الضيقة المتعرجة، والأنهار السريعة التي تعبرها، وكان نقل العجلات أو المجاري المائية شبه مستحيل.

وفي ظل هذه الظروف، اكتسب الطريق هذا الإسم بسبب كون الخيول القوية هي الوسيلة الوحيدة القادرة على نقل البضائع عبر الطريق الصعب، كما أنها كانت تستخدم في صد هجمات البدو في الشمال، على القوافل التجارية، بحيث تكون جاهزة في الحالتين التجارة أو القتال.

استثمارات ضخمة
حي شينجهان الجديد بمدينة هانتشونج في محافظة شانشي وسط غرب الصين، أقيم على مساحة 30 كلم مربع تقريبًا باستثمارات تبلغ 200 مليار يوان صيني، في نفس المنطقة التي كانت تعتبر حلقة الوصل بين الجنوب الصيني والشمال وصولا إلى دول منغوليا والجنوب الروسي، حيث أقيمت جميع المباني في ذلك الحي على الطراز المعماري الصيني القديم، حيث تستهدف بكين من مشروع الحي تقديم وجبة سياحية وثقافية إلى مرتادي طريق الشاي والحصان الجديد، مع مشروعات تجارية عبارة عن أسواق كبيرة يتم تداول مختلف السلع فيها من الدول الثلاثة.

في كل ركن حكاية
وفي كل ركن فيه يحكي تاريخ طريق الشاي والحصان الذي تسعى الصين بالتعاون مع منغوليا وروسيا لإعادة إحياءه مرة أخرى، لتنشيط حركة التجارة والسياحة من خلال ممرات اقتصادية تعتمد في البداية على خطوط القطارات الكهربائية السريعة، بما يعود بالنفع على البلدان الثلاثة في إطار مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج عام 2013.

أحلام مشروعة
منذ عام 2016، عقدت الدول الثلاثة قمم مشتركة، بحثت خلالها كيفية تنشيط السياحة العابرة للحدود كمرحلة أولى، مع تقديم وتبسيط سياسات إصدار تأشيرات السفر للسياح، وإقامة مراكز معلوماتية لخدمتهم بالمدن الكبرى، كما تم التوقيع على سلسلة اتفاقيات تعاون كجزء من جهود دفع إقامة الممر الاقتصادي بين الدول الثلاث، منها عشرة مشروعات تعاون بين الصين ومنغوليا فقط بقيمة 1.4 مليار يوان "ما يعادل 220 مليون دولار أمريكي" .

وتغطي الاتفاقيات تدريب العاملين بالمجال السياحي وكذلك إنشاء منطقة فنادق ومنتجعات، ومد طريق سياحي يربط هوهيوت في محافظة منغوليا الداخلية الصينية، وأولان باتار وأولان أودي في منغوليا وإيركوتسك في روسيا.

مقترحات
وقد اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مد خطوط نقل الكهرباء بين الصين وروسيا عبر منغوليا، وإنشاء شركات مشتركة لوسائل النقل والخدمات اللوجستية، فيما اقترح الرئيس المنغولي تساخياجين البجدورج إنشاء خط لنقل الغاز من روسيا إلى الصين يمر عبر الأراضي المنغولية، والتي تتوافق مع خطة "ستيب رود" أو طريق البراري التنموية في بلاده، فيما تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بنقل خبرة بلاده في القطارات السريعة الكهربائية إلى الطريق الجديد للإسراع من تنفيذ المشروعات المقامة على جانبيه.

تحديات
وعلى الرغم من توقيع روسيا والصين ومنغوليا، مذكرات تفاهم واتفاقية إطارية لتسهيل التجارة الثلاثية واتفاقية اطارية للتعاون بشأن الموانئ للانتقال بينها، إلا أن المشروع برمته يواجه عدة تحديات أهمها أن الصين وحدها هي الجاهزة لتنفيذ الطريق في الجزء الواقع على أراضيها، فيما تعاني منغوليا من أزمات اقتصادية تسعى للخروج منها من خلال تنشيط السياحة، فضلا عن روسيا التي يعاني اقتصادها من العقوبات الغربية المفروضة عليها، ومن الواضح أن بكين سوف تقوم بنفس دورها التنموي في إفريقيا بتمويل مشروعات البنية التحتية بالدولتين بناء على قروض متوسطة وطويلة الأجل.

تلاقي ثقافي وديني آثاره باقية
قبل 2000 عام وعبر جبال سيتشوان ويوننان والتبت في جنوبي شرق وغرب الصين، كانت تمر قوافل تجارة الشاي قديمًا فيما كان يعرف بطريق الشاي والحصان أو طريق الحرير الجنوبي، الذي كان يضم 4 مقاطعات صينية وشبه القارة الهندية ودول نيبال ولاوس وتايلاند وميانمار جنوبًا، ومنغوليا وروسيا شمالا، وقد عمل على إحداث تلاقي ثقافي وديني بين آلاف الأعراق والقوميات بالمدن الواقعة على جانبي الطريق، خصوصًا أصحاب الديانة البوذية المنتشرون في تلك المناطق، ولا تزال أثاره باقية من جسور وممرات ومعابد بوذية وأسواق شاهدة على ذلك العصر.

أضخم تماثيل بوذا الصخرية
في الجزء الجنوبي لمحافظة سيشوان، لا يزال تمثال ليشان بوذا العملاق المنحوت في الصخر، شاهدًا على العصر الذهبي لطريق الشاي والحصان، حيث يقع عند نقطة التقاء ثلاثة أنهار بالقرب من مدينة ليشان في الصين، وقد بُني أثناء فترة حكم سلالة تانغ (618-907)م، ويعد أكبر تمثال لبوذا منحوت في الصخر في العالم، وقد أدرجته اليونسكو عام 1990 كموقع للتراث العالمي، حيث لم يتضرر من الزلزال الذي ضرب الصين عام 2008، ويقع على جانبيه "أكواخ البط"، وهي عبارة عن مطاعم صغيرة تقدم وجبات البط المشوي بلونه البرونزي حتى الآن للزائرين.

أدعية وحوافر خيول
على جنبات شبكة ممرات الطريق المتشعبة، لا تزال ظاهرة الجروح العميقة التي يبلغ طولها 70 سم في ألواح حجرية بسبب ختم حوافر الخيول على مر القرون، وهناك العشرات من القصص التي يرويها أهل المكان، كما تظهر سطور كاملة محفورة بجميع أنواع الكتب الدينية والشعارات، منها الأدعية الإسلامية، حيث ارتاد المسلمون ذلك الطريق أيضًا في القدم.

ثلاثة أديان في معبد واحد
وفي مدينة شاشي الصغيرة بمحافظة يونان أقصى جنوب غرب الصين، يجمع معبد يقع على الطريق الديانات الثلاثة الطاوية والبوذية والكونفشيوسية، وهو ما يعكس التراث القديم للمنطقة، عندما كانت قبيلة قوية تحكمها ويتقوم ببعض الطقوس إكرامًا للضيوف لا تزال حكومة المحافظة تقدمها للسياح لكن بطريقة مختلفة، وفي نفس المحافظة يقدم الأهالي الجبن المالح كعنصر أساسي في كل وجبة، وذلك لأن أهل المنطقة قديمًا كانوا يعيشون بالقرب من الجبال وليس لهم وظيفة إلا رعي الأغنام والبقر، وفي تلك الجبال يذهب السياح في رحلات سفاري تحت إشراف مرشدين من أهل المنطقة ممن هم على دراية بتضاريسها.

أقدم مناطق زراعة الشاي
ويُعتقد أن سيتشوان ويونان، أول مناطق إنتاج الشاي في العالم، حيث أشار السجل الأول لزراعة الشاي في العالم إلى أنه كان يزرع في جبل منجدينج في سيتشوان جنوبي محافظة شانشي، كما تم تداول منتجات الحرير من تشنجدو، فيما كانت البلدان الشمالية تصدر للصين الذهب والفضة والعاج، وعلي جانبي الطريق يتواجد أناس احتفظوا بعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم كما هي حتى بعد انتقال الصين من العهد الإمبراطوري إلى الشيوعي، إنهم بشكل أو بآخر الورثة العصريون للحكماء والموسيقيين والرسامين الذين كانوا دائمًا في تلك الأماكن يملأونها شعرًا وأدبًا وغناءًا ورقصًا على مدى مئات السنين، بجوار البيع والشراء.

مجوهرات رخيصة
في مقاطعة قانتسي التبتية ذاتية الحكم، يعمل أهلها في صناعة المجوهرات الذهبية والفضية منذ قديم الأزل، خصوصًا أبناء قبيلة الباي، وكانت نقطة مهمة على طريق الشاي والحصان، ولا تزال حتى الآن تقدم تلك المشغولات بأسعار رخيصة.

نهاية طريق الشاي والحصان
في عام 1957 شيدت الحكومة الصينية طريقي "يونان – التبت" و"تشونج شيانج" السريع، حيث تم نقل المواد والسلع عبر الطرق السريعة إلى مختلف أنحاء هضبة التبت، ما أنهى عملية نقل البضائع التجارية التي عفا عليها الزمن من قبل الإنسان والحصان على طول طريق الشاي والحصان القديم.


"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون

"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون

"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون

"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون

"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون

"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون"الشاي والحصان" طريق جمع جنوب الصين بروسيا لعشرات القرون
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: