ينتظر سكان كوكب الأرض مساء - الجمعة 27 يوليو- رؤية ظاهرة "خسوف القمر"، والتي تعد ظاهرة علمية فلكية مثيرة سيظهر فيها القمر بلون دموي، وسيكون هذا الخسوف هو الأطول فى القرن الـ 21، وفي الوقت نفسه فإن لظاهرتي خسوف القمر وكسوف الشمس طقوس معينة في ديننا عرفناها من نبينا سنستعرضها معًا ونحن نتعرف على أسرار وخفايا هذه الظاهرة.
القمر الدموي
ماسنراه هو خسوف كلي نادر للجرم الأقرب إلى الأرض وهو القمر، ومن مظاهر روعة هذه الظاهرة:
أنها ستستمر لمدة طويلة لن تتكرر لعقود مقبلة، والسبب وراء هذا الخسوف الطويل هو مرور القمر عبر مركز ظل الأرض، وسيكون بذلك على خط واحد خلف الكرة الأرضية والشمس.
وكذلك فإن القمرالذي نعرفه ونراه ذو لون فضي سيظهر لنا بلون دموي مثير، ويرجع العلماء اصطباغ القمر بهذا اللون الدموي لتوسط الأرض بينه وبين الشمس، فيقع عليه ظلها، مصطحبًا معه الوهج الشمسي، وهو برتقالي مائل إلى الحمرة عادة، فيحمر أديمه ويبدو لمن يراه غريبًا وبلون يثير شغف وفضول هواة الفلك لمتابعته وتصويره.
وأيضا فإن أكثر المناطق مشاهدة لهذه الظاهرة الفلكية هي مصر ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والهند وأستراليا وشرق أوروبا، في حين ستشهد بقية مناطق الكرة الأرضية الظاهرة ولكن بصورة أقل.
أنواع الخسوفات
وخسوف القمر يمكن أن يحدث ثلاث مرات فى العام، وهو ظاهرة فلكية تحدث عندما يحجب ظل الأرض ضوء الشمس المنعكس من القمر في الأوضاع العادية، وخسوف يوم الجمعة من النوع الدموى، وهو أحد ثلاثة أنواع للخسوفات وهي:
خسوف كلي، ويحدث عندما يدخل القمر كله منطقة ظل الأرض، وفي هذه الحالة ينخسف كامل قرص القمر، ويختفى تمامًا في أوقات منتصف الليل.
وخسوف جزئي، يحدث عندما يدخل جزء من القمر منطقة ظل الأرض، وفي هذه الحالة ينخسف جزء من قرصه، ويبدو ظل الأرض واضحًا على وجه القمر.
وخسوف شبه الظل، وفيه يقع القمر فى منطقة شبه الظل فقط، ويصبح ضوؤه باهتًا من دون أن ينخسف، ومنطقة شبه الظل هي المنطقة التي ينحجب فيها جزء من ضوء الشمس عن القمر أي أن المراقب للشمس من على سطح القمر يراها منكسفة جزئيًا، ولا يصنف هذا النوع على أنه خسوف فلكي.
متى يحدث الخسوف الكلي؟
ولكي يحدث الخسوف الكلي فلا بد أن يمر القمر ضمن مراحله الخمس بالخسوفات السابقة، وفي بدايته فإن لون القمر يميل للحمرة بسبب الأشعة الحمراء التي لا يمكن امتصاصها من أعلى الغلاف الجوي للأرض، وفى حالة الخسوف الدموي فإنه بسبب اللون الأحمر القاني للقمر المخسوف كليًا فإنه يطلق عليه اسم "القمر الدامي"، ومصطلح القمر الدامي ليس مصطلحًا علميا ولكن استخدم بسبب اللون المحمر للقمر الكامل المخسوف كليًا، ويرجع ذلك إلى نفاذ طيف الشمس الأحمر (ذو طول موجة طويلة) في جو الأرض وتشتت جزء الطيف الأزرق (ذو طول موجة قصيرة)، بالإضافة إلى عوامل التلوث الجوي التي تؤثر على كمية الأشعة عندما يمر ضوء الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض.
وتنشأ "ظاهرة خسوف القمر"، في منتصف الشهر الهجري، عندما تحجب الأرض ضوء الشمس أو جزءًا منه عن القمر، ويمكن رؤية الخسوف في المناطق التي يكون فيها القمر فوق الأفق.
فعند بداية أو نهاية الشهر القمري يقع القمر متوسطًا بين الأرض والشمس، ولو كان القمر يدور في نفس مستوى دوران الأرض حول الشمس لحدث الخسوف كل شهر، إلا إنه يمكن أن يحدث ثلاث مرات فى العام؛ لأن مستوى دوران القمر حول الشمس يميل بزاوية مقدارها خمس درجات تقريبًا، فإن الخسوف لا يحدث إلا عندما تمر الشمس (بسبب دوران الأرض حول الشمس) في نقطة التقاء المستويين أو ما تسميان بالعقدتين.
مراحل خسوف القمر
وتحدث تلك الظاهرة على خمس مراحل تبدأ بخفوت بعض ضوء القمر دون أن يخسف (خسوف شبه الظل بالمصطلح الفلكي)، ثم يبدأ القمر بدخول منطقة ظل الأرض الخسوف الجزئي. ومنطقة ظل الأرض هي المنطقة التي ينحجب فيها ضوء القمر بسبب الأرض، ويخسف قرص القمر كاملا عند اكتمال دخوله إلى منطقة ظل الأرض، ثم يبدأ القمر بالخروج من منطقة ظل الأرض فينتهي الخسوف الكلي.
القمر حار وبارد
ويعاني سطح القمر عند الخسوف من تغير درجة حرارته بنحو ٢٢٩ درجة مئوية؛ حيث إن درجة حرارة سطح القمر المضاء بالشمس تبلغ أكثر من 130 درجة مئوية، وفي الخسوف وعندما تعترض الأرض لأشعة الشمس الساقطة على القمر فتحجبها تمامًا وتنخفض درجة الحرارة على سطح القمر إلى ما دون 99 درجة تحت الصفر.
مدة الخسوف
وسوف يستغرق خسوف القمر الكلى فى جميع مراحله منذ بدايته وحتى نهايته "شبه ظلي – جزئي – كلي – شبه ظلي" مدة قدرها 6 ساعات و14 دقيقة تقريبًا، ويستغرق الخسوف منذ بداية الخسوف الجزئي الأول حتى نهاية الخسوف الجزئي الثاني "جزئي – كلي – جزئي" مدة قدرها ساعتين و12 دقيقة.
كما يستغرق خسوف القمر الكلي منذ بدايته حتى نهايته ساعة و43 دقيقة.
صلاة الخسوف في الإسلام
ولأن ظاهرة خسوف القمر من الظَّواهر الطبيعيّة التي تدل على عظيم قدرة الله تعالى، فقد شُرعت للخسوف صلاةٌ لرفعها عن النّاس، وذلك مخالفٌ لما كان يُعتقد في الجاهلية أنّ هذه الظَّاهرة تحدث عند وفاة عظيمٍ من العظماء.
روى عن ابن عباس – رضي الله عنهما- أنه قال: "كسفت الشمس على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقام النبي فصلى بالناس، فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه فأطال القراءة، وهي دون قراءته الأولى، ثم ركع فأطال الركوع دون ركوعه الأول، ثم رفع رأسه فسجد سجدتين، ثم قام فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك، ثم قام فقال: إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يريهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة " متفق عليه .
وعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : "خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ". رواه البخاري ومسلم.
وتعتبر صلاة خُسوف القمر (أو صلاة كسوف الشمس فكلاهما تنطبق عليها نفس الأفعال) سنَّةٌ مؤكدةٌ تُصلَّى في السَّفر والحضر، وعدد ركعاتها ركعتان، وهي تُصلَّى على النَّحو التَّالي:
الرَّكعة الأولى: فيها يُكبر الإمام ويقرأ جهرًا الفاتحة، ثُمّ يقرأ شيئًا من آيات القرآن الكريم ويُطيل في القراءة إطالةً لا يشق بها على المأمومين، ثُمّ يركع كركوع الصَّلاة المكتوبة ثُمّ يرفع من الرُّكوع ويقرأ الفاتحة مرَّة ثانيّةً، ثُمّ آياتٍ من القرآن الكريم أقلّ من المرَّة الأولى، ثُمّ يركع ويسجد سجدتين كالصَّلاة المكتوبة تمامًا ويكثر من الدعاء بالخير له وللمسلمين أثناء سجوده.
الرّكعة الثَّانية: بعد السَّجدة الثَّانية يُكبر ويقوم للرَّكعة الثَّانية ويفعل فيها مثلما فعل تمامًا في الرَّكعة الأولى، ويقرأ الآيات من القرآن وتكون أقلُّ طولًا ثُم يتشهد ويسلِّم.
وقت الصلاة
يكون وقت صلاة خسوف القمر من لحظة بداية الخسوف إلى انجلاء القمر، وتُصلَّى في أيِّ وقتٍ يحصل فيه الخسوف من اللَّيل أو النَّهار، أو حتى في أوقات النَّهي.
وينادى للصلاة بقول: الصَّلاة جامعةٌ، ويجوز تكرار النِّداء أكثر من مرّة حتى يسمع الجميع.
فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَبَعَثَ مُنَادِيًا ينادي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعُوا وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ". رواه مسلم .
ويُسنّ للنِّساء حضور الصَّلاة، ويجوز أنْ تُصلّى صلاة الخسوف بشكلٍ منفردٍ أو جماعة.
وفي حال إذا تجلَّى الخسوف أثناء الصَّلاة؛ فعليه أنْ يُتمَّها خفيفةً ، لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا حتى ينجلي). رواه مسلم، ولكن لا يُشرع تكرار الصَّلاة حتى لو استمر الخسوف، ولا تُقضى صلاة الخسوف بعد انجلائه.
ويُسنّ الإكثار من الاستغفار وذِكر الله تعالى والصَّدقة، واستحضار مخافة الله والخوف من عقابه وعذابه، وإعلان التوبة.
ويُسنّ أنْ يخطب الإمام واقفًا خُطبةً واحدةً بعد الصَّلاة لأنّ النَّبيّ "صلى الله عليه وسلم" فعل ذلك.
وإذا اجتمعت جنازةٌ وخسوف قمر؛ فتقدَّم صلاة الجنازة على صلاة الخسوف، كذلك إذا اجتمع وقت الفريضة وخسوف القمر؛ تقدَّم صلاة الفريضة على صلاة الخسوف.
ويجهر بالقراءة في صلاة خسوف القمر؛ لأنها صلاة ليلية، بينما لا يجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس؛ لأنها نهارية.
أسرار خسوف القمر وكسوف الشمس وصلاتهما
صلاة الخسوف من مكة المكرمة
تسجيلات أستوديو الأهرام.. إخراج غادة بهنسي.. تلاوة معاذ زغبي