Close ad

صحيفة الشعب الصينية: الشرق الأوسط يتخبط بين معسكري واشنطن وموسكو

13-4-2018 | 17:50
صحيفة الشعب الصينية الشرق الأوسط يتخبط  بين معسكري واشنطن وموسكو أمريكا و روسيا

ألقت صحيفة "الشعب" الصينية، الضوء على الأحداث المتصاعدة فى سوريا عبر مقال للكاتب ليو تشونج مين، مدير أكاديمية دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنجهاي للدراسات الأجنبية .

موضوعات مقترحة

وقال تشونج في افتتاحية مقاله، إن التطورات الأخيرة أظهرت دخول الوضع السوري والسياسات الأمريكية تجاه القضية النووية الإيرانية مرحلة حاسمة، الأمر الذي سيزيد من حدّة الصراع الإقليمي؛ وقد أدى هذا الصراع إلى تشكل معسكرين متنازعين بقيادة أمريكا وروسيا؛ ونظرا لتداخل وتعقد مصالح الجانبين، سيستمر الوضع في الشرق الأوسط متراوحا بين المواجهة والفوضى.

أمريكا وروسيا تقودان لعبة معقدة

بالنسبة إلى الولايات المتحدة فقد شدد تشونج أن أمريكا أبدت منذ البداية ترددا وحذرا استراتيجيا تجاه الأزمة السورية، ويعود ذلك أساسا إلى تراجع النفوذ والتحكم الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد الدروس التي تعلمتها من حربيها في أفغانستان والعراق، وهو السبب الذي حال دون اندفاع أمريكا نحو الخيار العسكري لإسقاط نظام بشار الأسد.

لذا فضلت أمريكا الضغط على النظام السوري من خلال القنوات الدبلوماسية والرأي العام والعقوبات الاقتصادية ودعم المعارضة، في حين بقيت الحرب خيارا مستبعدا سواء في إدارة باراك أوباما أو إدارة دونالد ترامب.

ومنذ تسلمه مقاليد السلطة في البيت الأبيض، مثّل "حظر السفر"، واحتواء إيران ومحاربة تنظيم داعش وإعلان القدس الشرقية عاصمة لإسرائيل، أبرز محطات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط؛ في المقابل، ظلت الأزمة السورية بعيدة عن مركز اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، لكن مع تغيير ترامب لفريقه الدبلوماسي والأمني، سيكون مستقبل السياسة الأمريكية تجاه سوريا أكثر غموضا.

إجمالا، يمكن القول إنه رغم استبعاد أمريكا للخيار العسكري في سوريا، إلا أنها لاتزال تستعمل مختلف الوسائل الأخرى للتأثير في مجرى الأزمة السورية، والحيلولة دون سيطرة روسيا على الوضع السوري بأكمله، وهذا يعد العامل الأبرز وراء إطالة أمد الحرب السورية.

ومن واشنطن إلى المعسكر الآخر حيث موسكو، يرى تشونج أن روسيا تمتلك إستراتيجية واضحة في سوريا، كسعيها للعودة إلى الشرق الأوسط من خلال سياستها في سوريا، كما ساعدتها الأزمة السورية على تخفيف الضغوط التي تواجهها في أوكرانيا، وإضافة إلى هذا وذاك، علاقاتها التحالفية مع إيران، حيث قامت روسيا بتحسين علاقاتها مع كل من السعودية وتركيا والسعودية ، في مسعى لخلخلة تحالفات أمريكا وتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.

من جهة أخرى، استغلت روسيا الخلاف الأمريكي - التركي في عام 2016، لتغيير السياسات التركية تجاه سوريا، لكن نظرا لتداخل وتعقد المصالح الداخلية والخارجية في روسيا، تبقى روسيا عاجزة وحدها على معالجة الأزمة السورية.

مواجهة متشابكة بين المعسكرين

ونوه تشونج إلى أنه ومنذ اندلاع الاضطرابات في الشرق الأوسط، أدت الأزمة السورية إلى تشكل معسكرين كبيرين في المنطقة بقيادة أمريكا وروسيا، إلى جانب المواجهة الإقليمية، حيث تلعب كل من إسرائيل وتركيا وقطر دورا أكثر تعقيدا.

إسرائيل رغم أنها أحد الأعضاء المركزيين في المعسكر الأمريكي، لكنها تحافظ على سياسة متواربة مع روسيا ، مع احتدام المواجهة بينها وبين إيران وحزب الله داخل سوريا، وأصبحت إسرائيل المشتبه الرئيسي بإطلاق الهجوم الصاروخي الأخير، كما من المتوقع أن تزيد إسرائيل من وتيرة تدخلها في سوريا خلال المرحلة القادمة .

وقال تشونج إن التغير في الموقف التركي يعد الأكبر، فبعد أن كانت تركيا جزءا من المعسكر الغربي، أصبحت الآن عضوا في المعسكر الروسي، لكن لا تزال إلى الآن "عنصرا مختلفا" عن بقية أعضاء المعسكر الروسي، حيث تمثل المسألة الكردية مركز اهتمام تركيا، وهو السبب الذي دفع تركيا للتدخل عسكريا عدة مرات في سوريا.

في ذات الوقت، لم تتخل تركيا إلى الآن عن فكرة إسقاط نظام بشار الأسد، وعلى هذا الأساس، ستواصل تركيا على المدى الطويل دعم المعارضة السورية من جهة، ومن جهة ثانية، ستواصل تنفيذ عمليات عسكرية على الأكراد في سوريا، وهو ما سيزيد الوضع السوري تعقيدا.

أما الدور القطري فيبدو أكثر اختلافا، فرغم أنها تحافظ على انتمائها للمعسكر الأمريكي، إلا أن قطر تتخذ مواقف مستقلة تجاه عدة قضايا، كما تبدي تحديا للسعودية، وهو السبب الذي أدى إلى اندلاع أزمة قطع العلاقات في عام 2017.

مصاعب تشكيل جبهة موحدة

وخلص تشونج في نهاية مقاله إلى أنه وعلى الرغم من حالة المواجهة بين المعسكرين في الأزمة السورية، لكن ذلك لا يعني بأن هذين المعسكرين متماسكان داخليا، مثلا، يجمع كلا من روسيا وإيران موقف موحد تجاه القضية السورية، لكن إمكانية اتفاق الجانبين على تشكيل جبهة واحدة حول مسألة الاتفاق النووي تبقى مستبعدة.

وعلى سبيل المثال أيضا، تلتقي المصالح الأمريكية والإسرائيلية في مجابهة إيران، لكن في ذات الوقت تربط إسرائيل علاقات جيدة مع روسيا، أما تركيا فرغم انحيازها للمعسكر الروسي، لكن تبقى بينها وبين روسيا تباينات في المواقف بشأن نظام بشار الأسد والقضية الكردية، من جهة أخرى، رغم وجود تعاون بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين التقليديين، غير أنه من الصعب أن تنجح أمريكا في تشكيل جبهة موحدة مع الأوروبيين تجاه قضايا الشرق الأوسط.

وفى النهاية يبقى مصدر المتغير الأكبر هو التغيرات المستمرة التي تشهدها إدارة ترامب، فباستثناء وضوح سياسة "أمريكا أولا" وسياسة احتواء إيران، من الصعب أن نجد إستراتيجية أمريكية واضحة ومتكاملة في الشرق الأوسط؛ لذا من المرجح أن تبقى منطقة الشرق الأوسط بين مطرقة المعسكر الأمريكي وسندان المعسكر الروسي، وتحافظ على وضع معقد ومتشابك بين مختلف القوى والتناقضات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة