Close ad

أول دولة للخوارج في الإسلام .. أسسها "قطري" ودمرها الحجاج

9-6-2017 | 20:53
أول دولة للخوارج في الإسلام  أسسها قطري ودمرها الحجاج صوره تعبيريه عن حروب الخوارج
أحمد عادل

ليس من قبيل المصادفة أن يرتبط اسم "قطر" التي تسعى لدعم الإرهاب وإيواء المتشددين بمنطقة الشرق الأوسط بمؤسس أول دولة للخوارج في التاريخ الإسلامي، لقد استلم هذا الرجل تنظيم "الخوارج الأزارقة"، فأعلن الخلافة، تحت اسم "إمارة المؤمنين"، وارتدى السواد، وخاض الحروب ضد الدولة، وكفر المجتمع قبل أن يقتله الحجاج بن يوسف الثقفي.. فمن هو ذلك "القطري"؟

موضوعات مقترحة

هو قطري بن الفجاءة بن يزيد بن زياد المازني التميمي، والحق أن علماء الأنساب والمؤرخين مثل ابن خلكان في كتاب "وفيات الأعيان"، وابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" قد اختلفوا كثيرًا حول اسمه ومسقط رأسه، فقد قيل: إن اسمه جعونة، وإن قولهم قطري ليس باسم له، ولكنه نسبة إلى موضع بين البحرين وعمان، وهو اسم بلد كان منه، فنسب إليه.

ارتبطت المسيرة الظلامية لقطري بن الفجاءة بأستاذه نافع بن الأزرق، أحد رءوس الخوارج ومنظريهم، وبه سميت الفرقة بـ"الخوارج الأزارقة"، وكان نافع هذا قد بدأ حياته طالبا للعلم في مجلس عبد الله بن عباس، حتى ضجت المدينة المنورة بالثورة ضد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فتحمس نافع بن الأزرق لأفكار عبد الله بن سبأ، ذلك الرجل اليهودي الذي تسبب في اشتعال الفتنة الكبرى بين المسلمين منذ عام "35 : 40 هـ".

وحين وقعت حادثة التحكيم الشهيرة بين الإمام على بن أبى طالب ـ كرم الله وجهه ـ ومعاوية بن أبى سفيان، حتى خرجت طائفة كبيرة من جيش الإمام عليه وحاربته قرب مدينة "حروراء" بالكوفة، وصار نافع أحد زعماء هؤلاء الخوارج، وفى أعقاب هزيمة هؤلاء الخوارج في معركة "النهروان" أمام جيش على بن أبى طالب ـ كرم الله وجهه ـ تفرقوا من العراق ونزلت طائفة " الخوارج الأزارقة" ببلاد البحرين، وما أقبل عام 40 هـ حتى تمكن الخوارج من اغتيال الإمام على بن أبى طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم، فيما فشلوا في اغتيال معاوية وعمرو بن العاص.

أطلق الخليفة معاوية بن أبى سفيان "41 ـ 60 هـ" يد واليه على البصرة عبيد الله بن زياد لقتال الخوارج، فلم يعد هناك نشاط سياسي أو حربي يذكر خلال تلك الفترة، وخاص بعد مقتل كبيرهم مرداس بن حميد التميمي.

وما أن توفى معاوية حتى عاد الخوارج لحمل السلاح على الدولة من جديد، فخرج نافع بن الأزرق بصحبة تلميذه قطري بن الفجاءة وسائر فرقته لمبايعة عبد الله بن الزبير بالخلافة، وحين شارفوا مكة كان يزيد بن معاوية "61 ـ 64 هـ" قد أرسل جيشا لحرب ابن الزبير، فاشترك الخوارج في القتال ضد جيش يزيد حتى هُزم، وحينها سألوا ابن الزبير عن رأيه في عثمان وعلى، مدحهم وأثنى عليهم، فأغضب رأيه هؤلاء الخوارج وانفضوا عنه.

توجه نافع تلقاء البصرة بعد انتقال واليها عبيد الله بن زياد إلى الشام، وحاول أن يدخل المدينة عنوة، ويفرض عليها أحكام الخوارج، إلا أن أهل المدينة استبسلوا في حمايتها، فتجمع أهلها وقاتلوهم وطردوهم إلى الأهواز "إيران الحالية"، وكان ذلك سنة 64هـ، وفي السنة التالية أعاد نافع الكرة على البصرة، ولكن أهلها استبسلوا بالقتال وتمكنوا من قتله وتشريد من معه.

بوفاة نافع تولى قطري بن الفجاءة أمر "الخوارج الأزارقة"، فأصر على أن ينتقل بهم من مرحلة "التنظيم المتشدد" إلى مرحلة "الدولة الدينية"، فسمى نفسه بالخلافة، وألزم رفاقه بلبس السواد، وكانت أولى خطواته الانتقام من أهل البصرة الذين قتلوا نافعا.

نجح قطري في اقتحام البصرة، وأعلن أحكامه العرفية المتشددة على أهل المدينة، فمن يخالفهم الرأي مشرك وإن كان مسلما، ومن لا يسارع منهم إلى اعتناق مذهبهم يستحل دمه وماله وأهله، وكفّروا علياً لقبوله التحكيم، فضلا عن معاوية، وعبد الله بن عباس، وطلحة، والزبير، وأم المؤمنين عائشة، وجميع من شارك بموقعتي الجمل وصفين،وحكموا بخلودهم في النار.

وأعلى قطري من تنفيذ أحكام أستاذه نافع، فلا يحل لأصحابه المؤمنين أن يجيبوا أحداً من غيرهم إلى الصلاة إذا دعاهم إليها، ولا أن يأكلوا من ذبائحهم، ولا يتزوجوا منهم، ولا يتوارث الخارجي وغيره، فضلا عن تكفير مرتكب الكبيرة، واشترط أن يكون الحاكم أصلحهم ديناً سواء أكان قرشياً أم غير قرشي، عربياً أم غير عربي، كما رأوا وجوب عزل الخليفة إذا كان جائرا أو ظالما، وإذا لم يعتزل في هذه الحالة، قوتل حتى يقتل.

نجح قطري من خلال قوة شخصيته وقدراته الكلامية على إلقاء الخطب ونظم الأشعار في جذب الكثير من الأتباع لدولته الإرهابية الوليدة، ودعا عامة المسلمين من أهل الضلالة "وفقا لرأيه" للهجرة إلى دار السلام والانضواء تحت راية خلافتهم المزعومة، وراحوا يسوقون لأنفسهم باعتبارهم دعاة للعدل ضد ظلم الخلافة الأموية،وقد باعوا أنفسهم لذلك لتنفيذ هذه الغاية.

اكتسبت الخلافة الأموية قوة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان"65-86هـ"، ونهضت في حرب هؤلاء الخوارج، فسير عبد الملك جيشا إلى البصرة بقيادة والي البصرة خالد بن عبد الله بن أسيد لقتال الخوارج، وكانوا بقيادة قَطَري، واشتبك معهم في معركة ضارية في منطقة الأهواز انتهت بهزيمة خالد، وازدادت شوكة الأزارقة.

وما لبث عبد الملك بن مروان أن عزل خالداً، وولّى على البصرة بشر بن مروان، وعيّن المهلب بن أبي صفرة قائداً للجيش، وفوض إليه أمر قتال الأزارقة من دون الرجوع إلى أحد، فاشتد في قتالهم حتى أجلاهم من العراق إلى طبرستان وكرمان "شمال إيران الحالية".

لم يجد عبد الملك بن مروان بدا من أن يرمى قطري بأسوأ قواده سمعة في سفك الدماء، وهو الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي نجح في القضاء على دولة ابن الزبير في الحجاز، وأعاد العراق المضطرب للسلطة الأموية، فأسند إليه عبد الملك ولاية المشرق بأسره.

وطيلة ثلاث عشرة سنة، بقي قطريّ يقاتل ويسلّم عليه بالخلافة وإمارة المؤمنين، والحجاج بن يوسف يُسيّر إليه جيشا بعد جيش، وهو يردهم ويظهر عليهم، ولم يزل الحال بينهم كذلك حتى توجه إليه سفيان بن الأبرد الكلبي، فظفر عليه وقتله في سنة79 هـ، وقيل عثر به فرسه فمات، فأخذ رأسه فجيء به إلى الحجاج.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة