وافق المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، اليوم الأربعاء، على السماح لطهران بالتفاوض على إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني بعد الانسحاب الأمريكي منه، لكنه طالب بضمانات جدية لكي تبقى الجمهورية الإيرانية فيه.
موضوعات مقترحة
واعتبارا من مساء الثلاثاء، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن وزير خارجيته محمد جواد ظريف سيجري مفاوضات مع الدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق (ألمانيا والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا) لمعرفة ما إذا يمكن إنقاذه.
والأربعاء صادق المرشد الأعلى علنا على هذا القرار بالتأكيد أن إيران لن تبقى في الاتفاق "بدون ضمانات عملية" من الأوروبيين.
وقال خامنئي خلال خطاب بثه التليفزيون الإيراني، ويبدو أنه موجه إلى المدافعين عن الاتفاق ومن بينهم الرئيس حسن روحاني، "يُقال بأنّنا سنواصل مع ثلاثة بلدان أوروبيّة، لستُ واثقاً بهذه البلدان الثلاثة أيضاً".
وأضاف: "إذا أردتم عقد اتفاق فلنحصل على ضمانات عمليّة وإلا فإن هؤلاء سيقومون جميعاً بما فعلته أمريكا، إذا لم تتمكّنوا من أخذ ضمانات حتميّة - وأنا أشك فعلياً في أنكم ستتمكنون من ذلك - فلن يكون مقدوراً مواصلة السير ضمن الاتفاق النووي".
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الثلاثاء، انسحاب بلاده من الاتفاق الموقع في فيينا عام 2015، والذي قبلت إيران بموجبه الحد من أنشطتها النووية والتعهد بعدم السعي لامتلاك السلاح الذري مقابل رفع قسم من العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وعمدت واشنطن إلى الخيار الأكثر تشددا عبر إعادة فرض كل العقوبات التي كانت رفعت بموجب الاتفاق لكن أيضا عبر الإعلان عن عقوبات أقسى وإرغام الشركات الأجنبية على الاختيار سريعا بين مواصلة أعمالها في إيران أو في الولايات المتحدة.
وقال روحاني: "علينا أن ننتظر لنرى ما الذي ستفعله الدول الخمس الكبرى، لقد أصدرت تعليماتي إلى وزارة الخارجية لإجراء مفاوضات خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع الدول الأوروبية والدولتين العظميين الأخريين أي الصين وروسيا".
وأضاف: "إذا وجدنا في نهاية هذه المهلة القصيرة أنه عبر التعاون مع هذه الدول الخمس يمكن ضمان مصالح الشعب الإيراني على الرغم من الولايات المتحدة والنظام الصهيوني، عندها سيبقى الاتفاق النووي ساريا وسيكون بمقدورنا العمل في سبيل السلام والأمن في المنطقة والعالم".
وعكست الصحافة الإيرانية الأربعاء الآراء المنقسمة بين الإصلاحيين والمحافظين المعتدلين من جهة، والمتشددين من جهة أخرى المعارضين منذ البداية لهذه التسوية.
وكتبت صحيفة "كيهان" المحافظة المتشددة "ترامب مزّق الاتفاق النووي، وآن الأوان لنقوم بحرقه" مستعيدة ما أعلنه المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي، قبل بضعة أشهر، أما الصحف الإصلاحية فعبرت عن الأمل في التوصل إلى حل مع الأوروبيين.
وكان خامنئي حذر خلال المفاوضات من المفاوضين الأمريكيين الذين قال إنهم "ليسوا أهلاً للثقة"، وطلب بتقديم ضمانات من الرئيس الأمريكي حينها باراك أوباما لكن المفاوضين الإيرانيين لم يحصلوا عليها، واعتبر خامنئي ضمنا الأربعاء أن انسحاب واشنطن من الاتفاق يبين صحة موقفه.
من جهته اعتبر رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أيضا أن الانسحاب الأمريكي يعطي لأوروبا فرصة، أن تثبت انه "لديها الثقل اللازم لتسوية المشاكل الدولية".
جاء حديث لاريجاني خلال جلسة صاخبة للمجلس شهدت قيام عدة نواب من المحافظين المتشددين بإحراق علم أمريكي ورقي على المنصة وسط صيحات "الموت لأمريكا".
وحذر روحاني مساء الثلاثاء من أن إيران يمكن، أن توقف تطبيق القيود على أنشطتها النووية التي وافقت عليها وتستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجات حالية إذا لم تعط النتائج مع الأوروبيين والروس والصينيين النتائج المرجوة.
في شوارع طهران عبر العديد من الإيرانيين عن صدمتهم في مواجهة عودة العقوبات الاقتصادية.
وقالت امرأة شابة: "العقوبات تطال الشعب وليس النظام".
وعبرت الشابة الإيرانية ختايون سلطاني البالغة من العمر 21 عاما، عن أسفها لأن العديد من أصدقائها "على وشك الرحيل" إلى الخارج قائلة: "لم يعد بإمكاننا العيش هنا، نحن تعساء جدا".
وقال تراج طبطبائي رجل الأعمال البالغ من العمر خمسين عاما، "نأمل في أن يعمل شركاؤنا الأوروبيون وقادتنا على عزل الولايات المتحدة والحد من العواقب".
من جانب آخر رحب اللواء محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني "بخروج الولايات المتحدة من الاتفاق".
وقال: "إننا نستبشر خيرا بالانسحاب الأمريكي الخبيث من الاتفاق النووي رغم أنها كانت قد فقدت مصداقيتها قبل ذلك" مضيفا انه اتضح جليا وثبت من جديد بأن أمريكا متغطرسة ولا يمكن الوثوق بها في أي مفاوضات".
وأضاف: "أن انسحاب أمريكا من خطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي)، أثبت أن موضوع تخصيب اليورانيوم كان ذريعة والقضية الرئيسية عندها هي قدرات إيران الدفاعية والصاروخية وكذلك نفوذ الجمهورية الإيرانية في المنطقة".