أصدرت مكتبة الإسكندرية تحذيرًا من النظر بالعين المجردة للشمس وقت الكسوف بدون استخدام النظارات الواقية، أو الفلاتر الخاصة والتلسكوبات المجهزة، أو من خلال لوحين مزدوجين من ألواح الأشعة الطبية.
وكانت مكتبة الإسكندرية قد أعلنت أن العالم سيشهد الساعة السادسة من صباح غدٍ الأحد الموافق 21 يونيو ظاهرة كسوف حلقي للشمس، وينتهي في الساعة 8:20 صباحًا تقريبا؛ ليتم بعدها إعلان ميلاد شهر ذي القعدة فلكيًا.
وأكدت مكتبة الإسكندرية أن كسوف الشمس يحدث مع بداية الشهر القمري عندما تقع الأرض والقمر والشمس على استقامة واحدة، مشيرة إلى أن كسوف غدًا الأحد سيظهر في مصر ووسط إفريقيا، مارًا بالسعودية وشمال الهند وجنوب الصين، وينتهي في المحيط الهادئ، وبعدها يولد هلال القمر الجديد (هلال شهر ذي القعدة).
ومن المعروف أن الكسوف والخسوف من الظواهر الطبيعية التي تحدث في فترات يمكن أن تكون معلومة الوقت، خاصة عندما يقع القمر بين الأرض والشمس في استقامة واحدة؛ (الأرض.. القمر.. الشمس).
ولكن ماذا كان يفعل النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" عند حدوث كسوف الشمس أو خسوف القمر؟
كسوف الشمس وخسوف القمر هما آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباده، ويذكّرهم ببعض أحداث يوم القيامة، إذا الشمس كوّرت، وإذا النجوم انكدرت، وإذا برق البصر، وخسف القمر، وجُمع الشمس والقمر، وهذه بعض أشكال التخويف من هول يوم القيامة؛ حتى يعود المؤمن لربه ويأتمر بأوامره وينتهي عن نواهيه.
فقد ثبت في السنة أن الشمس كسفت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم وفاة ابنه إبراهيم، فقد جاء في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله.
ولم يقف علماء الدين على كسوف للشمس في حياته صلى الله عليه وسلم غير هذا الكسوف، وإن كان بعض أهل العلم يرى بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى صلاة الكسوف، والأشهر أنها ركعتان، وتصلى مع وقت الكسوف، ولكن في غير أوقات الكراهة؛ وهما بعد العصر وبعد الفجر.
كما روي عن الرسول "صلى الله عليه وسلم" أنه من شدة خشيته لله قد خرج فزعًا إلى الصلاة ظانًا أن الساعة قد قامت؛ لما كسفت الشمس في عهده، وهذا من قوّة استحضاره قيام الساعة، وشفقته على الناس منها، وأمّا نحن - للأسف الشديد - فقد أصابتنا الغفلة حتى أصبحنا لا ننظر إليها ولا نتأملها ونعتبرها مجرّد ظاهرة طبيعية، ونعمد فيها إلى لبس النظّارات وحمل الكاميرات، والاقتصار على التفسير العلمي الدنيوي لها، دون أن ندرك ما وراء ذلك من التذكير بالآخرة.
من أسباب قسوة القلوب
ويعتبر عدم الالتفات والاعتبار بكسوف الشمس وخسوف القمر والزلازل والأعاصير والأوبئة من علامات قسوة القلب، وقلة الاهتمام بأمر الآخرة وضعف الخشية من قيام الساعة، والجهل بمقاصد الشّريعة وما جاء عن النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" من الفزع عند حدوث الكسوف والخسوف.
وقد جاء في كتاب: "التفكر والاعتبار بآياتِ الكسوف والزلازل والإعصار" لمؤلفه: أبو محمد عبدالكريم بن صالح، أن من أسباب قسوة القلوب اليوم، وفراغها من الخوف من الله عز وجل، لِمَا غطاها من ران الذنوب لَمَّا انتشر داء التعطيل والإلحاد حتى ملأ العالم بواسطة علوم دخيلة على المسلمين مجالها الطبيعة المقطوعة عمن خلقها ويُدَبِّرها، ومن هنا رحَل الخوف، وأصبحوا لا يذكرون الله ولا يخشونه حينما يقع بأس الله وغضبه كالكسوف والزلازل والأعاصير وغيرها، وإنما ينسبون ذلك للطبيعة وكأنها تتصرف بذاتها! قال تعالى: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1)، فأين التضرع عند حدوث الحوادث؟!.
الصحابة كانوا يصلون صلاة الكسوف والخسوف
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون لصلاة الكسوف والخسوف، وفي أنفسهم أنها لو كانت لقيام الساعة لم يكونوا بصلاتهم غافلين، وإن كان الكسوف والخسوف ليس لأنّ القيامة قد قامت، فلم يخسروا بصلاتهم، وإنما غنموا أجرًا كبيرًا.
نسأل الله ألا يجعلنا من الغافلين، وأن يجعلنا ممن يخشونه، وعلى طريق الحق والخير سائرون، ومن الساعة مشفقون، وأن يحفظنا ويحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء، و"صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".