Close ad

هل تنهي لجنة الفتوى بالأزهر الجدل حول القضايا الدينية؟

22-11-2020 | 18:48
هل تنهي لجنة الفتوى بالأزهر الجدل حول القضايا الدينية؟ الأزهر الشريف
شيماء عبد الهادي

حالة من الفوضى والجدل تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تتعلق بالفتوى في الأمور الحياتية، كان آخرها ما طرحته الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، في أحد البرامج الحوارية، بشأن "جواز زواج المسلمة من غير المسلم".

آخر هذا الجدل، ما أثارته تصريحات الدكتورة آمنة نصير، بين مشتركي مواقع التواصل الاجتماعي، والذي شهد عليها في الأوساط الدينية، الأمر الذي دفع الدكتورة آمنة، إلى "التراجع"، والتأكيد أن حديثها "تم اجتزاؤه من سياقه، من أجل تأجيج الفتن".

من جانبه، يقول أحمد ممدوح واعظ وباحث شرعي بمجمع البحوث الإسلامية: إن إثارة القضايا التي تسبب تعكير صفو الرأي العام من الخطورة بمكان على الفرد والمجتمعات خاصة إذا كانت تتعلق بشأن عام كالقضايا الدينية والوطنية".

يتابع ممدوح لـ"بوابة الأهرام" أن الإسلام كان أشد حرصًا على بناء المجتمعات في جو يسوده الوئام بعيدا عن الجدالات العقيمة تاركا القضايا العامة لأهل التخصص وفي ميادينهم دون الرأي العام حتى لا يصبح المجتمع في فوضى عارمة وتتحول الحرية إلى فوضى، والشائعة إلى حقيقة، خاصة وأن القضايا الدينية تمتاز بأهمية خاصة لارتباطها الشديد بعقيدة الإنسان وفكره وثقافته.

ولفت إلى أن الحالة السابقة "تؤثر على الجانب الثقافي والفكري الذي قد يتحول بعد فترة إلى مفاهيم مغلوطة أشد فتكا على المجتمع ويساعد في انتشار التيارات الإلحادية والجماعات التكفيرية مما يؤثر بالسلب على الناتج الفكري والثقافي للمجتمع حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الإطالة في القراءة في الصلاة بالفتنة فقال أفتان اقرأ الشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى".

ويتفق محمود جمال واعظ لغة إنجليزية بالأزهر، ما سابقه، موضحا أن الشريعة الإسلامية حثت على ترك الجدال وإن كان الإنسان مُحقًّا، فكيف بالذي يجادل في الباطل ويشعل نار الفتنة في المجتمع؟! فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنا زعيمٌ - أي ضامن - ببيت - أي قصر - في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقه"، وقال الزهري "رأيت مالكاً وقوماً يتجادلون عنده فقام ونفض رداءه وقال: "إنما أنتم حرب".

وأشار جمال لـ"بوابة الأهرام"، إلى أنه برغم حرص العلماء على نشر العلم وعدم كتمانه، إلا أنهم نبذوا الخوض في الجدال، وما من شأنه يؤدي إلى التنازع والفرقة والخصومة بين الناس، وقد قال الحسن البصري - رحمه الله -: "المؤمن لا يداري ولا يماري، ينشر حكمة الله، فإن قبلت حمد الله وإن ردت حمد الله - عز وجل وعلا - وبعد هذا فأكره الجدال والمراء ورفع الصوت في المناظرة في الفقه إلا على الوقار والسكينة الحسنة". (الشريعة، للآجُرِّيُّ).

وكلما تجدد الجدل حول القضايا الدينية والشرعية، تجددت المطالب بضرورة إقرار قانون يختص بتنظيم الظهور الإعلامي لرجال الدين والعاملون علي الفتوي، وهو الأمر الذي سبق وطرح من خلال البرلمان في شكل قانون نص في مسودته الأولى على أن تتحقق كل مؤسسة إعلامية من حصول عالم الدين على ترخيص سار من المؤسسات الدينية الرسمية في مصر، قبل السماح له بالظهور إعلامياً للحديث في الشأن الديني".

وحدد مشروع القانون بحسب مسودته الأولى حينها "غرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، لكل من قام بالتحدث في وسائل الإعلام، دون الحصول على ترخيص، أو أثناء إيقاف أو سحب الترخيص، وتضاعف العقوبة في حالة العودة مرة أخرى للظهور".

من جانبه، أتخذ الأزهر الشريف باعتباره المؤسسة الدينية الكبرى في مصر، عدة خطوات علي مدار السنوات السابقة في سبيل الحد من فوضي الفتاوي منها تحديد قائمة بأسماء رجال الدين والوعاظ والمفتين المصرح لهم بالظهور الإعلامي والفتوي إلا أن الأمر لم يكن كافيا خاصة وأن تلك القائمة كانت قد أسقطت أسماء عدد من رجال الدين اعتادوا الظهور عبر القنوات الفضائية، إلي جانب إنشاء مركز خاصة بالفتوى الإلكترونية منوط به رصد الفتاوي والرد عليها.

وفي خطوة جديدة يحاول بها الأزهر الحد من فوضي الفتاوي، أصدر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، قرارًا بتشكيل لجنة استشارية للفتوى بالأزهر الشريف برئاسة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وتضم عددًا من أعضاء هيئة كبار العلماء وأساتذة العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر.

كما قرر الإمام الأكبر إسناد الإشراف العلمي على اللجنة الرئيسية للفتوى بالجامع الأزهر، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، واللجان الفرعية للفتوى بالمحافظات، إلى لجنة علمية تتكون من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور حمدي صبح، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق.

وبحسب القرار، فقد اسند إلي اللجنة الاستشارية للفتوي، عدة مهام هي :

- تحقيق الربط بين الجهات المعينة بالفتوى بالأزهر عبر التقنيات الحديثة، والتأكد من مراجعة الفتاوى الصادرة قبل نشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة.
- التأكد من توافق الفتاوى الصادرة عن الجهات المعنية بالفتوى واللجنة الاستشارية مع قرارات وفتاوى هيئة كبار العلماء.
- إعداد تقرير شهري عن أعمال جهات الفتوى بالأزهر.
- العمل على إصدار كتاب يجمع فتاوى الجهات المعنية بالفتوى في الأزهر وإتاحته للباحثين والدارسين.
- وضع الخطط التجديدية في نظام الإفتاء وضوابط الفتوى الشرعية.
- أن يكون الإعلان عن الفتاوى المعتمدة من خلال الموقع الرسمي للجهة الصادر عنها الفتوى.

في النهاية، يتجدد التساؤل القديم الذي يثار مع أي خطوة يتم اتخاذها في هذا الشأن؛ هل تنجح هذه اللجنة في مهامها؟ وهل تستطيع إنهاء فوضى الفتاوى، لا سيما تلك المعروفة باسم "فتاوي التيك أواي"؟.

كلمات البحث