Close ad

بعد أن قضى على استقلال البنك المركزي التركي.. أردوغان يدفع اقتصاد بلاده نحو المجهول

8-7-2019 | 20:22
بعد أن قضى على استقلال البنك المركزي التركي أردوغان يدفع اقتصاد بلاده نحو المجهولأردوغان و البنك المركزي التركي
أنقرة : سيد عبد المجيد

أردوغان يدفع بلاده لنفق مظلم، هذا هو العنوان العريض لمئات من التغريدات التي ازدحمت بها مواقع التواصل الاجتماعي، أصحابها ليسوا فقط مواطنين عاديين بل هم خبراء معنيون بهموم البلاد الاقتصادية.

موضوعات مقترحة

مع الساعات الأولي من صباح اليوم الإثنين وبالتزامن مع بدء عمل الأسواق في بلدان شرق آسيا، تهاوت الليرة التركية بنحو 4 % قبل أن تعاود الارتفاع الطفيف مع اقتراب نهاية عمل اليوم، والفضل يعود لملايين الدولارات التي تم ضخها استنزافا من احتياطيات العملات الأجنبية لمنع تدهورها، غير أن مراقبين أكدوا أن انهيارها محتوم وستشهد عليه الأسابيع القليلة القادمة.

السبب المباشر تمثل في تداعيات إقالة محافظ البنك المركزي مراد تشتين كايا، وهو ما كرس على نحو نهائي ما سبق وحذرت منه مؤسسات مالية دولية، أن أردوغان يريد أن يدير البنك المركزي الذي لم يعد مستقلا، وليصبح جزءا من وزارة المالية والخزانة التي يديرها صهره الذي يفتقر إلى الكفاءة والخبرة والحنكة السياسية.

وهو ما جعل الخبير الاقتصادي والكاتب الصحفي أوغور جورسيس، أن يشبه قرار أردوغان بالإطاحة بمحافظ البنك المركزي تشتين كايا، بأنه لا فرق بين هيئة السكك الحديدية والبنك المركزي، وأن استقلال الأخير ثبت أنه مجرد شعارات لا حقيقة لها على أرض الواقع، واصفًا ما حدث بأنه صفعة قوية للاستقلالية وللاعتبار المؤسسي للبنك.

لكن أردوغان، سوف يستمر في بسط هيمنته على البنك ووأد استقلاليته التي أرساها الخبير الاقتصادي البارز كمال درويش في مستهل الألفية الثالثة، عقب أزمة اقتصادية في 2001، ولم يكن العدالة والتنمية قد اعتلي سدة السلطة بعد، وكان من نتائج ذلك أن شهدت تركيا استقرارا ماليا، ولولا ذلك لما استطاع أردوغان أن يحقق إنجازاته والتي بدأت تتآكل شيئا فشيئا بالتزامن مع تزايد سطوته على مفاصل الدولة، والعام الماضي تم تدشين النظام الرئاسي الذي قضي على ما تبقى من استقلال البنك بعدما حصل رئيس الجمهورية على صلاحيات إقالة محافظه.

وللـتأكيد علي ذلك نقل موقع "دويتشه فيليه" الألماني بنسخته التركية، عن مسئولين بحزب العدالة والتنمية الحاكم قولهم إن إقالة محافظ البنك المركزي هو قرار سياسي من الدرجة الأولى، مشددين على أن أردوغان مصر على تخفيض سعر الفائدة من أجل إنعاش الاقتصاد، وهو ما رفضه المحافظ المقال، منوهين بأنه كان ينوي تنفيذ هذا القرار قبل ذلك، ولكنه انتظر مرور انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الشهر الماضي، والتي أفضت نتائجها إلى زلزال ضرب حكمه بقسوة.

في المقابل أكدت مصادر مصرفية ليست على توافق مع الحكومة، أن "تشاتين كايا" لم يتعجل في تنفيذ أوامر وتعليمات أردوغان بتخفيض سعر الفائدة، نظرا لأن الإشارات كلها أظهرت بوضوح أن الفترة المقبلة ستشهد تلاعبا في سعر الدولار أمام الليرة التركية، فضلا عن تراجع تدفق الأموال الأجنبية إلى البلاد، وهو ما حدث بالفعل.

وفي محاولة للالتفاف على سقوط حزبه المدوي عاد ليحمل "ما يصفه لوبي الفائدة " كل الشرور التي تعاني منها تركيا، وهكذا أطاح برئيس بنكه المركزي ليأتي بآخر ينفذ تعليماته بالحرف الواحد بدون مناقشه.

من جانبه قال المحلل الاقتصادي للأسواق الناشئة في بلوباي لإدارة الأصول، تيموثي آش، في تغريدة على حسابه بموقع تويتر، إن الحكومة التركية تحمل تشتين كايا مسئولية انتخابات إسطنبول التي خسرتها وتجعل منه كبش فداء قائلا: "الأمر مثير للضحك".

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وبشدة على الساحة السياسية، البلاد واقتصادها إلى أين يتجهان؟ خاصة أن هناك توقعات بأن تنفذ الولايات المتحدة تهديداتها بفرض حزمة عقوبات على أنقرة، وذلك بسبب منظومة إس ــ 400 الروسية التي يفترض أن دفعتها الأولي ستصل جوا الجمعة القادم، وقبلها بيومين سيحط خبراء روس رحالهم لاختيار الأماكن التي سيتم نشر الصواريخ عليها.

أمام هذا التطور لن يكون أمام البيت الأبيض سوى أن يتخذ قرار معاقبة تركيا، وفي حال حدث ذلك فلن يتحمل اقتصادها المتداعي أصلا تبعاته المدمرة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: