هل هو سوء الطالع؟ أم أنه النحس الذي لا يفارقه؟ هكذا أصبح صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تم تكليفه منذ أكثر من 15 شهرا لنجدة اقتصاد بلاده، فإذا به يغوص في مستنقع التردي، قبل 3 أيام وقف بيرات البيراك أمام جمع من رجالات المال والتجارة والصناعة يخطب فيهم مبشرًا ببرنامج اقتصادي طموح عنوانه انخفاض التضخم إلى خانة العشرات بحلول العام 2021 وفي السنة التالية مباشرة سيكون 4.5% الأمر الذي سينعكس حتما على العملة المحلية التي تعاني جملة الأمراض المزمنة، وأيضًا سيسهم في تراجع معدلات البطالة المتفاقمة .
موضوعات مقترحة
تصريحات البيراك هذه لم تعد تطمئن غالبية شرائح الشعب، لأنها ببساطة ليست السابقة الأولى، بيد أنه دأب بين الحين والآخر على الإدلاء بمثلها، وفي كل مرة تسوء الاحوال ولا تتحسن وها هم مواطنوه قد سئموها من فرط تكرارها دون فائدة تذكر .
المفارقة أن الرجل لايدرك ــ وفق مراقبين ــ أن أوضاع الداخل وهي أصلا في تقهقر مستمر، باتت تتأثر علي نحو متعاظم بسياسات البلاد الخارجية، والدليل على ذلك، دفعت تعليقات أردوغان، بقرب شن هجوم عسكري عبر الحدود في سوريا تحديدًا، الليرة للتراجع لما دون سلة من عملات الأسواق الناشئة التي تواجه بالفعل ضغوطا من صعود الدولار في انخفاض هو الأكبر لها منذ 20 يوليو، إذ بلغت 5.7720 ليرة مقابل الدولار الواحد، متراجعة من إغلاق أمس الأول والذي كان قد توقف عند 5.6490 ليرة.
الأمر الغريب والمثير للدهشة أن هذا التطور العاصف لا يبدو أنه وصل لمسامع أردوغان، وعزز ذلك مواصلته إطلاق الوعود البراقة، وفي الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الثالث للبرلمان (مجلس الأمة التركي الكبير) أكد أن بلاده ستواصل العمل الدؤوب، حتى الدخول بين أقوى 10 دول اقتصاديًا في العالم.
وفي عبارات مكابرة لا يعكسها الواقع الاقتصادي المتردي ولا يصدقها الكثيرون وبعضهم من حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده هو نفسه، شدد أردوغان على أن تركيا أغلقت باب الاقتراض من صندوق النقد الدولي في مايو عام 2013، بشكل نهائي، وأنه من غير الممكن فتح هذا الباب مجددًا، وفي مسلسل التكرارات التي لا تنتهي عاد وأعرب عن توقعاته بتراجع نسبة التضخم، إلى أقل من 10% في وقت قريب في تناقض واضح لما سبق وتفوه به زوج ابنته الكبيرة سمية.
وفي تصريحات مخالفة للواقع، قال أردوغان إن بلاده حققت زيادة في عائدات السياحة العام الماضي 12%، وهذا العام سيزيد بنسبة 10%، ومن المنتظر أن يصل عدد السياح إلى 50 مليونا، في الوقت الذي كشف فيه معارضوه – وفقًا لبيانات حكومية - أن الوفود الخليجية التي تشكل رافدا رئيسيا للسياحة التركية تراجعت بمعدلات كبيرة، ونفس الأمر للقادمين من البلدان الأوروبية وفي مقدمتهم الألمان، بفعل تحذيرات حكوماتهم بعدم السفر لوريثة الإمبراطورية العثمانية خشية اعتقالهم خصوصا لو كانوا من أصول كردية! ويبقى السؤال إذن.. من أين جاء بتلك الارقام المغرقة في التفاؤل؟