Close ad

تركيا تواصل حساباتها الخاسرة في "شرق المتوسط".. وعقوبات أوروبية في انتظارها

31-8-2020 | 13:52
تركيا تواصل حساباتها الخاسرة في شرق المتوسط وعقوبات أوروبية في انتظارهاأردوغان
أنقرة - سيد عبد المجيد

30 أغسطس الذي وافق يوم أمس الأحد، لم يكن يومًا عاديًا بالنسبة لعموم الأتراك، فهو ذكرى غالية عليهم، فيها تغتبط البلاد ــ من أقصاها إلى أدناها ــ فرحًا وسرورًا كل عام وفاء لجنودهم "البواسل" الذين انتصروا على اليونان في معركة دملو بينار منذ قرن تقريبًا (1922)، لكن اللافت في هذه السنة قيام وزارة دفاعهم ببث مقطع فيديو، أرادت من خلاله تذكير "أثينا" بذات التاريخ (1922) وبهزيمتها، وأيضًا للتأكيد على أن "الأناضول سيبقى لتركيا التي أثبتت أنها قوية" في خطوة غير معتادة، ولا يمكن أن تأتي صدفة، خاصة أنه في خلفيتها صراع يحتدم الآن بضراوة بين البلدين للظفر بثروات بمياه المتوسط.

موضوعات مقترحة

ومع هذا لا يبدو أن الداخل هنا سعيدًا فـ"المناسبة العزيزة" تأتيه وهو يئن تململا وضجرا ثم إحباطًا، فبعد أن زف لهم صانع القرار البشري باحتياطيات غاز هائلة في منطقة (Tuna-1) الواقعة بمياهم الإقليمية بالبحر الأسود، ومعها اسستبشروا خيرًا، ها هي الأنباء غير السارة تتسرب إليهم النبأ تلو الآخر، لتؤكد لهم تواضع الكشف فضلًا على أنهم لن ينالوا منه مكسبًا قبل 5 سنوات على أقل تقدير.

وليت الأمر سيتوقف عند هذا الحد فأوضاعهم الحياتية وهي البائسة مرشحة لمزيد من التردي، فدولتهم وعلى حد تعبير أحد مسئوليها الكبار "لن تتنازل عن أي متر مربع في شرق المتوسط مهما كلف الثمن" وهو ما يعني زيادة الإنفاق العسكري ــ المتصاعد أصلا (حقق العام الماضي ارتفاعاً بنسبة 24 %، وهي أعلى نسبة سنوية بين أكبر 15 دولة إنفاقًا عسكريًا في العالم بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام) وأمس حذرت وكالة بلومبيرج من خطورة هذا الأمر، وتأثيره المدمر على الاقتصاد المُنهك في الأساس!

يزيد على ذلك أن قطاعات عريضة من المجتمع تتحدث على مدار الساعة عن جمهوريتهم التي قد تصبح بلدًا جهاديًا مارقًا بامتيار، فرغم الحصار الحكومي المُحكم على وسائل الإعلام، إلا أن تقارير أجنبية موثقة تجد طريقها إليهم عبر الوسائط الإلكترونية التي لم يعد فك شفرتها أمرًا عسيرًا، وجميعها تشير إلى أن بلادهم في طريقها لتصبح إيران أو باكستان أو أفغانستان.

أما النخبة النافذة فهي منقسمة، فعلمانيوها ــ الذين كان لهم السبق وهم في السلطة أبان عقد التسعينيات بمد جسور التواصل مع الدولة اليونانية من باب تعظيم المصالح وحسن الجوار ــ يتحسسون حاليًا مواقفهم يتقدمون خطوة يشجبون سياسات حكومتهم الانفعالية، لكنهم سرعان ما يتراجعون لذرائع انتخابية، في المقابل هناك المحافظون المتشددون والمتأسلمون "الطالبان الجدد" والذين يزدادون شراسة في أفكارهم يحلمون بأيام السلطنة والخلافة يدقون طبول الحرب والفضل في ذلك يعود إلى الخطابين الشعبوي المٌطعم بالإيديولوجية الإسلامية التي يتبناها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والقومي اليميني المتطرف ويقوده حليفه زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي.

لكن مع كل هذا الضجيج يبدو أن كرة الثلج تنفلت من بين يدي أردوغان عكس ما يروج له إعلامه، "فالغرب إجمالًا يزاد توحدًا وصلابة "هكذا يردد خصومه، فالجمعة الماضي هدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (الساعي للعب دور أكبر في شرق البحر الأبيض المتوسط خاصة في ضوء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) وريثة الإمبراطورية العثمانية في ثوبها الأردوغاني التي لا تفهم كيف تُترجم الأقوال إلى أفعال محذرًا إياها من تجاوز الخطوط الحمراء، مضيفًا: "لا أرى أن إستراتيجية تركيا في السنوات القليلة الماضية تتسق مع حلف شمال الأطلسي، لتعديها على سيادة دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي"، واصفًا إجراءاتها بأنها استفزازية.

وبالتوازي توعدت بروكسل تركيا بمزيد من العقوبات والتي سيتم مناقشتها في القمة القادمة للتكتل الأوروبي يوم 24 و25 سبتمبر، وتشمل أفراد (وهم حتما سيكونون مسئولون وأسماء من داخل عائلة الحكم في تركيا)، ومنع سفن من استخدام المواني الأوروبية وربما يتسع نطاقها لتشمل الأصول المستخدمة في عمليات التنقيب وفرض قيود على "البنى التحتية المالية والاقتصادية المرتبطة بهذه الأنشطة"، كذلك سيتم النظر في فرض عقوبات واسعة ضد قطاعات بأكملها بالاقتصاد التركي، في حال لم تثبت التدابير الأولية المحددة ضد عمليات التنقيب فعاليتها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: