في ظل اجتياح فيروس كورونا المستجد وانتشاره بسرعة حول العالم، دفع العديد من الدول إلى التسابق في إنتاج اللقاح الفعّال وإجراء "التجارب السريرية" عليه في وقت قصير، وقد أجازت منظمة الصحة العالمية اللقاحات المطروحة لفيروس كورونا في ترخيص طارئ لها في وقت قصير لاحتواء الجائحة، ومن المتوقع أن تستمر تجارب لقاح فيروس كورونا لسنوات قادمة، وكل واحدة تساهم في فهمنا لكيفية السيطرة على هذا الفيروس.
وفي مصر، أعلنت وزارة الصحة يوم 12 سبتمبر الماضي، عن بدء التجارب السريرية على لقاحات كورونا وكانت الوزارة قد أوضحت عند الإعلان عن بدء هذه التجارب الإكلينيكية أنها تتم في إطار التعاون مع الحكومة الصينية، وشركة G42 الإماراتية للرعاية الصحية، وتجرى على لقاحات أتمت المرحلة الأولى والثانية من التجارب على البشر.
تستهدف التجارب 6 آلاف مبحوث في مصر، ضمن 45ألفًا على مستوى العالم في إطار التجارب الدولية التي يطلق عليها "لأجل الإنسانية". هذه التجارب لها أهمية قصوى للجميع في ظل استمرار جائحة كورونا.
ويظل التساؤل مطروحًا كيف يتم تحديد فاعلية اللقاحات المطروحة وآثارها الجانبية من خلال التجارب السريرية؟، "بوابة الأهرام" تستعرض أراء الأطباء حول المدة الكافية لتحديد فاعلية اللقاح وآثاره الجانبية
تحديد التسلسل الجيني
في البداية تقول الدكتورة وفاء عبدالعال، مدير وحدة التجارب الإكلينيكية بالمركز القومي للبحوث لـ"بوابة الأهرام": إن فيروس "كوفيد-19" هجم هجمة شرسة على العالم أجمع؟، أنه فيروس غير معروف، لذلك بدأ العلماء أن يعملوا على الفيروس ومكوناته الجينية لكي للوصول إلى التسلسل الجيني المضبوط لتحديد هويته، لافتة إلى أن العلماء وجدوا أن مكونات كوفيد-19 جديدة وبها بعض الطفرات الجينية القوية ولم يتم تحديد أعراض ظهرت كوباء سريع الانتشار الرهيبة له، ومع ذلك يتم تحديد التسلسل الجيني، بحيث أن العلماء في مختلف الدول قد بدأوا العمل على صناعة اللقاح المناسب للفيروس من خلال جهود ضخمة من كافة المعامل الكبرى في الدول على مستوى العالم.
حرب اقتصادية وعلمية
وأشارت، لقد نتج عن هذه اللقاحات المطروحة حاليا كانت نتيجة لجهود مكثفة وسريعة لاحتياج العالم للقاح في أسرع وقت، ولكن من المعروف علميًا أن تجار اللقاحات تأخذ المزيد من الوقت إلى أن يتم اعتماده، موضحة أنه في شدة احتياج العالم للقاح لجأت الدول ومنظمة الصحة العالمية إلى تسريع الخطوات لأخذ الموافقات لإخراج اللقاح في أسرع وقت، فضلا عن أن هناك حربا بين الدول في تصنيع اللقاحات وتسابق حول من سيخرج اللقاح أولا وذلك من باب الحرب الاقتصادية والعلمية واكتساب لشهرة للدولة والشركة المصنعة.
حماية مؤكدة ولكنها بدرجات متفاوتة
وتابعت: أن اللقاحات المطروحة بها لقاحات جديدة في ومكوناتها ومبني على تكنولوجيا جديدة مثل " فايزر وبيوتيك"، أما اللقاحات الأخرى فهي لقاحات مبنية على التكنولوجيا المتعارف عليها من قبل وهي تلك اللقاحات المطروحة من الصين وروسيا وبريطانيا، مؤكدة أن كل اللقاحات ستعطي الحماية ولكن بنسب متفاوتة، أما بالنسبة للقاح ذي التكنولوجيا الحديثة بعد طرحه وحقنه للمتطوعين يمكن أن يظهر نجاح تلك التكنولوجيا وظهور الآثار الجانبية له.
لقاح مصري
ولفتت إلى أنه في المركز القومي للبحوث منذ ديسمبر 2019 والعمل قائم على قدم وساق لإنتاج لقاح تم بالفعل تحديد التسلسل الجيني|، وقد تم إجراء التجارب قبل الإكلينيكية على حيوانات التجارب وجاءت نسب النجاح كبيرة جدا، مشيرة إلى أن هذه التجارب تم إجراؤها منذ أربعة أشهر، ويتم التحضير لأخذ موافقة هيئة الدواء المصرية، وتحديد مصانع الأدوية المصرية، والتي ستقوم بإنتاج اللقاح وعند أخذ الموافقة سيتم البدء في إجراء التجارب الإكلينيكية على البشر ليكون لدينا لقاح مصري بنسب نجاح عالية.
ترخيص طارئ
ومن جانبه يوضح الدكتور أحمد شاهين أستاذ علم الفيروسات وعضو مجلس الشيوخ، نظرًا لما يمر به العالم بعد جائحة فيروس كورونا وكيفية احتواء انتشار الفيروس قامت منظمة الصحة العالمية بترخيص طارئ أجازت اللقاحات المطروحة في سابقة غير معهودة من قبل، فعلى سبيل المثال نجد لقاح شلل الأطفال الذي تم تجربته على مدى سنوات عديدة وبدء في خدمة البشرية بعد ذلك بنجاح كبير.
اللقاح الصيني
وتابع: أن "اللقاح الصيني" يشبة في التجربة والآلية للقاح شلل الأطفال بل يمكن أن نقول إنه الأفضل من حيث التخزين، والفاعلية، وسعره في المتناول، بالإضافة إلى أنه آمن في استخدامه وذي فاعلية مناعية جيدة وهذا المطلوب، كذلك "لقاح أكسفورد" الذي تم التعامل معه جينيا وحقنه في جسم الإنسان لتكوين أجسام مضادة لفيروس كورونا، أما بالنسبة لـ"لقاح فايزر" فقد تم تصنيعه بأحدث تكنولوجيا في العالم بتقنية "بايو فورماتك"، حيث تم أخذ الـ" M.R .N .A"، والذي يأمر الخلية بتكوين بروتينات فيروس كورونا والمسببة في تكوين الأجسام المضادة والمناعة ضد الفيروس.
قرار دولي
واستكمل: يكون إجراء التجارب السريرية بقرار دولي لكل دولة على حدا وتكون ملتزمة بهذا القرار، موضحًا من ضمن المبادرات الرئاسية التي كان لها فاعلية في المنظومة الصحية كان من ضمنها إصدار "قانون التجارب السريرية" والذي تم الموافقة عليه، وعليه بيكون هناك متطوعين في سن الشاب يتم حقنهم بـ" اللقاح الصيني" وأحدث مناعة جيدة دون ظهور مضاعفات جانبية خطيرة، وتظهر نتائجه بعد أربع أسابيع، أما في كبار السن بعد سبعة أسبابيع.
متابعة من ثلاثة شهور إلى ستة أشهر
واستطرد: تتم المتابعة من ثلاثة شهور إلى ستة أشهر، وهذا ما حدث بالفعل في مصر مع الصين، حيث تم التعاون بين البلدين من خلال هيئة المصل واللقاح "فاكسيرا" مع المركز القومي للكبد لإنتاج هذا اللقاح، وأن ذلك سيكون بوابة مصر لإصدار اللقاح لكل القارة الإفريقية، الأمر الذي يؤدي إلى إدخال العملة الصعبة، كما أن سعر تصديره، وسيكون له مردود على الدخل القومي، مشيرًا إلى أن هناك دفعة أولى بالمجان وصلت من دولة الإمارات منذ ثلاثة أسابيع، وجرعات أخرى سيتم وصولها على التوالي إلى حين تصنيعه في مصر.
عدة مراحل
ويضيف الدكتور عبدالعظيم الجمال، أستاذ الميكروبيولوجي والمناعة بجامعة قناة السويس، مع تزايد وانتشار الموجة الثانية من فيروس كورونا، والتي ضربت بشدة غالبية بلدان العالم وأبرزت ارتفاعا ملحوظا في كل من أعداد الإصابات والوفيات، تتسابق دول العالم في تلقيح مواطنيها للحفاظ عليهم من هذا الوباء اللعين، حيث يوجد أكثر من 140 فريقا بحثيا حول العالم يتسابقون لتطوير لقاح فعال وآمن ضد فيروس covid-19، في البداية لابد أن ننوه أن هناك عدة مراحل لتجربة أو إقرار فاعلية أي لقاح من خلال عدة مراحل:
- المرحلة صفر: وهي مرحلة ما قبل التجارب السريرية، حيث تتم التجارب على الحيوانات فقط.
- المرحلة الأولى من التجارب السريرية: حيث يتم تجربة اللقاح على مجموعة صغيرة من الأفراد المتطوعين.
- المرحلة الثانية: يتم فيها تجربة اللقاح على مئات الأشخاص لبيان فاعلية اللقاح ومعدل الأمان.
- المرحلة الثالثة: يتم تجربة اللقاح على نطاق أوسع يشمل آلاف الأشخاص للتأكد من سلامته وفعاليته وتحديد الجرعة ودراسة الآثار الجانبية المحتملة.
أبرز اللقاحات
وأشار، من أبرز هذه اللقاحات التي تحظي باهتمام دولي كبير:
1- لقاح "أسترازينكا"، والذي يعتمد على استخدام تقنية Viral vector ويحتوي الناقل على الشفرة الوراثية لطفرات البروتين الموجودة على فيروس كورونا ويؤدي إلى استجابة مناعية قوية في جسم الإنسان، وتتراوح فاعليته من 70-90%. و سهولة حفظه عند درجات حرارة من 2-8 c°. و يشتمل التلقيح على جرعتين بينهنا شهر، حيث يبلغ سعر الجرعة الواحدة 4 دولارات.
2- لقاح "سبوتونيك -في": و يعتمد ايضا على نفس تقنية اللقاح السابق Viral-vector، و أثبتت التجارب السريرية فاعليته بنسبة 92%. ويتميز أيضا بسهولة التخزين عند درجات حرارة من 2-8 c°. و يشتمل على جرعتين بينهما شهر، وتبلغ سعر الجرعة الواحدة 10 دولارات.
3- لقاح "شركة موديرنا الأمريكية": والذي يعتمد على تقنية mRNA حيث يستخدم كمحفز لخداع الجسم لإنتاج بروتينات فيروسية تشبه الموجودة في فيروس كورونا المستجد، حيث أعلنت شركة موديرنا ان فاعلية لقاحها تصل ل 95%، و يحفظ عند درجة حرارة -20c°، ويشتمل على جرعتين بينهما ٤ أسابيع.
٤. لقاح فايزر-بيونتك: ويعتمد ايضا على تقنية mRNA مثل لقاح شركة موديرنا، وأعلنت الشركة أن فاعليته تصل لـ 95%، ويشتمل على جرعتين بينها ٤ أسابيع، ويتميز بصعوبة تخزينه عند -70c°، وتبلغ سعر الحرعة الواحدة حوالي 20 دولارا.
المدة الكافية
وتابع: أما عن المدة الكافية لاختبار فاعلية وأمان هذه اللقاحات، فقد اختلف العلماء حول جدوى نتائج التجارب السريرية لهذه اللقاحات، فهناك فريق يؤكد صحة البيانات المعلنة ويؤكد أن النتائج صحيحة وواقعية والمدة المستخدمة للتجارب كانت كافية، وأن الإسراع كان فقط في خطوات اعتماد اللقاح من منظمة FDA الأمريكية تجنبا للبيروقراطية والروتين ليس أكثر، مضيفً أما الفريق الآخر فيرى أن المدة المشتملة عليها التجارب لم تكن كافية، ولابد من التأني ودراسة فاعلية ومدى أمان هذه اللقاحات بشكل أكبر وما في شرائح عمرية مختلفة، وتحديد فاعلية اللقاح على مدى زمني قصير وآخر بعيد، وكذلك دراسة الآثار الجانبية على المدى البعيد وليس بعد التلقيح بمدة قصيرة.