Close ad

بريطانيا تدخل مرحلة ما بعد "البريكست" ما بين خفض المساعدات وتهديد مكانتها الدولية

29-12-2020 | 10:34
بريطانيا تدخل مرحلة ما بعد البريكست ما بين خفض المساعدات وتهديد مكانتها الدوليةالآثار الاقتصاية فى بريطانيا
دينا كمال
الأهرام اليومي نقلاً عن

يبدو أن بريطانيا تحاول جاهدة تجنب مواجهة أى آثار اقتصادية سلبية نتيجة خروجها من عضوية الاتحاد الأوروبي.

موضوعات مقترحة

ومن ضمن الإجراءات التى اتخذتها بريطانيا لهذا الهدف، قرار بخفض تمويل المساعدات الخارجية التى تقدمها بريطانيا لدول أخري، خاصة الدول النامية الفقيرة من 0.7% من الناتج المحلى الإجمالى إلى 0.5%، وهو القرار الذى اعتبره الكثير من الخبراء فى مجال العلاقات الدولية ليس مخزيًا فحسب، بل إنه قصير النظر أيضا.

فالأمرالآن يبدو وكأن بريطانيا تتخلى عن تعهدها السابق بتقديم مساعدات للدول الفقيرة، والمنصوص عليها فى القانون من قبل رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، وتم إعادة تأكيدها فى بيان حزب المحافظين قبل عام واحد فقط .

وقد أظهر تفكيك وزارة التنمية الدولية، التى تم دمجها الآن فى وزارة الخارجية، الطريق الذى تتجه إليه الأمور على الرغم من إنكار الجميع أن تمويل المساعدات الخارجية سيواجه أزمة. ومن المستبعد أن يكون التخفيض بنسبة 30% مجرد إجراء مؤقت كما يأمل الكثيرون.

وبالرغم من ان التزام المملكة المتحدة بتقديم مساعدات لدول فقيرة يحمل فى طياته أسبابا أخلاقية، مثل المسئولية التاريخية بسبب احتلال بريطانيا فى فترات سابقة تلك الدول، أو عدم المساواة غير العادلة بين الدول على مستوى العالم، لذلك فإن التراجع عن الالتزام تجاه الأكثر فقرا وضعفا فى العالم سيكون له آثار مدمرة.

ولقد استقالت الليدى سوج، الوزيرة فى وزارة الخارجية، بسبب هذا القرار الذى وجده الكثيرون غير منصف على الإطلاق.

وقد وصف أندرو ميتشل، النائب عن حزب المحافظين ووزير التنمية الدولية السابق، القرار بأنه مخز، وعرض بعضا من التأثير المحتمل لهذا القرار الظالم، ومنها انخفاض عدد الفتيات اللائى يتلقين التعليم، ولن يتمكن 3.8 مليون شخص من الحصول على المياه النظيفة، وعجز نحو 5.6 مليون لقاح أقل من المطلوب، ومائة ألف حالة وفاة كان يمكن تجنبها، خاصة بين الأطفال.

وذكر مقال لجريدة «الجارديان»، أن القيام بذلك فى خضم أزمة فيروس كورونا، مع تحذير برنامج الغذاء العالمى من احتمال حدوث مجاعات، أمر مثير للاشمئزاز بشكل خاص، بينما جاءت حجة الحكومة البريطانية واهية، وهى أن الوباء على وجه التحديد، هو الذى أجبرها على تشديد قيودها المالية، بالرغم من قيام بريطانيا بالفعل بخفض الإنفاق العام، من الميزانية لمواجهة تأثير جائحة كوفيد 19.

وقد رحب نواب اليمين بالفعل باتخاذ هذا القرار الذى جاء ظالما بشكل كبير.

وكان ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطانى الأسبق قد تعهد خلال التصويت على قرار التعهد بالإبقاء على تلك المساعدات حتى مع وجود سياسات للتقشف، ومن هنا جاء التزام الحكومة بالإبقاء على نسبة الـ 0.7% من الناتج المحلى الإجمالى لتقدم مساعدات للدول الأكثر فقرا.

وكانت الحكومة البريطانية قد قامت بالفعل التزاما بزيادة قدرها 16.5 مليار جنيه إسترلينى فى الإنفاق على الجانب الدفاعى لمدة أربع سنوات مقبلة، بعد أن وجدت بريطانيا ضرورة لتحديث قواتها المسلحة، من خلال تحسين القدرات التكنولوجية فى هذا المجال، فى الوقت الذى اعتبر البعض الإنفاق على هذا المجال ماهو إلا اتباع لنمط قديم لا حاجة له فى الوقت الحالى .

خاصة أن سلامة بريطانيا تعتمد جزئيا على استقرار الأماكن التى تبعد عنها آلاف الأميال، بمعنى استقرار دول أخري، بينما تم اتخاذ قرار أن تقف المساعدات الإنسانية عند حدود بريطانيا.

ويرى منتقدو القرار الجديد بخفض المساعدات الخارجية المقدمة للدول الأكثر فقرا، أن الأسلحة وحدها ليست كافية لحماية المملكة المتحدة، فقد حذر توبياس إلوود، رئيس حزب المحافظين فى لجنة الدفاع المختارة، بقوله «إن بريطانيا تتضاءل عندما لا تقابل قوتنا الصارمة القوة الناعمة».

وحذرت مجموعات الأعمال أيضًا من هذه الخطوة، وحذروا من الامتثال للنظرة الضيقة لسياسات بوريس جونسون رئيس الوزراء الحالي، والتى يقوم بربطها بأهداف دبلوماسية واقتصادية بطريقة خاطئة.

فيبدو أن جونسون قد تجاهل أنه بخفض التمويل والتراجع عن تعهدات بريطانيا التى التزمت بها من قبل، يمثل تهديدا وتجاهلا لمتطلبات بريطانيا ورغبتها فى أن تتولى القيادة على المستوى الدولي.

وكأن خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبى لم يكن كافيا، لزعزعة مكانة ومصداقية بريطانيا على المستوى الدولي، ليأتى قرار خفض المساعدات ليثبت أن بريطانيا لا يمكن الوثوق بها، وأنها لا تمانع فى البقاء فى عزلة عن العالم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة