رغم حالة التعتيم الإعلامي الشديد المفروض من قبل حكومة العدالة والتنمية في تركيا على معارضي العدوان على سوريا إلا أن الأحاديث داخل أروقة الأحزاب والمنتديات الثقافية ومواقع التواصل الاجتماعي لا تتوقف كاشفة ما وراء قناع الحرب على الإرهاب".
موضوعات مقترحة
تيار غالب تؤكد تغريداته التي يحملها فضاء الخارج خصوصًا ألمانيا؛ حيث يقطنها ما يزيد على الثلاثة ملايين تركي، أن الحرب ما هي إلا عقاب للذين تجرأوا وقاموا بالتصويت للمعـارضة في الانتخـابات المحليـة التي جــرت نهاية مارس المـاضي، ومن ثــم هددوا "سلطان" البلاد الأوحد رجب طيب أردوغان، ويبدو أن نتائجها التي أفضت إلى "تحرير سبع مدن كبرى من القبضة الفولاذية الأردوغانية ما هي إلا المسمار الأخير في نعش أكثر الحكام جدلا بوريثة الإمبراطورية العثمانية، ولأنه لا يريد أن يبرح السلطة حيا كان فلابد من افتعال قضية لعل وعسى يعيد ثقة من انفضوا من حوله وذهبوا إلى خصمه اللدود حزب الشعب الجمهوري العلماني.
هذا هو السبب الحقيقي ولا شيء غيره، ولهذا يتندر مناوئو الحكم على ردود رئيسهم "الساذجة" على الانتقادات الدولية لشن ما يدعيه زورا "نبع السلام" وهي العملية العسكرية التي بدأتها قواته المسلحة يوم الأربعاء الماضي، بأن أمريكا وأوروبا يعترضان كونهما لهما مصالح في سوريا، إذا كان الأمر كذلك ولكن ماذا بالنسبة لروسيا والصين اللتين يرتبطان معه بعلاقات حسنة؟ فلماذا تعترضان على خطته؟ هكذا تساءل الكاتب المخضرم أحمد نسين والذي مضى مندهشا ليستطرد أنهما أيضا يريدان الوقوف في وجه حلف الناتو من خلال توظيف تركيا، فلماذا إذن لا يقبلان ضم بلاده إلى حلف شنغهاي؟
باختصار أردوغان يريد أن يخرج من الحرب بصورة "القائد المنتصر"، حتى يتمكن من البقاء على رأس السلطة مدى الحياة دون أن يتعرض للمحاكمة، وأضاف نسين: "أن أردوغان يغرق في المستنقع يوما بعد يوم"، وإذا فقد سطوته ــ وهذا أمر بات واردا ــ سيتعرض للمحاكمة سواء داخل تركيا أو على المستوى الدولي، ولا مفر من صدور أحكام قضائية ضده".
وربما خرج الفائز برئاسة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وبعد أن يكون قد فحص أرشيف بلديته، بمفجأة تقلب الموازين رأسا على عقب، خاصة وأنه كانت هناك 7 أو 8 مذكرات اتهام تخص الفساد من أيام رئاسة أردوغان لبلدية إسطنبول في تسعينيات القرن المنصرم زاد على ذلك ما تم الكشف عنه بشأن قائمة العقوبات التي تقدم بها السيناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي جراهام لفرضها على تركيا، إذ تضمنت الكشف عن ثروة أردوغان وعائلته.
الآن أردوغان يجمع حوله مضطرا من سبق ونكل بهم وزج العشرات منهم بالسجون، خوفا من أن يسقط عن الحكم في أي لحظة، ولا يجد من يؤازره ، ولكن هيهات.. فبجانبه يقف تنظيم أرجينكون الشهير المعنون بالدولة العميقة (الذي ينتظر الفرصة للانتقام منه)، كذلك يسانده زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي (المعتل صحيا)، ونائبه بالعدالة والتنمية نعمان كورتولموش (الساعي عبر المؤامرات كي يخلفه على رئاسة الحزب) ووزير داخليته سليمان صويلو الذي لا يكف عن الشجار مع صهره وزير خزانته بيرات البيراك، وهذا يعني في المحصلة النهائية أن أردوغان لا يمتلك فعليا السيطرة على كل هؤلاء، بل هم الذين يسيطرون عليه ويوجهونه كما يحلوا لهم، أردوغان نفسه يتوجس من معظمهم فليس هناك من يحبه حتى لو أظهروا أنهم حلفاؤه، خصوصا عناصر الأرجينكون الذين كانوا قد استخدموا في حقه أغلظ وأثقل العبارات أثناء محاكمة الجنرالات، أما زوج ابنته "فالبيوت أسرار" وبالمناسبة ثمة شواهد يؤكد أصحابها أنه سيطيح وبالطبع ليس لأسباب عائلية بل لفشله في حالة الركود الاقتصادي التي تمر بها البلاد منذ عام ونصف العام.