Close ad

أوروبا وأمريكا في مواجهة المشاغب المتأسلم.. أردوغان هل يبتلعه المتوسط؟

14-9-2020 | 14:26
أوروبا وأمريكا في مواجهة المشاغب المتأسلم أردوغان هل يبتلعه المتوسط؟أردوغان
أنقرة - سيد عبد المجيد

رغم أنها سحبت سفينتها الخاصة بالتنقيب عن الغاز بالمتوسط ومع هذا تواصل تركيا زعيقها وصخبها، مطلقة " إدانات ورفض وتحذير لمن يتصرفون بتوجيه من مجموعات معينة"، ومعلنة عن مناورات بالذخيرة الحية قبالة السواحل القبرصية ، والأحد أجرى وزير دفاعها خلوصي أكار برفقة قادة الجيش، زيارة مفاجئة إلى ما تسميه جمهورية شمال قبرص التركية التي لا يعترف بها العالم.

موضوعات مقترحة

في هذا السياق حصار القارة العجوز ومعها الولايات المتحدة يشتد حولها منذرا بعواقب وخيمة ، فبعد زيارة قام بها وزير خارجية الأخيرة لـ " نيقوسيا " أمس الأول للتأكيد علي تفهم واشنطن " الكامل " للأخطار التي تتعرض لها الجزيرة المقسمة منذ العام 1974 ، ها هي الاخبار تتوارد عن توقيع اتفاقية لإنشاء مركز تدريب عسكري دفاعي أمريكي خلال الزيارة ومباحثاته مع المسئولين القبارصة ، ولم ينس مومبيو أن يعرب في الوقت ذاته عن قلق بلاده البالغ من تحركات أنقرة بشرق المتوسط ، ثم مكررا دعوته لها سحب قواتها " ، وكأنه يطالبها بالكف عن ترديد أوهامها بالمياه الزرقاء، وهو تصريح لافت يأتي في أعقاب إجراء مهم ــ لا يخل من دلالة ــ اتخذه البيت الأبيض وقضى برفع حظر بيع السلاح لقبرص المفروض عليها والمستمر لعقود .

وفي تطور نوعي وهذا هو الأخطر ، فما كان يعتقد أنه فقط أحاديث ودعوات تدور في أروقة المراكز البحثية بعدد من العواصم الكبري النافذة ووجدت طريقها لوسائل إعلام دولية مرموقة ، يبدو أنها قريبا ستتم ترجمتها فعليا على أرض الواقع ، فقبل أيام ذكرت أنباء أن الإدارة الأمريكية تدرس بصورة جدية نقل قاعدتها الشهيرة والمعروفة باسم " إنجيرليك " من الأراضي التركية لليونان، لتعزز بذك قاعدتها البحرية في خليج سودا بـ " كريت " اليونانية.

فالجمعة الماضي تداولت أدبيات مناوئة لحزب العدالة والتنمية الحاكم ، الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحات منسوبة لسيناتور ولاية " ويسكونسن " " رون جونسون " رئيس " اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية لأوروبا " بمجلس الشيوخ قال فيها "علينا التخطيط للأسوأ لما يتعلق بقاعدة إنجيرليك" الواقعة بمدينة " أضنة " جنوب شرق الأناضول ، ثم مضي قائلا صحيح "نحن نريد الحفاظ على وجودنا الكامل وتعاوننا مع تركيا ولكن من موقف دفاعي، علينا إعادة النظر في حقيقة أن المسار الذي يسلكه أردوغان ليس جيداً" هذه العبارات لم تأت من فراغ فالبنتاجون بدأ فعلاً بدراسة ملف اليونان كي يكون البديل.

كل هذا يعني أن إدارة ترامب انضمت بصورة أو بأخرى إلى بروكسل في موقفها المتشدد والحاسم ضد " السياسة غير الواقعية والاستفزازية " لوريثة الأمبراطورية العثمانية ، وفقا لما ذهبت إليه صحيفة دي فيلبت الألمانية ونقلته هنا مواقع محسوبة على المعارضة التركية.
وهكذا تتضاءل الخيارات أمام أردوغان المتأسلم الذي يريد عبثا إعادة أمجاد ــ لن تعود أبدا ــ أجداده الغابرة ، والتي باتت تنحصر في خيارين لا ثالث لهما أولهما التوقف وبدء التفاوض المشروط ( وليس غير المشروط ) كما يطالب وزير خارجيته مولود تشاويش أوغلو علاوة على ذلك، سيتعين على حكومته تعليق جميع استفزازاتها، سواء كان ذلك داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية أو في مدينة " فاروشا " وبالتوازي مع ذلك الدخول في مفاوضات حول قضية الجرف القاري ، وطبيعي أن يعرج النقاش المحتمل إلى مذكرة التفاهم بشأن ترسيم الحدود البحرية التي ابرمتها حكومته مع نظيرتها " الوفاق " ورفضتها أثنيا لانها تزعم بأن الجزر اليونانية الكبيرة والمأهولة ليس لها مناطق بحرية خارج مياهها الإقليمية.

أما الخيار الثاني ، هو أن يستمر في مسيرته " الطوارنية " المزعومة التي يفتخر بها كونها في "حدود قلبه" ، التي تمتد إلى ما هو أبعد من الحدود الفعلية لدولته الحديثة، في إشارة منه لضرورة مراجعة معاهدة لوزان ، وفي هذه الحالة أي " إذا لم يعد إلى الحكمة " على حد تعبير رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيسمن عليه أن يواجه تداعيات مدمرة على اقتصاده المنهك أصلا نتيجة العقوبات " الكبيرة " المحتملة التي سيقرها المجلس الأوروبي الذي سيلتئم يومي 24 و25 سبتمبر 2020 في العاصمة البلجيكية ، وستكون بمثابة الخطوة الأولي في مشوار لن ينتهي سوى بغرقه قبالة السواحل القبرصية.

اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة