Close ad

ترامب يعيد "الملف النووي" إلى "المربع صفر".. ومعسكر روحاني ينتظر قرار "المرشد"

9-5-2018 | 16:23
ترامب يعيد الملف النووي إلى المربع صفر ومعسكر روحاني ينتظر قرار المرشدترامب
شروق صابر

أخيرا وبعد توالى التهديدات أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، متجاهلًا بذلك تحذيرات الزعماء الأوروبيين المشتركين في الاتفاقية، وقبل أربعة أيام من الموعد المتفق عليه وهو 12 مايو الجاري 2018، وقال ترامب، في كلمة من البيت الأبيض "أعلن أن أمريكا ستنسحب من الاتفاق مع إيران، وفي لحظات قريبة سأوقع مذكرة لبدء العقوبات على النظام الإيراني".

موضوعات مقترحة

وفي المقابل حرص على إبقاء الباب مفتوحًا أمام التفاوض على اتفاق جديد مع الحلفاء، يكون برنامج الصواريخ الباليستية ونفوذ إيران الإقليمي في المنطقة عموده الفقري، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان الأوروبيون سيؤيدون ذلك، وما إذا كان بمقدورهم إقناع إيران بقبوله أم لا.

ويتعين علي ترامب الآن الانتظار مدة 180 يومًا على الأقل قبل فرض عقوبات على بنوك الدول التي لم تخفض مشترياتها من النفط الإيراني.

ويتمثل خطر هذا القرار في إعادة الأزمة النووية الإيرانية إلى المربع القديم، بما يعني ذلك من إعادة فرض عقوبات دولية على إيران، وإعادة التلويح بالخيار العسكري من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وربما يصل إلى إسرائيل، لعدم سماحهما بامتلاكها صلاحيات تمكنها من الحصول على قنبلة نووية.

ولكن هناك تحديات داخلية إقليمية ودولية باتت ضاغطة الآن على إيران، يمكن تقسيمها إلى الآتى:

1ـ تغيرات داخلية تتمثل في ما تعانيه إيران من مستوى اقتصادي متدني، وتدهور لقيمة عملتها "تومان"، وارتفاع نسبة البطالة، وانتشار الفقر بين محافظاتها المختلفة، واحتجاجات بشكل مستمر منذ نهاية العام الماضي، والتي بدأت في الانتشار من الشمال إلى الجنوب إلى وسط إيران، معها ارتفع سقف شعاراتها إلى حد "إسقاط نظام ولاية الفقيه" ككل، حاول النظام الإيراني من خلالها إرجاع ما تشهده البلاد إلى الحكومة الإيرانية والرئيس روحاني وحده، والذي لم ينظر المحافظين على أنه قدم إنجازًا حقيقي سوى "الاتفاق النووي".

2ـ تحديات إقليمية ودولية تتمثل في، مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة الرئيس دونالد ترامب، وما تحمله لدولة إيران من كره وعداء شديد، والتسوية المرتقبة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية، مما يضع دولة إيران في مأزق أمام العالم وستصبح وحيدة في الدفاع عما تعتبره حقوقها المشروعة في امتلاك برنامج نووي سلمي، بالإضافة إلى محاولات دول عديدة من استثمار تدخلات إيران في المنطقة وإنفاقها الكثير من الأموال على ميليشياتها في دول الأزمات "الحرس الثوري في سوريا، الحوثيين في اليمن، حزب الله في لبنان"، بإقناع المواطنين الإيرانيين بأن النظام يستخدم أموالهم في حروبه الخارجية.

تلك التهديدات يمكن ملاحظتها من خلال التحولات البينة للعيان، لتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني في الفترة الأخيرة، بعد ما تمت ممارسته عليه من ضعوط داخلية من قبل المحافظين والمرشد الأعلى والحرس الثوري، أو خارجية متمثلة في تصريحات ترامب ونتنياهو على مدى الشهور الأخيرة السابقة.

وبعد أن كانت تصريحات روحاني تتضمن التمسك بالاتفاق النووي حتى وإذا قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالانسحاب منه، لوح أيضًا بأن أمريكا ستُقبل على ندم تاريخي وإن إيران لديها خططها إذا انسحبت أمريكا من الاتفاق النووي، كما هدد وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" بأنه من المحتمل أن تنسحب إيران من الاتفاق النووي، أو أن تعيد تخصيب اليورانيوم، وعقب انسحاب ترامب من الاتفاق حذر روحاني، من أن بلاده قد تضع حدًا للقيود المفروضة على أنشطة تخصيب اليورانيوم في غضون أسابيع، وقال "لقد أصدرت تعليمات لوكالة الطاقة الذرية الإيرانية للقيام بما هو ضروري، بحيث نستأنف التخصيب الصناعي اللا محدود إذا لزم الأمر".

وبالتالي فإن قرار ترامب سوف يرجح كفة المحافظين الساعين إلى الحد من قدرة روحاني على الانفتاح على الغرب، وسيعزز من نفوذ الحرس الثوري داخل الدولة.

والآن باتت إيران في انتظار معرفة تحركات الدول الأخرى المعنية بالاتفاق إزاء ذلك القرار، والذين أدانوا بدورهم قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ولكن وبالرغم من ذلك من بينهم دولًا لا تستطيع تمزيق الاتفاق، ولكنها في المقابل تريد وضع حد لبرنامج الصواريخ الإيراني، ونفوذ إيران الخارجي، من بين تلك الدول فرنسا وبريطانيا، اتضح ذلك من خلال تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بضرورة التأكد من عدم امتلاك إيران لأسلحة نووية على الإطلاق، وإشارته إلى أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق النووي مع طهران، كي لا تخلي الساحة في الشرق الأوسط للفوضى.

وبالتالي من المتوقع أن تبذل الإدارة الأمريكية في المرحلة المقبلة محاولات للضغط على الدول الأوروبية لإقناع إيران بإبرام اتفاق جديد، يتضح ذلك من خلال تصريحات مسئول أمريكي كبير بأن حلفاء واشنطن الأوروبيين متفقون إلى حد بعيد مع الرئيس ترامب في عيوب الاتفاق النووي.

وربما بدأت إيران في استشعار ذلك وهو ما بدا من تصريحات الحرس الثوري الذي بدأ يشكك في قدرة الدول الأوروبية الثلاث "بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا" على التصرف من تلقاء نفسها أو انقاذ الاتفاق النووي.

وبالتالي فلم يعد أمام الدول الأوروبية سوى أمرين إما الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران بالرغم من الانسحاب الأمريكي، أو أن تسعى لإقناع إيران بالدخول في اتفاق جديد، وهو أمر ليس بالسهل إذ أن طهران تتشبث ببرنامجها الصاروخي لعدة أسباب استراتيجية وأيديولوجية، وتعول دائمًا على أن صواريخها "دفاعية" فقط و"ليست مخصصة لأسلحة دمار شامل"، بالإضافة إلى أن أي قرار حول الاتفاق النووي في المرحلة القادمة سيكون بيد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية وما سوف يقرره.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: