Close ad

أول قاض عربي يدخل موسوعة «النزاهة القضائية»

24-12-2020 | 13:49
أول قاض عربي يدخل موسوعة «النزاهة القضائية المستشار عادل ماجد: الشريعة الإسلامية قادرة على مواجهة التطرف
حوار: عطا عبدالعال - تصوير: محمد عنان
نصف الدنيا نقلاً عن

من المثير للفخر أن واحدة من أهم الأكاديميات القضائية الدولية - وهى أكاديمية نورمبرچ الدولية - ومركز بحوث ودراسات القانون الدولى فى بروكسل صنَّفا أخيرا القاضى المصرى المستشار عادل ماجد، نائب رئيس محكمة النقض وخبير القانون الجنائى الدولي، أحد أبرز أعضاء الموسوعة الدولية للنزاهة القضائية، وهو ما يجسد مدى نزاهة ومصداقية القضاء المصرى والمكانة الرفيعة للقضاة المصريين، ليس على المستوى المحلى والإقليمى فحسب، بل على المستويين الدولى والعالمي. البيان الصحفى الصادر عن هذه المؤسسة الدولية العريقة أكد أن اختيار المستشار ماجد ضمن أبرز أعضاء هذه الموسوعة جاء بناءً على سمعته ومكانته العالمية باعتباره أحد القضاة البارزين فى القانون الجنائى الدولي.

موضوعات مقترحة

يأتى هذا الاختيار تتويجًا لجهود المستشار عادل ماجد فى إثراء المصادر المعرفية للقانون الدولى بالعديد من المؤلفات والأبحاث والدراسات، ومن بينها دراسته القيِّمة باللغة الإنجليزية عن مدى ثراء الشريعة الإسلامية بالأحكام والقواعد والمبادئ المتعلقة بالعمل القضائي، وشروط تولى الوظيفة القضائية، والأركان القضائية على كل المستويات.

المستشارعادل ماجد: الشريعة الإسلامية قادرة على مواجهة التطرف

عن أهمية هذه الدراسة للفقه القانونى الدولى يقول المستشار عادل ماجد: فضلاً عما أضافته الدراسة للفقه الدولى من أبعاد ومقاربات جديدة لمفهوم النزاهة القضائية، فقد نشرت هذه الدراسة على موقع المحكمة الجنائية الدولية لكى تكون مرجعًا أساسيًا لقضاتها والعاملين بها فى موضوع النزاهة القضائية، ودليلاً على أصول البحث فى مصادر الشريعة الإسلامية. ويؤكد القاضى عادل ماجد أن القضاء المصرى يحظى – منذ القدم - بهيبة وسمعة عالية جعلتاه نموذجا يحتذى ويستعان به فى الدول العربية، وتتطلع الدول الغربية إلى ما أرسته محاكمه العليا من مبادئ، بعد أن سطرت أقلام قضاته أرقى القواعد والأحكام فيما يتعلق بحماية الحقوق والحريات، خصوصا تلك الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا، ومحكمة النقض المصرية. ومن وجهة نظرى أن أهمية الإنجاز يجب ألا تنسب إلىَّ بصفة شخصية، بل إلى محبى هذا الوطن، لأننى تمكنت من خلال هذه الدراسة التى تم اختيارها بالموسوعة أن أبرز ثراء الشريعة الإسلامية ومرونة أحكامها وقدرتها على التجديد ومعالجة أدق الموضوعات القانونية حداثة، فى مواجهة الصورة التى رسخها الفكر المتشدد عن الشريعة الغراء فى الذهن الغربي، ومن ناحية أخرى أبرزت الشروط المطلوبة لتولى منصب القضاء فى أحكام الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها فى القضاء المصري، والتى تعد من الصرامة بحيث لا تسمح إلا بتولى ذوى الكفاءة والنزاهة لهذا المنصب الجليل. كما استطعت أن أدلل على أن معايير النزاهة القضائية فى الشريعة الإسلامية تفوق مثيلاتها فى التشريعات الوضعية وكذا المعايير الدولية السارية. ولعل هذا الإنجاز يواجه الحملة الشرسة المنظمة والممولة التى يواجهها القضاء المصرى من الداخل والخارج؛ التى سعت وتسعى إلى التشكيك فى استقلال القضاء المصرى وفى نزاهة قضاته.

مفهوم النزاهة القضائية

عن مفهوم النزاهة القضائية يقول المستشار عادل ماجد: هى فى الشريعة الإسلامية «قيمة أخلاقية» تجمع فى طياتها صفات عدة، مثل الاستقامة والصدق والأمانة والعفة ونقاء السريرة. وبالمقابل فإنها تتجلى فى البعد عن المفاسد ومواطن الشبهات. أما فى مجال العمل القضائى فتعد النزاهة أكثر من كونها فضيلة، لأنها فى حقيقة الأمر ضرورة وشرط أساسى لتولى الوظيفة، لذلك يجب على القاضى أن يتأكد من أن سلوكه على المستويين الشخصى والمهنى فوق مستوى الشبهات، واضعا فى الاعتبار أن سلوك القاضى الشخصى يؤثر فى صورة المنظومة القضائية كلها فى أعين الناس، وبعبارة أخرى يمكن القول إن النزاهة تدعم ثقة المتقاضين فى حياد وموضوعية قاضيهم.

المطَّلع على الموسوعة يتبين له أن من أهم ما يُميز دراسة المستشار عادل ماجد أنه وضع تعريفاً جامعاً لمفهوم النزاهة القضائية استقاه من أحكام الشريعة الإسلامية، فعرفها بأنها «فضيلة جوهرية، تمثل مفهوما جامعاً ولازما يتضمن قيماً أخلاقية ذاتية لا غنى عنها للقاضي، وضرورية فى كل قاض، مثل نقاء الضمير والاستقامة والأمانة والكرامة والاحترام والحزم والكياسة ونقاء السريرة، والتى تجنبه مواطن الشبهات، من خلال الامتناع عن أى سلوك يبعث على التشكك فى تصرفاته، أو الارتياب فى بواعثها، مع الاحترام الكامل والالتزام التام بالصفات المهنية الأخرى مثل الاستقلال والحياد والموضوعية والكفاءة والاجتهاد».

مواطن ثراء الشريعة
أما عن كيفية إثباته ثراء الشريعة الإسلامية فى إرساء دعائم النزاهة القضائية - كما جاء فى دراسته - فيقول المستشار ماجد: بجانب نصوص الشريعة الإسلامية قطعية الثبوت والدلالة، فقد اعتمدت على المراجع الفقهية الأصيلة أو ما يُطلق عليه «أمهات الكتب»، مثل الشروح الفقهية العديدة التى كتبها كبار علماء الإسلام الأوائل، وهم الأئمة الماوردى والخصاف وابن أبى الدم المعروفة «بأدب القاضي»، وكذلك المصادر الأخرى القيمة من كتب الفقه الإسلامى مثل كتاب «الأحكام السلطانية» للماوردي، و«المغنى» لابن قدامة، و«مقدمة ابن خلدون» ورسالته للقضاء «مزيل الملام عن حكام الأنام»، واستخلصت منها درر الأحكام، وقارنت ما جاء بها وكتابات الفقه الغربي، لكى نعلى من شأن فقه الشريعة الإسلامية، لتكون إضافة إلى المكتبة الغربية.

وعلى حد قول د. ڨيڨيان ديترتش نائبة أكاديمية نورمبرچ: إن هذه الدراسة تتمتع بالأصالة والاعتماد على المصادر الأصلية للشريعة الإسلامية، وتبرز أحكام الشريعة الإسلامية بشأن موضوع النزاهة القضائية بطريقة واضحة موثقة، بما يسهم فى ترسيخ هذا المبدأ فى القضاء الدولي. وأضافت ڨيڨيان: من بين أسباب اختيار دراسة القاضى عادل ماجد فى الموسوعة الدولية ما حوته من مفاهيم جديدة مستقاة من مبادئ الشريعة الإسلامية والتى تناهز أعلى المعايير الدولية، حيث اعتمدت على ما يُطلق عليه أمهات الكتب فى الشريعة الإسلامية.
فى مواجهة التطرف

عن كيفية مواجهة التطرف والتشدد من خلال الثراء الفكرى الذى تتمتع به الشريعة الإسلامية يقول المستشار ماجد: هناك الكثير من المؤلفات التى أنجزتها للذود عن السيادة الوطنية ومواجهة الفكر المنحرف والوقوف ضد ممارسات الجماعات الهدامة التى تتخذ من الدين ستاراً لها، ومنها: «مواجهة الإرهاب فى سيناء: استراتيچية الضربات الاستباقية»، وقد صدر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيچية، و«مجابهة الجماعات الإرهابية المسلحة» الصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات، و«بين التطرف والإرهاب»، المنشور فى مجلد المركز العربى للوعى بالقانون، و«الأزهر الشريف ومواجهة التطرف وخطاب الكراهية فى ضوء الوثائق الدولية»، الصادر عن كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا. وفضلا عن ذلك هناك دراسة أعتز بها كثيرا أنجزتها أثناء عملى بوزارة العدل فى دولة الإمارات عن «مسؤولية الدول عن الإساءة إلى الأديان والرموز الدينية» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيچية، وأوضحت من خلالها وجود قواعد دولية تحظر ازدراء الأديان والإساءة إلى الرموز الدينية.

ويستطرد المستشار ماجد: إن دراسة أحكام الشريعة الإسلامية بطريقة علمية موضوعية صحيحة تُظهر قدرتها على التصدى لأدق أمور الحياة، وتسهم فى مواجهة افتراءات البعض على الدين الإسلامى أو رموزه، لذلك ينبغى العمل على إعمال فكر التجديد على مستجدات العصر الحديث من خلال تراث الشريعة العريق، وبلغةٍ يفهمها الغرب، وهى صنعة لا يقوى عليها إلا ذوو العلم الوفير.

قضاء مصر
أما عن الافتراءات التى تحاك حول القضاء المصرى وسمعته فى الخارج فيوضح المستشار عادل ماجد أن مما يدفعه لكتابة العديد من بحوثه باللغة الإنجليزية ما لاحظه من خلال مشاركته فى المحافل الدولية والبحث العلمى فى السنوات الأخيرة من وجود خطة ممنهجة خارجية للنيل من مصداقية القضاء المصري؛ عن طريق بث الشائعات والمعلومات الكاذبة، أو تأويل الأحكام والقرارات القضائية بطريقة سلبية بغرض زعزعة ثقة الناس فى هذا الصرح العريق، ووسيلتهم فى ذلك البحوث والدراسات التى تصدر عن مراكز أبحاث غربية، فضلاً عن محاولات التأثير فى ممثلى منظمة الأمم المتحدة المختصين بأحوال حقوق الإنسان واستقلال القضاء، عن طريق إرسال معلومات وتقارير تحتوى على معلومات مغلوطة عن وضع الحقوق والحريات فى مصر.

كما أن بعض الجهات المعادية لمصر تشجع مراكز بحثية على كتابة المقالات والبحوث التى تحقق الأغراض المعادية، أو عن طريق تجنيد واستقطاب العديد من الأكاديميين والباحثين من خلال التمويل لكتابة المقالات والبحوث التى تنال من الجوانب المتعلقة بالحريات والحقوق فى مصر، أو التشكيك فى مصداقية القضاء المصري. موضحا أنه من واجبه وواجب كل باحث مصرى فى المجال القانونى والقضائى أن يفند تلك المزاعم ويرد عليها، من خلال عرض الممارسات القضائية الرائدة فى مجتمعنا، وأنه من المهم أن نعمل على تشجيع الأكاديميين والباحثين القانونيين المقيمين بالغرب أو الذين لديهم القدرة على كتابة الدراسات والبحوث باللغات الأجنبية للتوعية بحقيقة استقلال القضاء فى مصر ونزاهة قضاته.
ويضيف: من المهم زيادة الوعى المجتمعى برسالة القضاء وأهمية الحفاظ على استقلاله.
كما أنه من المهم أن تعمل مؤسسات الدولة ذات الصلة على توعية المواطن بدور ورسالة القضاء فى إرساء سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات، وذلك يستلزم حماية حصانة القضاء وتوقيره، حتى يستطيع القضاة أداء رسالتهم باستقلالية، بما يضمن تعزيز الاستقلال المؤسسى والوظيفى للسلطة القضائية.

زوجتى وأولادي
واكبت كتابة هذه الدراسة القيمة للمستشار عادل ماجد ظروف جعلتها تحقق التقدير الوطنى والدولي. أهمها – كما يؤكد هو نفسه - اعتكافه وأفراد أسرته فى أثناء فترة الحظر المفروض بسبب جائحة كورونا، مما هيأ له فرصة للاستغراق فى البحث والتعمُّق فى أمهات كتب الفقه الإسلامي، لكى يستخرج منها النقى من الأفكار، والقيّم من الأحكام، ثم يجرى بينها مقارنة وبين الحديث من المعايير الدولية السارية، فى ظل مناخ أسرى داعم من زوجته التى كان لدعمها المعنوى أثر بالغ فى جودة بحثه، وابنته روان خريجة قسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، التى ساعدته بالبحث عن اللازم من المراجع الأجنبية بمكتبة الجامعة الأمريكية، ويبدو أن المثل الشعبى «ابن الوز عوام» قد تحقق فى هذه الأسرة؛ فنجلته روان تسخر جهودها حاليا بوصفها مساعدة بحثية فى كتاب عن الحق فى معرفة الحقيقة فى الشريعة الإسلامية، بالاشتراك مع إحدى الباحثات فى جامعة كوينز بلفاست بالمملكة المتحدة. كذلك الحال بالنسبة إلى ابنه (14 سنة) الطالب بالمدرسة البريطانية بالرحاب، والذى لم يشأ إلا أن يساعد والده فى البحث عن أصول ومرادفات المصطلحات الإنجليزية المستخدمة فى بحثه عن الاستقلال الشخصى للقاضي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة