Close ad

"فورين بوليسي" تكشف مصير الاتفاق النووي داخل عملية صنع القرار المعقدة في إيران

20-5-2018 | 07:01
فورين بوليسي تكشف مصير الاتفاق النووي داخل عملية صنع القرار المعقدة في إيران الاتفاق النووي الإيراني
شروق صابر

كشف موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكي، في تقرير مطول عن كيفية إدارة عملية صنع القرار في الداخل الإيراني، مؤكدًا، أنه فور إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم 8 مايو الجاري، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، توجهت جميع الأنظار إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية "علي خامنئي"، وما سوف يتخذه من قرارات تجاه تلك الخطوة. 

موضوعات مقترحة

مضيفًا، أنه منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، بقيادة "الخميني"، تم الاتفاق على أن تقع سلطة اتخاذ القرار على عاتق المرشد الأعلى، ومن ثم، فمع كل حدث رئيسي في السياسة الخارجية أو الداخلية للدولة، تنتقل جميع الأنظار إليه.

عملية صنع القرار في إيران ليست بالبسيطة

وأضاف التقرير الأمريكي، أن عملية صنع القرار في إيران ليست بالبسيطة، بل هي نتاج عملية ضغط كبير داخل شبكة المنظمات المختلفة، وغالبًا ما يسيطر التنافس بين المؤسسات، والصراع الداخلي بين الفصائل المختلفة على عملية صنع القرار.

كيف تدار سياسة إيران

وكشف التقرير، أن دور المرشد الأعلى يكمن في إنشاء الإطار التنظيمي الذي تعمل وفقًا له كافة المؤسسات، ومن خلال فريق من الموظفين يقوم بتحديد الخطوط الحمراء، والسطور النهائية لسياسات الدولة، واتخاذ القرارات في عمليات الاتفاق، وفي إدارة الحروب، مضيفًا أن خامنئي لا يفرض الوسائل المطلوبة للوصول إلى هذه النتائج المفضلة أو لتطبيق الخطوط الحمراء.

وأضاف، أنه بدلاً من ذلك ، يمر قراره في إطار القنوات الخاصة، ومن خلال التصريحات العامة لمجلس الأمن القومي الأعلى (SNSC)، الذي لا تختلف ولايته عن ولاية مجلس الأمن القومي الأمريكي، ومع ذلك، يختلف عن تكوين الأخير، من حيث إنه يضم ممثلين من جميع مراكز القوى داخل النظام السياسي الإيراني، وتشمل مهامها تحديد المصالح الوطنية وتحويل الأطر التنظيمية إلى سياسات واضحة.

صلاحيات الرئيس

ولفت التقرير، إلى أن السلطة التنفيذية تعمل مع مجلس الأمن القومي لوضع جدول أعمال وتحويله إلى بنود قابلة للتنفيذ وفقاً لرؤية الرئيس الخاصة للبلد، ويمكن للرئيس أيضا أن يعرض خططه السياسية الخاصة، والتي يمكن للقائد الأعلى قبولها أو رفضها، وفي مثل هذه الحالات ، يتعين على الحكومة، ولاسيما وزارة الخارجية ووزارة الاستخبارات والأمن، أن تعمل في بعض الأحيان مع القوات المسلحة، المؤلفة من قوات الحرس الثوري الإيراني والقوات التقليدية.

دور الحرس الثوري

وأضاف، أنه في إطار ذلك غالبًا ما يكون لدى الحرس الثوري الإيراني اليد العليا في بعض المناطق، مثل المسارح الإقليمية المختلفة التي تشارك فيها إيران، وأنه يقوم بتحويل السياسة إلى إستراتيجية عسكرية، وأن هذا هو الحال أيضا بالنسبة لبرامج الدفاع الإيرانية الأكثر إثارة للجدل، بما في ذلك أنشطة الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى أن الحرس الثوري الإيراني يعد هو المسئول إلى جانب جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عن المستويات التشغيلية والتكتيكية للسياسات المختلفة، ويخصص للسلطة التشريعية المجسدة في مجلس الشورى الإسلامي بمحاسبة الفرع التنفيذي والمشاركة في صنع القوانين، وفي النهاية يقوم مجلس صيانة الدستور بإقرار قوانين المجلس ومدى توافقها مع الدستور.

وأكد تقرير مجلة "فورين بوليسي"، أنه في كل مرحلة ينبغي التوصل إلى قرار ما بالإجماع والاتفاق، من خلال نوع من الصراعات الداخلية بين المؤسسات المختلفة، وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق بينهما يتم توقيف جدول الأعمال الخاص بالقرار محل النقاش، وهو ما بدا جليًا في أجندة الرئيس الحالي حسن روحاني، التي تتعلق بالقضية النووية والإصلاح الاقتصادي في ظل افتقاده رأس ماله السياسي، الأمر الذي عزز من الصراعات الداخلية منذ التوقيع على الاتفاقية في يوليو 2015.

ماذا بعد خطة العمل المشتركة JCPOA

ولفت، إلى أنه إذا كانت المفاوضات التي أدت في النهاية إلى الاتفاق النووي قد نجحت، فهذا يرجع إلى أن المرشد الأعلى قد أعطى حينها الضوء الأخضر لبدء المحادثات، وقام أيضًا بتحديد الخطوط الحمراء التي توجه من خلالها مفاوضين الجانب الإيراني.

وأوضح، أنه على سبيل المثال، أمر خامنئي المفاوضين بالحفاظ على قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، ومواصلة البحث والتطوير، لكنه في مقابل ذلك لم يفرض تفاصيل تنفيذ ذلك، الأمر الذي سمح للمفاوضين بالعمل مع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية لتطوير هذه الأنشطة، بما في ذلك قدرة التخصيب الدقيقة وحدود مخزونات اليورانيوم المخصب.

بالإضافة، إلى أنه بالمثل طالب خامنئي المفاوضين بإبقاء جميع المنشآت النووية في البلاد مفتوحة، لكن المفاوضين كانوا قادرين على تغيير وظيفة بعض المرافق، وتم تحديد الأطر التي وضعها خامنئي، وأشار خامنئي خلال بعض المحادثات، إلى أن الهدف النهائي لإيران هو تطوير صناعة تخصيب اليورانيوم، وذلك لتزويد المفاعلات النووية الثمانية التي تخطط لإكمالها وتشغيلها في المستقبل، (الأمر الذي من شأنه أن يسمح للبلاد بالوصول إلى القنبلة النووية بسرعة أكبر في حال إعادة النظر في طموحاتها في الأسلحة النووية التي كانت قد توقفت في عام 2009 ومواصلة سياستها للتحوط النووي).

سبب الاعتقاد بضرورة تخصيب اليورانيوم

وشرح التقرير، أن جميع مراكز القوة داخل النظام الإيراني تتشارك في الاعتقاد بأن بلادهم يجب أن تسعى لتطوير المستوى الصناعي لعمليات التخصيب من خلال الاعتماد على ذاتها في تطوير التكنولوجيا النووية، وهو ما يفسر إصرار المفاوضين الإيرانيين خلال المباحثات على مواصلة البحث والتطوير من خلال إدراج ما يسمى بـ "بنود الغروب"، والتي مكنت البلاد من إزالة القيود المفروضة على بنيتها التحتية النووية بعد العديد من السنوات، وبالتالي درج الاتفاق إيران كدولة عادية غير حائزة للأسلحة النووية بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

كيف ستتفاوض مراكز القوى الداخلية حول التطورات الأخيرة

وذكر التقرير، أنه عندما تقرر مراكز القوة داخل إيران اليوم مصير الصفقة النووية في ضوء انسحاب الولايات المتحدة منها، فإنها تقيم إيجابيات وسلبيات مواصلة تنفيذ الاتفاقية مع الأطراف المتبقية على خلفية هدفها المعلن المتمثل في تخصيب اليورانيوم، وستتفاوض مراكز القوة هذه فيما بينها على مصير خطة العمل المشتركة، ونطاق وسرعة البرنامج النووي، والوسائل التي يجب على البلاد اتباعها من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي، كما سيتفاوض مسئولو وزارة الخارجية على العناصر ذاتها مع نظرائهم من الصين، والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة.

وقد وضع خامنئي بالفعل أطرًا تنظيمية لهذه المحادثات بالسماح للمفاوضين بالانخراط في عملية جديدة، هدفها الحفاظ على خطة العمل "المشتركة – المشتركة" دون الولايات المتحدة، إن الهدف من المحادثات والخط الأحمر الذي حدده خامنئي يكمن في تلقي "ضمانات" من الأوروبيين، بشكل يضمن لإيران استمرار العمل على الاتفاق النووي دون مشاركة الولايات المتحدة.

خريطة طريق أكثر دقة

ورجح التقرير، أن يستخدم المجلس الأعلى للأمن القومي تلك الأطر لوضع خريطة طريق أكثر دقة، وأن يعمل مع مسئولي وزارة الخارجية الذين يتفاوضون مع القوى العالمية من أجل تطوير أكثر لها، مضيفًا أنه في النهاية سيقوم أعضاء المجلس بالإشراف على هذه العملية، كما سيقدمون مشاريع لقوانين لتقييد مساحة الحكومة للمناورة، وفي مقابل ذلك، لن تشارك القوات المسلحة بشكل مباشر في المفاوضات، بالرغم من أهمية مساهماتها في العديد من المجالات الرئيسية التي تشكل قضايا لا ترتبط بشكل مباشر بخطة العمل المشتركة، وإنما لاتزال تهم القوى العالمية، لاسيما ما يتعلق بأنشطتها الصاروخية والإقليمية.

ولفت، إلى أنه بالمثل تسعى حكومة روحاني إلى إصلاح اقتصاد البلاد من أجل إنعاشه لأمس الحاجة إليه، ويشارك النظام بأكمله في هذه العملية، وكان الضوء الأخضر الذي أعطاه خامنئي حاسمًا في السماح بإجراء بعض الإصلاحات، وقد رأى خامنئي، أن تخفيف العقوبات أمر هام في تلك العملية، كما أن التوافق شبه الإجماعي بين هذه القوى على المفاوضات هو مفتاح إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات خلال عام 2012، وتمهيد الطريق أمام "خطة العمل المشتركة".

وأوضح، أنه إذا قرر النظام خلال الأشهر والسنوات القادمة، استئناف عناصر البرنامج النووي التي كانت محددة أو متوقفة بموجب الاتفاق، أو إحياء برنامج الأسلحة النووية، فمن المرجح أن تفعل ذلك في إطار وضعه خامنئي، وتم إنشاؤه بمشاركة القوات المسلحة للبلاد، لاسيما الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاع النووي الإيراني، وإن على الدولة الموازنة بين هذه التطلعات واحتياجاتها الاقتصادية.

وفي النهاية، قال التقرير، إن عملية صنع القرار في الأمن القومي الإيراني معقدة بشكل كبير، لدرجة أن المرشد الأعلى يسترشد بمجموعة من الأفراد والجماعات التي تمثل مراكز قوى داخل الدولة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة