Close ad

قصة آية في كتاب الله

19-5-2020 | 23:17
قصة آية في كتاب الله.
علي شفيق الشيمي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.. (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) صدق الله العظيم).

على مدار شهر رمضان الكريم نقدم لكم كل يوم حلقة عن سبب نزول آية من آيات القرآن الكريم؛ لنتعلم منها الحكمة ونعرف سبب نزولها.

سب نزول سورة "عبس"

نزلت آيات سورة عبس في حق "عبد الله بن أم مكتوم" وهو: عبد الله بن أم مكتوم،... وأم مكتوم هي عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن مخزوم، وهو ابن خال "أم المؤمنين خديجة بنت خويلد" رضي الله عنها، وكان عبد الله بن أم مكتوم من أوائل المهاجرين في سبيل الله إلى المدينة قبل هجرة الرسل صلى الله عليه وسلم.

قال تعالي: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) (5) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ)

عن عائشة رضي الله عنها قالت: أنزل الله تعالى (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في بن أم مكتوم الأعمى، لقد أتي عبد الله بن مكتوم إلي النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني يا رسول الله علمني وظل يسأل النبي وكان رسول الله مهتم ومشغول بدعوة كبار وعظماء المشركين إلى دين الإسلام طمعاً في أن يزداد الإسلام بهم قوة ومنعه ويأتي من ورائهم رجال كثر تدخل في دين الله ويهتدوا إلى طريق الرشاد، فكان عبدالله بن أم مكتوم صحابي جليل يلتمس الهدايا ومحب للقرآن والفقه ويهتم بالعلم وكل شيء يختص بالدين،..

لقد كان هم النبي صلى الله عليه وسلم هو دعوة الناس جميعاً إلى الدخول في دين الإسلام، وكان صلى الله عليه وسلم لا يترك طريقة إلا ويسلُكها في سبيل توضيح الدين للمشركين، فلما طلب من النبي أن يرشده ويعلمهُ القرآن وجعل يكرر عليه طلب العلم لم يكن يرى النبي أنه كان مشغولاً عنه بالحديث مع غيره فهو معذور، فلم يجبه وتولى عنه فعاتبه الله تعالى عتاباً رقيقاً أي – يا محمد أنت عبست في وجه وتوليت ببدنك أي- (الأعمى)، ثم ذكر الله تعالي: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى)، أي- الأعمى (يزكى) أي- يتطهر عن الأخلاق الرذيلة ويتصف بالأخلاق الحميدة، وقال تعالي:(أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى)، أي- يتذكر ما ينفعه فيعمل بتلك الذكرى أو يحصل له المزيد من الاعتبار، وقوله تعالى: ( أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى)، أي- أما من أستغنى عن هدايتك فأنت تهتم به وتُصغي لكلامه، وما عليك من شيء إلا أن يتطهر من كفره؟... وأما من كان حريصاً علي لقائك، وهو يخشى الله من التقصير في التعلُم والاسترشاد، فأنت عنه مُنشغل بغيره، وليس الأمر كما فعلت يا محمد،.. وإن هذه الآيات هي موعظة لك ولكل من شاء بعدك أن يتعظ، فمن شاء ذِكر الله وأهتم بوحيه أي- القرآن فهو في صحف موقرة عالية الشأن ومطهرة من الدنس والزيادة والنقصان.

ولم يكن من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم أن يتكبر على أحد من خلقه ولكنه اتصف بكل الصفات الكريمة التي تُنزهه عن النقصان فكان قرآنا يمشي على الأرض، ولكنه في النهاية بشر قد يخطئ في بعض الأمور البسيطة الهينة التي لا تنُم عن أي نقص فيه، ومنها صدوده عن الأعمى.

فنزلت السورة معاتبة إياه على عبوسه، ومنذ ذلك اليوم أكرم النبي صلي الله عليه وسلم "ابن أم مكتوم" أحسن إكرام وكان يناديه دائماً مرحباً بمن عاتبني فيه ربيّ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يولي "ابن أم مكتوم" على المسلمين عندما كان يذهب للغزوات، فكان يؤم الناس في صلاتهم لعزوبة وجمال صوته وكان يؤذن للصلاة مع بلال بن رَباح بالتناوب، وقد حدث ذلك في ثلاثة عشرة غزوة مثل (الأبواء- وبواط - وغطفان – و أُحد – وحمراء الأسد- ونجران - وذات الرقاع).

كلمات البحث