ناقش المؤتمر السادس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية، والمعروف باسم "منتدى حوار الأديان"، الذي استضافته العاصمة الكازاخية أستانا على مدى يومين، قضايا السلام العالمي، في القرن الحادي والعشرون كمفهوم للأمن العالمي، وفرص جديدة لتعزيز البشرية، والعلاقة بين الأديان والعولمة، من حيث التحديات والمواجهات، إضافة إلى دور الزعماء الدينيين والسياسيين في التغلب على التطرف والإرهاب.
موضوعات مقترحة
كما تطرق المؤتمر الذي حضره سياسيين ونشطاء دينيين بارزين، وممثلي الديانات العالمية والتقليدية، في مقدمتهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أكثر المشاكل الإنسانية إلحاحًا في سياق العولمة، بما في ذلك حرية الأديان، واحترام ممثلي الديانات الأخرى ودور الزعماء الدينيين في تعزيز الأمن الدولي، والتهديدات والتحديات الجديدة التي يشهدها العالم حاليا.
مشاركة مميزة لشيخ الأزهر
من جانبه؛ اعتبر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في كلمته، أن حل أزمة عالمنا المعاصر يستوجب ضرورة العودة إلى الدين ومرجعيته، كحارس للأخلاق وضوابطها، ومنقذ لحل لأزمة عالمنا المعاصر، لافتا إلى أن عالمنا يعاني من أزمة شديدة التعقيد مركبة من الألم والتوتر والتوجس والجزع، وتوقع الأسوأ كل يوم.
وأشار شيخ الأزهر إلى أن الإرهاب ألصق بالإسلام وحده من بين سائر الأديان، مع أن التأمل الدقيق يوضح أن إمكانيات المنطقة التقنية والتدريبية والتسليحية، لا تكفي لتفسير ظهور هذا الإرهاب ظهورا مباغتا بهذه القوة الهائلة التي تمكنه من التنقل واجتياز الحدود والكر والفر في أمان تام، مشددا على أن الإرهاب ليس صنيعة للإسلام أو الأديان ولكنه صنيعة سياسات عالمية جائرة ظالمة ضلت الطريق وفقدت الإحساس بآلام الآخرين من الفقراء والمستضعفين.
نموذج فريد
وقد استطاعت كازاخستان أن ترسخ لنفسها نموذجها الفريد الخاص بمجتمع من الوئام بين الأعراق وبين الطوائف المختلفة، والمعترف به في جميع أنحاء العالم باسم "طريقة الكازاخ"، خصوصًا وأنه أصبحت هذه البلاد موطنًا مشتركًا لما يقرب من 130 عرقاً إثنيا، وأكثر من 40 طائفة مختلفة، مع تواجد أكثر من 3200 مسجد وكنيسة وأماكن للعبادة والصلاة وحوالي 4000 جمعية دينية.
ديانات متعددة في مكان واحد
وكان اللقاء الأول لزعماء الأديان قد عقد في العاصمة أستانا، والذي دعا إليه الرئيس نزارباييف، عام ٢٠٠٣ بحضور ١٧مؤسسة تمثل الديانات الإسلامية والمسيحية والبوذية والهندوسية واليهودية والشنتوية والطاوية، وممثلون دينيون من 13 دولة من قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.
وقد أدن المشاركون في منتدى حوار الأديان، بأشد العبارات الانتهاكات المستمرة والممنهجة لحقوق الإنسان، وانتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني من جانب المنظمات الإرهابية الدولية، كما شجب دعم وتمويل الإرهاب الذي يضرب الثقة المتبادلة والتعاون بين أتباع الأديان المختلفة وأتباع الدين الواحد.
وشجب البيان الختامي الذي أطلق عليه "إعلان أستانا"، كل أشكال الزج بالدين في الصراعات السياسية وكل مظاهر الأنانية والتعصب والقومية العدوانية ودعاوى التمييز، مشددًا على التمسك بسيادة الأخلاقيات العليا، ووحدة مساعي الدول نحو إقرار التعاون والاحترام المتبادل، من أجل استقرار ورخاء وأمن كل البشر.
ورحب المشاركون بنوايا مواصلة عقد مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية في عاصمة كازاخستان – أستانا، معلنين استعدادهم لتعزيز جهود زعماء الأديان العالمية والتقليدية، بشأن التوصل إلى استقرار طويل الأمد ومنع حوادث العنف بسبب الكراهية والتمييز الطائفي والعنصري.
وأعلن الإعلان، استعداد المشاركين لدعم تعاون زعماء الأديان مع المؤسسات الدولية والهيئات الحكومية والمجتمعية كفكرة أساسية، لتحقيق التوصيات والبرامج المهمة والملحة الرامية إلى ضمان الأمن الشامل في العالم، داعيًا إلى مساعدة كل المجتمعات والشعوب، بصرف النظر عن العرق والدين والمعتقدات واللغة والجنس، في امتلاك الحق الذي يتجزأ في الحياة السلمية.
حقوق متساوية
ودعا الإعلان إلى ضمان الحقوق المتساوية والحريات لكل المواطنين، مهما كان انتماؤهم العرقي واللغوي والديني والقومي والطائفي والاجتماعي، أو وضعهم المادي والوظيفي والتعامل مع الأخرين بروح الإخاء، مناديًا بضرورة دعم المبادرات والجهود المبذولة في مجال تعزيز الحوار بين الأديان والطوائف، كأحد المحاور الأساسية والهامة في جدول الأعمال الدولي لبناء نظام عالمي قائم على العدل ونبذ الصراعات.
وطالب الإعلان ضرورة التضامن مع كل المجموعات الدينية والطوائف العرقية، التي تعرضت لانتهاك حقوق الإنسان والعنف من جانب المتطرفين والإرهابيين.
حماية اللاجئين
ودعا المشاركون في البيان الختامي إلى دعم الجنود الرامية لحماية اللاجئين وحقوقهم وكرامتهم وتقديم كل المساعدات الضرورية لهم، مطالبين الشخصيات السياسية ووسائل الإعلام العالمية بالتوقف عن ربط الإرهاب بالدين، لأن هذه الممارسات تلحق الضرر بصورة الأديان والتعايش السلمي، وتضرب الثقة المتبادلة والتعاون بين أتباع الدين الواحد والأديان الأخرى.
وطالب البيان زعماء الأديان لنشر قيم الاسلام والتفاهم المتبادل والتسامح، في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، والتجمعات الأهلية، وبذل الجهود لمنع الاستفزازات والعنف في الأماكن المقدسة لكل الأديان، ودعم المؤسسات والمبادرات التي تعتبر حوار الأديان والحضارات أفضل وسيلة لبناء مجتمع مسالم وعادل.
دعم مركز نزارباييف
وطالب البيان بدعم إنشاء "مركز نور سلطان نزارباييف لتطوير حوار الأديان والحضارات"، كرمز للاعتراف بمساهمة الرئيس المؤسس لجمهورية كازاخستان في عملية التعاون الدولي من أجل السلام والوفاق، ورفض التفسير الخاطئ للتعاليم الدينية، وكذلك رفض تشويه القيم الدينية كذريعة تتخذها التنظيمات الإرهابية والمتظرفة لنشر فكرها، والمساعدة في تقديم الدعم للدول والزعماء السياسيين في تحليل ودراسة الأسباب الجذرية وراء ظهور التطرف الديني والإرهاب الدولي.
وطالب "بيان أستانا"، بضرورة التمسك بجعل كلمة الزعماء الدينين المؤثرين مسموعة بوصفها "صوت الحكمة"، واتفق المشاركون على عقد المؤتمر السابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في عام 2018 في قصر السلام والوفاق بمدينة أستانا عاصمة جمهورية كازاخستان.
جانب من مشاركة شيخ الازهر في منتدى حوار الاديان