Close ad

«أردوغان ونداءات التصالح الزائفة».. يدعو الأوربيين لبدايات جديدة وسرعان ما ينقلب عليهم

13-1-2021 | 20:32
«أردوغان ونداءات التصالح الزائفة يدعو الأوربيين لبدايات جديدة وسرعان ما ينقلب عليهم   أردوغان
رسالة أنقرة ـــ سيد عبد المجيد

إنه المسلسل العبثي الذي لا يبدو له نهاية قريبة في الأفق، هذا الذي تتضمن حلقاته المتكررة الشئ ونقيضه وفي فترة زمنية قد لا تتعدي اليوم الواحد ، إنها نغمات التصالح والدعوات لتدشين صفحات بيضاء لا سطر فيها يتحدث عن خلافات الماضي فقط والتطلع للمستقبل " لصالح شعوبنا " . لكن الغريب هو أن صاحبها سرعان ما ينقض عليها عائدا إلى المربع الأول ، ثم ينتظر أسابيع ليطلقها مجددا وهكذا دواليك ، يدلل على ذلك أن مواطنيه اعتادوا علي تلك المشاهد الهزلية.

موضوعات مقترحة


إنها أذن تركيا في صورتها " المترددة الزاعقة والجانحة في حقبتها الأردوغانية "، وليس هناك غلو في وصف البعض لها بالأكثر إثارة للجدل على الصعيدين الإقليمي والدولي.

فبعد سيل من توجيه أصابع الاتهامات والمؤمرات والتهديدات للقارة العجوز ، وشهور طويلة من التوترات التي صاحبت بحسب معارضيه سياساته " الهوجاء " في المتوسط وتردي علاقاته مع العواصم الأوروبية وكذلك ليبيا وبلدان من الشرق الأوسط ، ها هو الرئيس رجب طيب أردوغان يخفف من لهجته القاسية التي دائما ما ينتهجها في خطاباته ، مستخدما نبرة تصالحية خلال لقاء تليفزيونى  أمس الثلاثاء مع سفراء الاتحاد الأوروبي بقصره الرئاسي الفارهه في أنقرة ، قائلا لهم " إن بلاده مستعدة لإعادة العلاقات مع بروكسل إلى مسارها" وفق رؤية طويلة الأمد" ، مؤكدا في الوقت ذاته أنه بإمكان تركيا " تحويل 2021 لعام النجاحات، داعيا إياهم لدعم فتح صفحة جديدة " ، ثم مستطردا " كما أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان خيارا إستراتيجيا بالنسبة لبلادنا منذ 60 عاما، فإن الموافقة على نيلنا عضويته سيكون خيارا وجوديا بالنسبة لمستقبل الاتحاد" ، ولم ينس أن يعرج إلى " شرق المتوسط " ـــ الذي جعله هو وليس غيره بؤرة توتر ـــ داعيا إلى جعله بحيرة للتعاون بما يخدم مصالحنا جميعا بدلا من أن يكون ساحة للتنافس".

وكانت حكومته قد استبقت هذا اللقاء بإعلانها أمس الأول ، بأنها واليونان، العضوان في حلف شمال الاطلسي، ستستأنفان في 25 يناير المباحثات الاستطلاعية ، بهدف تسوية النزاع بينهما حول التنقيب عن النفط والغاز فيه، وسيكون هذا الاجتماع هو الأول منذ تعليق ما يسمى بـ "المحادثات الاستكشافية" بين الجارين بعد 60 جولة غير مثمرة استمرت 14 عامًا في عام 2016. وعنه قال أردوغان "نعتقد أن تلك الخطوة بادرة حقبة جديدة" آملا أيضا في "إنقاذ علاقاتنا مع فرنسا من حالة الاحتقان الحاصلة حاليا " !!

والسؤال الذي طرحه مراقبون ، علام سيكون موقف ساسة أوروبا من تلك المهادنات ؟ المفارقة أن موقع روسيا اليوم أجري استطلاعا واكب فيه نداءات التصالح هذه ، كانت صيغته الاستفهامية الوحيدة : هل يستطيع أردوغان تطبيع علاقات تركيا مع أوروبا ؟ أما نتيجته غير المفاجئة فكانت أن 70 % بمن اسُتطلعت آراؤهم صوتوا بـ لا !

وهذا لم يأت من فراغ فاستنادا لما كتبه أرتيوم شارابوف، بصحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس"، الروسية حول ما يخطط له وريث "الإمبراطورية العثمانية" : أنه خلال العامين الماضين لاحظ علماء السياسة أن دور تركيا في القضايا الإقليمية آخذ في الازدياد. واليوم، تعمل القوات التركية على تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشمال إفريقيا والقوقاز ولا يخفي إعلام الدولة التركية حقيقة أن الهدف النهائي للسياسة الخارجية للبلاد هو "عودة أراضي الأجداد" أو ببساطة أراضي الإمبراطورية العثمانية السابقة" . وهذا هو نفسه الاعتقاد السائد في كافة الدول الأوروبية.

في هذا السياق لم يكن غريبا ما قالته قبل أسبوع نائبة حزب اليسار الألماني، هيلين إيفريم سومر، التي تنحدر من أصول كردية بأن أردوغان أصبح يمثل تهديدا خطيرا لاستقرار الاتحاد الأوروبي والمنطقة ككل وإذا كان الأخير لا يريد أن يفقد مصداقيته السياسية بالكامل، فعليه إذن فرض عقوبات على أردوغان وحزبه العدالة والتنمية لافتة الأنظار إلى أن الاتحاد  كان سيكافئ تركيا باتحاد جمركي محدث، وإعفاءات للمواطنين من التأشيرة وزيادة المدفوعات كجزء من صفقة اللاجئين لسنة 2016 ، حال أنهت سياساتها العدوانية في شرق البحر المتوسط. وكان يتوقع علي الأقل تخفيفا للتوتر إلا أن ماحدث كان العكس تماما إذ تضاعفت الاستفزازات.

وقالت سومر إن حكومة أردوغان كانت "مفتعلة الحرائق" في الشرق الأوسط وانتهكت القانون الدولي علنا وخاصة في حربها ضد الأكراد في سوريا والعراق.

غير أن المصادفة المثيرة التي تزامنت مع نداءات المصالحة هي قيام السلطات في النمسا بطرد مواطن إيطالي من أصل تركي بعد أن وجهت له اتهامات بالتخابر لصالح أنقرة، ليس ذلك فحسب بل أنه كان يستعد لاغتيال ثلاث شخصيات عرف عنهم معارضتهم الشديدة لأردوغان .. فاي صلح أو تصالح يدعو له حاكم الأناضول ؟؟

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: