في العاشر من مايو الجاري 2018 أعلنت هيئة الانتخابات نتائج الانتخابات التشريعية في دولة ماليزيا، بحصول "تحالف الأمل" بزعامة مهاتير محمد على 113 مقعداً من أًصل 222 في البرلمان، محققاً بذلك الأغلبية البسيطة المطلوبة لحكم البلاد. وذلك في أعقاب الهزيمة الساحقة لائتلاف "باريسان ناسيونال" والذي يقوده رئيس الوزراء السابق "نجيب عبد الرازق" ابن أحد الآباء المؤسسين لماليزيا، بعد 6 عقود من الحكم له.
موضوعات مقترحة
ما يعزز ذلك الفوز السخط الشعبي من تكهنات الفساد المرتبطة بنجيب. والذي يتهم هو وأسرته والمقربون منه بنهب مليارات الدولارات في فضيحة مالية تعود إلى عام 2015 مرتبطة بالصندوق السيادي، الذي أسسه عند توليه مهامه عام 2009 لتحديث ماليزيا. حيث يتردد أنه منذ عام 2015 تورطت حكومته بالكثير من تهم الفساد والتي تقدر بنحو 3.5 مليار دولار من الصندوق.
وقد امتد نشاط مهاتير السياسي لما يقرب من 40 عاماً منذ انتخابه عضواً في البرلمان الاتحادي الماليزي عام 1964، وسبق أن تولى رئاسة الوزراء في ماليزيا، فكان رابع رئيس وزراء لها في الفترة من 1981 حتى 2003، بعد أن استقال حسين أون من منصبه لأسباب صحية، والتي تعد أطول فترة لرئيس وزراء في الدولة وكذلك من أطول فترات الحكم في آسيا. وكان أول رئيس وزراء في البلاد ينتمي لأسرة فقيرة، وكان له دورًا في تحول ماليزيا من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من إجمالي الصادرات، وعند تقاعده في 31 أكتوبر عام 2003 حصل مهاتير على لقب "تون"، وهو أعلى تكريم لشخصية مدنية في ماليزيا.
ثم عاد بعد ذلك خلال عام 2018 بإعلان ترشحه في الانتخابات العامة ضمن تحالف "جبهة الأمل" ليفوز بأغلبية المقاعد ويتمكن من تشكيل الوزارة الجديدة ويُصبح رئيسا لوزراء ماليزيا من جديد، بعمر 92 عاماً ليصبح أكبر الحكام أعماراً في العالم. وخلال حملته الانتخابية تعهد مهاتير محمد بأنه سوف يقضي على الفساد واعتبره أولوية في فترة حكمه للبلاد. والتي بالفعل بدأ بتنفيذها منذ توليه مقاليد الأمور.
التصالح مع أنور إبراهيم
لجأ مهاتير لكي يتمكن من هزيمة نجيب إلى التحالف مع أحد أكثر أعدائه وهو أنور إبراهيم، سياسي ونائب رئيس وزراء سابق، لمع نجمه في مطلع التسعينيات كأحد أبرز القادة السياسيين في ماليزيا خاصة وآسيا عامة، وشغل منصب نائب رئيس وزراء ماليزيا ووزير المالية في عهد مهاتير محمد خلال فترة حكمه السابقة، وكان متوقعاً له أن يخلف مهاتير في قيادة التحالف الوطني الحاكم إذا لم ينشب الخلاف الذي وقع بينه وبين مهاتير في عام 1998. وحكم عليه بالسجن بتهمة الشذوذ الجنسي واستغلال السلطة، لكن في تحول ملحوظ تصالحا ووحدا أهدافهم بالإطاحة بنجيب.
وكان قد وعد إبراهيم بالتنازل له عن المنصب حين الفوز، ولكن فور إعلان النتائج أكد مهاتير بقاءه في الحكم لفترة عامين أو ثلاث.
وبعد أقل من 24 ساعة من تنصيبه رئيسًا للوزراء أعلن مهاتير، أن الملك وافق على العفو عن أنور إبراهيم، وأطلقت السلطات الماليزية سراحه في يوم الأربعاء 16 مايو 2018، بعد أن أمضى ثلاث سنوات بالسجن، بعد أن كان من المقرر أن يخرج في يونيو، وذلك بعفو ملكي يتيح له العودة إلى السلطة والذي من دونه كان يستوجب عليه الانتظار مدة خمس سنوات للعودة للحياة السياسية.
ملاحقة فساد نجيب
بعد أقل من 48 ساعة من إجراء الانتخابات التشريعية، تم منع رئيس الوزراء السابق، نجيب عبد الرازق، من مغادرة البلاد بعد إعلانه الاستقلال من رئاسة ائتلاف باريسان وأكبر أحزابه المنظمة الوطنية للمالاي المتحدين، وعقب مهاتير على ذلك بقوله "صحيح لقد منعت نجيب من مغادرة البلاد، فإن هذا الإجراء يجنب الحكومة من مشكلات مطالبتها اللاحقة لأي دولة بتسليمه"، وتابع "هناك دليل كاف على أنه يجب التحقق في أمور محددة قام بها رئيس الوزراء السابق وسيتم تطبيق القانون عليه إذا لزم الأمر". وتابع "هناك دليل كاف على أنه يجب التحقيق في أمور محددة قام بها رئيس الوزراء السابق وسيتم تطبيق القانون عليه إذا لزم الأمر"، كما قامت الشرطة الماليزية بمداهمة منزله بالإضافة إلى أربعة مبان أخرى ذات صله به، بعد أسبوع واحد فقط من خسارته في الانتخابات.
وقد تحصلت الشرطة على "72 حقيبة يد وتم الحصول على عملات عدة محلية وأمريكية وساعات ومجوهرات"، ويرجع بعضها لأسماء شهيرة على غرار "إيرمس" و "لوي فويتون"، بحسب عمر سينغ مسئول دائرة الجرائم المالية في الشرطة.
الضرائب
كما أوفى مهاتير بأول وعوده الانتخابية وهي إلغاء ضرائب السلع والخدمات التي تبلغ 6% ابتداء من يونيو المقبل.
ففي عام 2017 تحصلت ماليزيا على 11 مليار دولار إيرادات من ضرائب السلع والخدمات، لتصبح أكبر مساهم بعض ضرائب الشركات.
وكانت ماليزيا قد طرحت قانون الضرائب لأول مرة في ماليزيا في عام 2005، وحمل هذا القانون الكثير من السلبيات التي تم تفاديها في القانون الضريبي الذي فرض في أبريل عام 2015 على السلع والخدمات بنسبة 6% على جميع الشركات العاملة في ماليزيا والأفراد.
منع الهدايا
أيضاً طالب مهاتير محمد من المواطنين الماليزيين، أن تقتصر هداياهم إلى المسئولين في الحكومة مثل الوزراء على الورد والطعام، مضيفاً "أنا ممتن لكل من دعم ائتلافنا بالتبرعات، خلال الحملة الانتخابية، ولكن الآن انتهى وقت التبرعات وأدعو جميع الراغبين في التعبير عن دعمهم للحكومة الجديدة بتقديم الهدايا إلى تقديم الورد والطعام فقط للوزراء وموظفي الحكومة من الآن فصاعداً. كما طلبت زوجته من المهنئين ألا يرسلوا أي هدايا أخرى للعائلة.
كما أكد رئيس الوزراء الجديد أنه سوف يعمل على استرداد مليارات الدولارات التي تم تحويلها عبر عمليات "غسيل أموال" إلى دول خارجية أبرزها الولايات المتحدة وسويسرا.