Close ad

شائعات «الإرهابية».. خنجر مسموم فى ظهر المجتمع

12-1-2021 | 21:02
شائعات «الإرهابية خنجر مسموم فى ظهر المجتمعشائعات الإرهابية خنجر مسموم فى ظهر المجتمع
فاطمة العربي
الأهرام المسائي نقلاً عن

د.سوسن الفايد: نواجه أعتى حروب الجيل الرابع وعلى الجميع اليقظة فى هذه المرحلة الحرجة

موضوعات مقترحة

د. عبد الحميد زيد: الوعى الاجتماعى والمصارحة يوفران مناخا صحيا يدرأ محاولات قوى الشر

اللواء محمود خلف: نعانى عدوا داخليا «أحمق وغبيا» ووسائل التواصل الاجتماعى ومنها«فيسبوك» أهم أدوات «علم الجهل»

د. غادة عامر: تلك الجماعات تستخدم الذكاء الاصطناعى فى الترويج لأهدافها ولا بديل عن رفع الوعى

د. نسرين البغدادى : الشفافية والمصارحة بالحقائق حتى وإن كانت موجعة فى بعض الأحيان هما السبيل الوحيد للمواجهة

شائعات هنا وهناك تستغل حوادث أو تختلق فضائح للتلاعب عن عمد بمشاعر الناس خصوصا البسطاء، ومن لا يتسلحون بالوعى بهدف زعزعة الاستقرار وإعاقة التقدم .. هكذا وصف خبراء ما تقوم به جماعات الشر الإرهابية من محاولات مستمرة ومستميتة لضرب المجتمع المصرى من الداخل لتحقيق أهدافهم الخبيثة، وسلاحهم فى معركتهم التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى وثقافة المصريين التى تعتمد على تصديق ما يتردد دون تيقن من حقيقته، لذا يجب أن تكون المواجهة بسلاح الحقيقة والشفافية وإغلاق أبواب الفساد والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه إعاقة التقدم فالوقت رفاهية لا نملكها حاليا وعلينا الانتباه جيدا.

الدكتورة غادة عامر وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحوث بجامعة بنها تقول إن جماعات الشر والإرهاب تلجأ لأساليب التهويل والشائعات لضرب الأمن القومى المصرى من الداخل، مشيرة إلى أنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت مصدرا رئيسيا للحصول على المعلومات لدى قطاع كبير من المجتمع فيعتبرونها أرضا خصبة لنشر الأكاذيب وتبادل الآراء المتطرفة والفيديوهات والصور عن طريق ما يعرف بالغرف المغلقة وغيرها مستخدمين ما يسمى الذكاء الاصطناعى الذى يمكنه تجميع مجموعة كبيرة من أصحاب الفكر الواحد بحيث يجمعون على رأى واحد بعيدا عن التوازن الذى يصنعه النقاش بين مجموعة من المختلفين فى الآراء والتوجهات.

وأكدت أن مصر تقوم منذ فترة بجهود كبيرة فى التصدى لهذه المحاولات الخبيثة، وتقوم مجموعة من الجهات والهيئات الرسمية فى مقدمتها مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء بدور كبير فى الرصد والرد الفورى على الشائعات والمعلومات المغلوطة التى يتم نشرها من كتائب جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التى تنفق الأموال الطائلة لتحقيق هذا الهدف لضرب الدولة مستخدمة التكنولوجيا الحديثة وغيرها من الوسائل لتحقيق ذلك، مضيفة أنه بجانب مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار هناك العديد من المراكز فى الوزارات مثل وزارة التعليم العالى والبحث العلمى ووزارة التعليم وغيرها للرد على الشائعات فيما يخص عمل كل وزارة سواء على صفحات التواصل الاجتماعى أو المواقع الرسمية.

وتوضح الدكتورة غادة عامر أن هذا الدور بجانب انه يتصدى للشائعات فإنه فى الوقت نفسه يعزز التواصل المباشر مع المواطنين على مدى الساعة، بما يحقق مناخا ايجابيا يقلل الفجوة التى كثيرا ما كانت مصدر انتقاد وتشكيك بين المواطن وأجهزة الدولة الرسمية، قائلة: على العكس أصبح التواصل يحقق للطرفين فائدة عظيمة تعزز ثقة كل طرف فى الآخر.

وأشارت إلى أن هذه المراكز تقوم بشكل فورى برصد ما ينشر، إما بتكذيبه وأما بالرد عليه بالوثائق والمستندات وعندما يتكرر يعطى نوعا من الاطمئنان للناس إنه يمكنهم الحصول على المعلومات الصحيحة ويجدون ما يطمئنهم تجاه أمور يريدون التأكد من دقتها بما يمنع البلبلة والقلاقل، موضحة فى الوقت نفسه أن مرصد الأزهر يقوم بدور رائع فى الرد على جميع الشائعات التى تمس الدين بشكل صحيح، مما يعطى مصداقية لآرائهم، لافتة فى الوقت نفسه إلى دور مجمع البحوث الإسلام الذى يطلق قوافل ميدانية لنشر صحيح الدين الإسلامى بين المصريين على أرض الواقع.

وأضافت أن مصر مستهدفة حاليا بسبب قوتها رغم محاولات الهدم والتدمير التى تتعرض لها منذ سنوات بواسطة الأموال الطائلة التى يمتلكها أعداؤها ومن يستخدمونهم وتمكنهم من استخدام أحدث التطبيقات التكنولوجية التى يديرها محترفون من أجهزة استخبارات ودول تساعدهم ما يجعل شائعاتهم وأكاذيبهم تنتشر بشكل سريع، مؤكدة أن الدولة مهما تتخذ من تدابير للمواجهة فإنه إذا لم يكن لدى المواطن الوعى الكافى والفكر المستنير فستظل المشكلة قائمة لذلك وهناك دورات توعوية عن مخاطر التكنولوجيا سواء على الفرد أو على الدولة فلابد له من الانتباه وعدم الانسياق وراء نشر أى أخبار مجهولة المصدر على الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى حتى ولو من باب الحماية الشخصية فقد يكون هناك فيروس الكترونى يخترق الحسابات ويحصل على المعلومات الشخصية أو أن يقوم الشخص بنية حسنة بنشر آية قرآنية أو حديث شريف محرف فيحصد سيئات بحسن نيته أو يتسبب فى أضرار للغير بسبب هذه المشاركات .

وحول كيفية تطهير أركان الدولة ومفاصلها من الإرهابيين توضح أن المشكلة تكمن فى عدم الوعى لدى الكثيرين وكذلك فى أن هناك متعاطفين مع هؤلاء، مشددة على أنهم يعملون بطرق ملتوية وغير واضحة فلابد للدولة من الحزم فى التصدى لأى شخص يستهدف زعزعة الاستقرار وإثارة البلبلة، قائلة «ليس لدينا رفاهية الوقت فى ظل التحديات الكثيرة التى نواجهها على كل المستويات والأصعدة بما فيها تحديات الثورة الصناعية الرابعة وما يحدث حولنا فى كل دول العالم».

ويؤكد اللواء دكتور محمود خلف الخبير الإستراتيجى أن لدينا فى مصر مشكلة كبيرة تتمثل فى وجود عدو داخلى وصفه بالأحمق والغبي، لافتا إلى أنه على الرغم من أن الدولة تحاربه وتهزمه بشكل مستمر لكنه لا يزال يتلاعب بالبعض منا بصور وأخبار كاذبة بفداحة واضحة ولا يزال البعض يصدقونه وينجرون وراء ما يبثه من سموم تستهدف أمن الوطن وعرقلة استقراره وتقدمه.

وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعى ومنها موقع فيس بوك يعد أحد أهم أسلحة علم الجهل أو ما يعرف بـ(Agnotolgy) ، مشيرا إلى أنه قد يكون مصطلحا مفاجئا للبعض منا بوجود علم بتلك التسمية ، رغم وجوده ، وتعرضنا اليومى لتطبيقاته الاحترافية فى تجهيل البشر ، وبأدوات متنوعة على رأسها بالطبع صفحات ( فيس بوك)، ووسائل الإعلام غير الرشيدة ، موضحا أنه قد ساهمت تلك التطبيقات وبشكل احترافى وفعال فى تجهيل الناس عن الحقيقة ،و بشكل غير مسبوق بما يؤكد أن من يقومون بذلك يعملون بمنهجية واضحة وفق هذا العلم المسمى علم الجهل.

ويضيف قامَ الباحِثُ بجامعة ستانفورد والمُخْتَصُّ بتاريخِ العلومِ روبرت بروكتر بصياغَةِ ما يُعْرَفُ باسمِ عِـلْمِ الجَهْلِ (Agnotolgy)، ووفق تعريفه هو العلم الذى يَدْرُسُ صِناعَةَ ونَشْرَ الجَهْلِ بِطُرُقٍ عِلْمِيَّةٍ رَصينَةٍ، وكانت البداية فى عام 2013 فى المؤتمر العالمى بمدينة سلوفينيا ، الذى قد كشف خلاله عن مذكرة صدرت عن (صناعة الدخان) وأخطارها ، وسميت بمقترح التدخين والصحة ، الصادرة عام 1979 وقد تبنتها شركات الدخان بقصد دحض مزاعم الضرر من الأمراض التى يسببها التدخين، بفكرة أن »الشك« هو أحد السبل لتحقيق النجاح ، من خلال زرع ذلك الشك فى عقول الجمهور.

وأضاف اللواء محمود خلف أنه قد أثارت محتويات المذكرة انتباه «روبرت بروكتر» والخبير فى ممارسات شركات الدخان اللعينة ,فلاحظ أنهم ينشرون الوهم ، والشك بشأن ما إذا كان الدخان يسبب مرض السرطان، كما لاحظ أيضا عدم رغبة الشركات فى أن (يعلم الناس) أضرار التدخين ، ومن هنا تبنى كلمة Agnotology ، والتى تعنى (الجهل) ، بما يعنى انه العلم الذى يدرس بتعمد »الأنشطة والأفعال المساعدة فى نشر الوهم، والشك ،والتدليس« لتحقيق أهداف أو مكاسب من وراء ذلك، موضحا أنه فى هذا الصدد وعلى مستوى التكنولوجيا الحديثة ولأهداف سياسية أو غيرها هناك عدد من التطبيقات العملية الماكرة لتجهيل الناس عن قضاياهم الوطنية الحقيقية ، وهم مقتنعون تماما وفى بعض الأحيان، يدافعون عنها باستماتة وبحسن نية بالغة ما يخدم أهداف ومصالح جماعات الإرهاب والشر المتربصين.

وتوضح الدكتورة نسرين البغدادى المدير السابق للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الشائعات تنتشر دائما فى إطار عدم توافر المعلومات الصحيحة، أو سيادة الغموض حول موضوع بعينه فيستغل البعض ممن لديهم أهداف خبيثة حوادث تقع هنا أو هناك قبل توافر المعلومات الكاملة بشأنها ويعتبرون ذلك فرصة وأرضا خصبة للتضليل، مشيرة إلى أنهم غالبا ما يستغلون الفضول والتشويق والتعاطف الذى يثيره بعض هذه الحوادث ودائما ما يستخدمون معلومات لها جانب صحيح ويبنون عليها ضلالاتهم. وتؤكد أن الشفافية والمصارحة بالحقائق حتى وإن كانت موجعة أو صادمة فى بعض الأحيان هما السبيل الوحيد للمواجهة وقطع الطريق على هؤلاء ومن يقفون وراءهم، مضيفة أن التعرف على توجهات الرأى العام فيما يخص القضايا الخلافية لها من الجوانب الإيجابية التى يستطيع من خلالها صانع القرار التعرف على جوانب الاختلاف وبالتالى بناء خطته لمواجهة الشائعات والعمل على توضيح النقاط التى ربما لم تكن واضحة بالشكل الكافى للكثيرين ما جعلهم يصدقون الشائعات والأكاذيب خاصة تلك التى بنيت على جانب ولو ضئيلا من الحقيقة.

وأضافت أنه من الواجب على المؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام التفنيد الدائم للأكاذيب والرد عليها باستخدام المنهج العلمى الذى يقوم على الموضوعية مع الرصد الدائم لتوجهات الرأى العام، مثمنة فى هذا الإطار جهود مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء الذى يتابع ويرصد على مدى الساعة ما ينشر أو ما يروج من قبل البعض، مطالبة وسائل الإعلام بالتصدى بأسلوب يقوم على التوضيح وعرض الحقائق واستضافة المسئولين حتى يتم التغلب على عدم وصول المعلومة لمن لا توجد لديهم القدرة على الاطلاع أو السعى وراء المعلومة الصحيحة مع استخدام لغة بسيطة تناسب الجميع.

ويشير الدكتور عبد الحميد زيد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفيوم ووكيل نقابة الاجتماعيين الى أن التركيز على قضايا وحوادث بعينها والترويج لشائعة بشأنها يحدث لأن هناك مجموعة من الاعتبارات التى تزيد من سرعة تداول الشائعات ومنها أهمية موضوع الشائعة للمواطن واحتياجاته بما يزيد من لهفته لمعرفة المزيد فتكثر الأكاذيب ويتطلب ذلك الرد بتوضيح الحقائق الرسمية خاصة إذا كانت الشائعة تنطلق حول موضوع يتعلق بالمرضى أو المستشفيات بما يثير تعاطف الكثيرين مع الضحايا، مؤكدا أن الرد يختلف من مجتمع لآخر غير أن توضيح الحقائق وكشف المعلومات الحقيقية هما أول السبل الايجابية وعلينا أن نعمل وفق مستوى الوعى والثقافة لدى المصريين لمواجهة هذا الخطر بزيادة القدرة على الفرز لدى المواطن بين الغث والسمين مما يتردد حوله لرفض التضليل وفى الوقت نفسه التصدى لأى أخطاء أو مخاطر.

ويوضح أن المقاومة تتطلب عملا دءوبا لرفع الوعى الاجتماعى وايجاد وعى عام صحي، مشيرا إلى أن الهدف الأساسى من الشائعات المتعمدة فقدان ثقة المجتمع فى ذاته ومؤسساته ودولته وتحطيم نفسية المواطن بما يؤثر على الوعى ويعيق خطط التنمية وبناء الدولة.

ومن جانبها توضح الدكتورة سوسن الفايد أستاذ علم النفس السياسى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية أن الشائعات هى سلاح الجماعات الإرهابية المقصود منه إثارة الغضب المجتمعى وإحداث أزمة ثقة بين المصريين حيث إن من بين خطط حروب الجيل الرابع استخدام أدوات وأسلحة عيد تقليدية منها إطلاق الأكاذيب والشائعات بهدف الحشد والتحريض لإسقاط الدولة وإشعال الحروب الأهلية التى تدمر الجميع بتفكيك قوى المجتمع، مشيرة إلى أن مطلقى الأكاذيب يستخدمون حوادث أو أحداث بعينها كمادة خام لشائعاتهم ويبنون عليها قصصا وأكاذيب تخدم أهدافهم.

وأضافت: «كل ذلك يؤكد أنها ليست مجرد شائعات تطلق ولكن خطة ممنهجة ومدبرة لضرب الاستقرار والضغط المستمر لتحقيق أهداف هدم الدولة من الداخل دون استخدام قوة عنيفة أو إطلاق رصاصة ولكن بسياسة النفس الطويل»، مؤكدة أنه يجب أن يكون الرهان على الوعى وعلى أنها معركة الجميع يجب أن يكون مستعدا لها.

وطالبت سوسن الفايد بدور قوى لمؤسسات الدولة فى ظل هذه الحروب الجديدة ، قائلة: هذه حرب مواقع وكل مؤسسة وكيان عليه دور لتصحيح الأكاذيب ومتابعة عمليات الرد بما يتطلب قراءة جيدة وواعية ووضع خطط للمواجهة وتنفيذها بشكل جاد ومستمر على أن يكون الرد عمليا وإيجابيا وأن يكون لدينا ثقافة مضادة لهذه الحروب لرد دفاعى ومواجهة للقائمين عليها لإفساد مخططاتهم فعلى الجميع اليقظة والانتباه فى هذه المرحلة الحرجة والحاسمة للعبور ببلدنا لما نتمناه ونسعى له

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة