Close ad

باحث يكشف لـ "بوابة الأهرام" خريطة الانتخابات التركية وتحديات كل مرشح وحزب قبيل ساعات من انطلاقها

23-6-2018 | 23:09
باحث يكشف لـ بوابة الأهرام خريطة الانتخابات التركية وتحديات كل مرشح وحزب قبيل ساعات من انطلاقهاالمرشحون للانتخابات التركية
محمود سعد دياب

ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاق عملية الاقتراع على منصب رئيس الجمهورية ومقاعد البرلمان في وقت واحد بتركيا، والتي يتنافس فيها عدد من المرشحين يتقدمهم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، وستة مرشحين آخرين، يأتي في مقدمتهم صلاح الدين تميرتاش، ممثل حزب الشعوب الديمقراطي المحسوب على الأكراد، ويخوض الانتخابات من داخل المعتقل، ويأتي بعده النائب محرم إينجه، ممثل حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، ثم دوغو بارينجاك، ممثل حزب الوطن، وميرال أكشينار مرشح حزب الخير، وقره ملا أوغلو مرشح حزب السعادة، ونجدت أوز مرشح حزب العدالة.

موضوعات مقترحة

حمادة إسماعيل شعبان مدرس اللغة التركية المساعد بجامعة الأزهر، شرح لـ "بوابة الأهرام"، تفاصيل الخريطة الانتخابية في بلاد الأناضول، مؤكدًا أن الانتخابات التركية الحالية مختلفة عن جميع سابقتها على مدار تاريخ تركيا منذ عهد كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة حتى الآن، لأنها الانتخابات الأولى التي يتم فيها انتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان في انتخابات واحدة وفي يوم واحد، وهى الانتخابات الأولى التي عقبها سيقوم من سينجح كرئيس للدولة بتشكيل الحكومة بشكل مباشر، وليس كالسابق يكلف رئيس الجمهورية رئيس الحزب الحاصل على أعلى الأصوات بتشكيل الحكومة، مضيفًا أن رئيس الجمهورية بعد هذه الانتخابات سيكون هو نفسه رئيس الحكومة، وأنها الانتخابات الأولى التي سيكون بعدها الوزراء ليسوا من أعضاء البرلمان.

وأضاف حمادة إسماعيل أن هذه الانتخابات تجربة جديدة على الشعب التركي بكل طوائفه وقومياته المتعددة، وكذلك تعتبر تجربة جديدة على الحياة السياسية والبرلمانية في تركيا، ولا يستطيع أحد الآن مهما بلغت خبرته وحنكته توقع نجاح هذه التجربة من عدمه، فالنجاح وعدمه فيها يحملان نسبًا متساوية.

صلاحيات الرئيس الجديدة
ولفت إلى أن الانتخابات الرئاسية هي التي تستحوذ على الاهتمام، أكثر من الانتخابات البرلمانية، على خلاف ما كان في السابق، مبررًا ذلك بأن الصلاحيات الجديدة لرئيس الجمهورية التي خولها له الدستور الجديد الذي تم إقراره في إبريل 2017، وبموجبه تحول النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي أعطي فيه رئيس الجمهورية صلاحيات أكثر من السابق، مضيفًا أن هناك تحديات كبيرة أمام الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات الرئاسية الحالية، وأن من يستطيع مواجهتها والتغلب عليها فإنه سيخرج من السباق بكرسي الرئاسة.

تحديات العدالة والتنمية
وأكد الباحث المتخصص في الشئون التركية، أن حزب العدالة والتنمية الحاكم ومرشحه الرئيس الحالي "رجب طيب أردوغان"، لم يخسر أي انتخابات دخلها منذ ظهوره على الساحة السياسية في تركيا عام 2002 وحتى الآن، معتبرًا أن ذلك يمثل التحدي الأكبر للحزب، فمنذ عام 2002 والحزب يسيطر على البلديات والبرلمان والوزارات المختلفة، فضلاً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد، الأمر الذي أدى إلى وجود جيل كامل في تركيا لم ير ولم يعرف كيف كان وضع البلاد قبل العدالة والتنمية، ولم يعرف ما قدمه الحزب من إنجازات، لأنه باختصار لم ير إخفاقات الآخرين وبالتالي لم يشعر بإنجازات الحزب.

وأضاف أن هذا الجيل عدد ليس بالقليل، خصوصًا إذا عرفنا أن سن من يُسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات يبدأ من الثامنة عشرة، وحزب العدالة والتنمية يحكم تركيا منذ 16 عامًا، أي أن جميع من يبلغ عمره 18 عامًا في البلاد كان في الثانية من عمره وقت صعود الحزب إلى السلطة، مضيفًا أن من سن 18 وحتى الثلاثين من الناخبين الأتراك لم يكونوا على وعي بالحياة السياسية التركية قبل العدالة والتنمية، إذ كان أكبرهم سنًا قبل ظهور العدالة والتنمية لا يزيد على عشرة أعوام، وهذا ليس سنًا ينشغل أصحابه بالعمل العام أو بالسياسة، ومن ثم من حقهم التفكير في التغيير ومنح فرصة للآخرين في إثبات أنفسهم.

الاضطرابات الاقتصادية
وأشار إلى أن التحدي الثاني الذي يواجه العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة هو الاضطرابات الاقتصادية التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة، وعدم ثبات قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، خصوصًا الدولار واليورو، وهذا الأمر قد استثمرته المعارضة، وسوقته بصورة جيدة سواء في الإعلام أو في خطابات المرشحين للرئاسة.

وأوضح أن ذلك ليس بالأمر البسيط، لأن بعض المتخصصين في الاقتصاد التركي يقولون بأن انخفاض قيمة العملة هو السبب الرئيسي للانتخابات المبكرة، حيث اعتادت تركيا على انخفاض قيمة العملة قبل أي إجراء ديمقراطي من انتخابات أو استفتاءات، لذلك تعجل الحزب الحاكم في إجراء انتخابات مبكرة حتى يُظهر أن انخفاض قيمة العملة بسبب الانتخابات وسيتم السيطرة عليه بعد إجرائها، كذلك العجز الذي سجله تدفق الاستثمارات الأجنبية في البلاد خلال العام الجاري، وخروج رءوس أموال أجنبية من البلاد كان له دور كبير في انخفاض العملة التركية.

أما التحدي الثالث الذي يواجهه الحزب الحاكم، فأكد أنه التحالف مع "حزب الحركة القومية" وتشكيله معه التحالف المعروف باسم "تحالف الشعب"، وهذا الحزب هو صاحب فكرة الانتخابات المبكرة، وهو حزب قومي يميني يمثل الفكر القومي التركي، ويعارض أي إصلاح يُمنح للأكراد ويؤدي إلى تقوية الهوية الكردية، ويعتبر حزب "الشعوب الديمقراطية الكردي" امتدادًا لـ "حزب العمال الكردستاني" ومن ثم يجب مواجهته، معتبرًا أن هذا يتنافى صراحة وبوضوح مع الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية، الذي يؤكد دائمًا أنه على مسافة واحدة من جميع من يعيش على الأراضي التركية دون النظر إلى قومية بعينها، وأنه هذا التحدي قد يُشعر بعض الأكراد بالقلق من المستقبل، وعدم مصداقية العدالة والتنمية في خطابه السياسي.

تحدي تبكير موعد الانتخابات
أما التحديات التي تواجه الأحزاب الأخرى المعارضة للعدالة والتنمية، فقال إن هناك تحديًا مشتركًا لجميع هذه الأحزاب وهو مفاجأة تقديم الانتخابات قبل موعدها بعام ونصف، الأمر الذي أصاب المعارضة بالتوتر والتشتت، وظهر واقعيًا أنهم كانوا غير مستعدين تمامًا لهذه الانتخابات، وكان أكثر المستفيدين من هذه المفاجأة هو الحزب الحاكم ومرشحه.

فتنة عبد الله جول
وأضاف أن هناك تحديات أخرى لكل حزب على حدة، فـ "حزب الشعب الجمهوري" واجه الكثير من التحديات أهمها إنهاء حالة التوتر بسبب مفاجأة الانتخابات، حيث كان هذا الحزب أكثر الأحزاب توترًا رغم إعلانه استعداده التام لخوض الانتخابات، مشيرًا إلى أنه في البداية حاول رئيس الشعب الجمهوري "كمال قليجدار أوغلو" إقناع المعارضة على الاصطفاف صفًا واحدًا في مواجهة حزب العدالة والتنمية، والوقوف خلف مرشح واحد يدعمه الجميع، ووافقت المعارضة على هذا المقترح، لكنهم اختلفوا حول الاسم الذي يستطيع منافسة العدالة والتنمية، ووقع الاختيار على "عبد الله جول" الرئيس السابق، وأحد أعضاء العدالة والتنمية السابقين، الأمر الذي أثار غضب القواعد الحزبية لحزب الشعب الجمهوري، وأحدثت لغطًا كبيرًا داخل الحزب لدرجة أن بعض الأعضاء أعلنوا صراحة أنهم سينتخبون "أردوغان" إذا رشح الحزب "عبد الله جول".

وأضاف الباحث بالشئون التركية، أن "حزب الخير" ومرشحته القوية "ميرال أكشنار"، رفضت هذا الاقتراح، وأعلنوا أنهم لن يرشحوا في المرحلة الأولى سوى "أكشينار"، وأنه في حالة الوصول إلى مرحلة إعادة الانتخابات فيمكن حينها الاصطفاف خلف المرشح المنافس لأردوغان، موضحًا أن المعارضة قبلت هذا الاقتراح ورشح كل حزب يمثل تيارًا مختلفًا، مرشحًا خاصًا به لتشتيت الأصوات والوصول إلى مرحلة الإعادة.

موقف محرم إينجه
وأضاف أن ترشيح حزب الشعب الجمهوري "محرم إينجه" الرجل القوي والمنافس الأبرز لكمال قليجدار أوغلو في الحزب، هدفه حرق إينجه سياسيًا، مؤكدًا أنه يعتبر التحدي الأصعب في حياته السياسية، إذ أن فشله في الانتخابات الرئاسية يعني كشف ثقله السياسي الحقيقي، ومساواته برئيس الحزب الحالي الذي فشل في منافسة العدالة والتنمية قبل ذلك، مشيرًا إلى أن التحدي الآخر الذي يواجه "محرم إينجه" هو تقديم صورة مختلفة عن الصورة النمطية لحزب الشعب الجمهوري في ذهن الكثير من الأتراك، من كونه حزبًا علمانيًا لا يُعير اهتمامًا للدين، ويسعى فقط لإزاحة أردوغان من السلطة، حتى إن استعان بأعضاء من حزب أردوغان نفسه، مشيرًا إلى أن هذا هو التحدي الأكبر أمام "إينجه"، الذي يحاول مواجهته عن طريق خطابه السياسي المتزن والمطمئن، والذي يُعلي فيه من قيمة الدين، وحديثه الدائم عن مستقبل الشعب التركي إذا أصبح رئيسًا للجمهورية.

تحديات حزب الشعوب الديمقراطية
أما حزب الشعوب الديمقراطية الكردية، فقال حمادة إسماعيل إن أمامه الكثير من التحديات التي قد تجعل نصيبه أقل في الانتخابات القادمة، حيث إن مرشحه "صلاح الدين تميرتاش" يقبع في السجن، ومن ثم لا يستطيع التحرك مثل منافسيه والقيام بحملات قوية يعرض من خلالها برامجه في الرئاسة، مضيفًا أن التحدي الآخر هو طبيعة الخلاف الحالي بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، وتسويق اليمينين القوميين الأتراك لفكرة أن أي تجمع كردي هو تابع لحزب العمال الكردستاني، ومن ثم فإن حزب الشعوب الديمقراطية هو امتداد سياسي للعمال الكردستاني، ومنفذ لبرامجه.

موقف حزب الخير
وأشار إلى أن "حزب الخير" ومرشحته "ميرال أكشينار"، هو الحزب الوحيد الذي لم تتغير مواقفه منذ ظهوره على الساحة التركية أكتوبر 2017 وحتى الآن، خصوصًا موقفه من ترشح "أكشينار" للرئاسة، موضحًا أنها سياسية بارعة شغلت منصب وزيرة الداخلية، ونائبة لرئيس البرلمان، وكانت أول سيدة تترشح للانتخابات الرئاسية في تاريخ تركيا، وانضمت لحزب الحركة القومية، وانشقت عنه بسبب تأييد الحزب للنظام الرئاسي، ومساندة العدالة والتنمية في الاستفتاء الأخير على الدستور.

"أكشينار" الأقل تشددًا بين اليمينيين
وأضاف أن "أكشينار" هى في وجهة نظر الكثيرين أقل تشددًا من اليمينين القوميين، وأنها تتبنى نفس وجهة النظر المحافظة التي يتبناها العدالة والتنمية التي كانت إحدى مؤسسيه، ومن ثم فهى تمثل منافسًا قويًا لا يُستهان به لأردوغان، وإذا استطاعت الوصول إلى جولة الإعادة فاحتمالات فوزها هى الأكثر "من وجهة نظره".

وأوضح أن "أكشينار" قد وعدت في خطاباتها أثناء حملتها الانتخابية بحل القضية القبرصية، وحل القضية السورية وإحلال السلام في سوريا وإعادة السوريين بأمان إلى بلادهم، كما تطرقت إلى قضايا أخرى، منها قضية المرأة والأطفال والفتاوى الدينية والبطالة واستيراد المحاصيل الزراعية، مضيفًا أن أهم التحديات التي تواجهها "أكشينار" هى إقناع الناخب التركي بانتخاب سيدة للرئاسة لأول مرة في تاريخه، فإذا نجحت في هذا التحدي فستكون بجدارة رئيسة تركيا القادمة.

فرص ضعيفة
وختم حديثه قائلاً، إن هذه هي التحديات التي ستقابل أبرز المرشحين الأتراك الذين يمكن أن يصلوا إلى جولة الإعادة في الانتخابات المقرر انطلاقها غدًا الأحد، أما باقي المرشحين مثل "تمل مولا أوغلو" مرشح حزب السعادة، و"دوغو برنشيك" مرشح حزب الوطن، ففرصهما في الفوز قليلة للغاية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: