Close ad

باستخدام الأقمار الصناعية مشروع مصرى ـ إفريقى لرصد التلوث البحرى

8-10-2020 | 16:16
باستخدام الأقمار الصناعية مشروع مصرى ـ إفريقى لرصد التلوث البحرى الأقمار الصناعية
تحقيق ــ أحمد عبد الفتاح

 

فى خطوة تعد الأولى نحو تفعيل دور وكالة الفضاء الإفريقية التى تستضيفها مصر، والتى تهدف إلى استخدام بيانات الأقمار الصناعية فى وضع الحلول والتصدى لكل المشكلات التى تواجه القارة السمراء فيما يتعلق بالتلوث البحرى، وتحقيق خطط التنمية المستدامة للقارة الإفريقية فى جميع المجالات، تمكنت شعبة الدراسات البيئية بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد بالفوز بمشروع يعمل على استخدام بيانات الأقمار الصناعية فى الرصد المبكر لمصادر التلوث النفطى البحرى فى مصر ودول شمال إفريقيا فى البحرين الأحمر والمتوسط والخليج الأطلسي، ومتابعة بقع الزيت النفطية التى تؤثر بشكل خطير على البيئة البحرية والمحميات الطبيعية والنقل وجميع الأنشطة البحرية بمشاركة دول المغرب وتونس وموريتانيا ويقوم المشروع برصد بقع التلوث البحرى النفطى فى شمال إفريقيا باستخدام الأقمار الصناعية وإنشاء منصة الكترونية مفتوحة المصدر لهذه الدول تحتوى على جميع الصور والخرائط الحديثة والبيانات الخاصة بالتلوث البحرى النفطى، التى ترصدها الأقمار بشكل يومى مما يسهم فى الحفاظ على الحياة والأنشطة البحرية فى القارة الإفريقية .. وهناك تفاصيل اخرى فى السطور التالية .

فى البداية يؤكد الدكتور إسلام أبو المجد رئيس شعبة الدراسات البيئية بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد مستشار وزير التعليم العالى والبحث العلمى للشئون الإفريقية المنسق الرئيسى للمشروع أن الهيئة القومية للاستشعار نجحت بالفوز بمشروع ممول من الاتحادين الإفريقى والأوروبى، وذلك لاستخدام بيانات الأقمار الصناعية فى رصد وتخريط البيئة البحرية الساحلية لدول شمال إفريقيا، وان هذا المشروع يعد بمنزلة تأكيد للريادة المصرية فى تكنولوجيا الفضاء وتطبيقات الاستشعار عن البعد، التى تخدم المجتمع والجهات المستفيدة من هذه المنتجات والخدمات، كما ان هذا المشروع يعد أيضا شراكة بين ثلاث دول بالإضافة إلى مصر وهى تونس والمغرب وموريتانيا بالإضافة إلى بعض الجهات الإقليمية مثل منظمة سيدارى الموجودة فى القاهرة .

ويضيف الدكتور إسلام ان المشروع يقوم على رفع كفاءة دول شمال إفريقيا من خلال مصر والهيئة القومية للاستشعار عن بعد باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء فى رصد وتخريط البيئة البحرية، وخصوصا الملوثات النفطية الناتجة عن البحث والتنقيب أو الإنتاج البترول أو من السفن العابرة والناقلة للبترول والسفن التى تنقل البضائع، ونجح المشروع فى استخدام البيانات بشكل يومى لرصد البقع الزيتية والتلوث الذى يحدث فى البحرين المتوسط والأحمر فى نطاق المياه الإقليمية المصرية، وتم إرسال هذه المخرجات والخرائط لوحدة المخاطر البيئية والطبيعية الموجودة بالجهاز فى مصر وإلى الجهات المعنية بالدول الإفريقية الأخرى ويقوم المشروع بإعداد هذه الخرائط بشكل دورى وتسليمها لجهاز شئون البيئة ليقوم بفحص المتسبب فى هذه الحوادث ومعاقبته واتخاذ الإجراءات الرسمية والبيئية للحفاظ على البيئة .

تدريب الأفارقة

ويشير إلى انه من خلال هذا العمل تم إجراء العديد من الدورات التدريبية فى مجال استخدام بيانات الأقمار الصناعية لرصد الحوادث البيئية التى تبين أن مصر قادرة على رفع كفاءة الدول الإفريقية فى مثل هذه التكنولوجيات من خلال تقديم الدورات التدريبية لمتدربين من تونس والمغرب وموريتانيا، والذى يظهر مدى كفاءة وقدرة الهيئة القومية للاستشعار عن بعد، وقدرة الدولة المصرية فى هذه التكنولوجيات التى أتاحت لها استضافة مقر وكالة الفضاء الإفريقية.

أقمار مشتركة

 ويؤكد الدكتور إسلام ان المشروع نواة لوضع تصور إفريقى لأقمار مشتركة، ولإنشاء منصات الكترونية سواء للتدريب أو لتوزيع بياناتها المحدثة بشكل مستمر على متخذى القرار، على أن تكون الهيئة القومية للاستشعار هى الحاضنة للمشروع، مشيرا الى انه كمنسق رئيسى للمشروع نجح فى وضع التصور الريادى لمصر على مستوى القارة من خلال المخرجات الدولية التى يخرجها المشروع ومن خلال البوابة الإلكترونية التى يوضع عليها هذه المخرجات والخرائط بشكل دورى .ولقد نجح المشروع فى إخراج أكثر من 200 خريطة لمناطق التلوث فى مصر وشمال إفريقيا آخرها التلوث الذى حدث فى رأس غارب بالقرب من رأس شوقير، وفى أثناء الفحص خلال الشهور الماضية وجد أن هناك 15 حادثة تلوث زيتية قريبة من رأس غارب وكان مصدرها واحدا، كما تم رصد العديد من بقع التلوث فى مدخل قناة السويس وبالقرب من ميناء دمياط وميناء الإسكندرية ومن ثم تم تسليمها لجهاز شئون البيئة لمعرفة المتسبب فيها ومحاولة الوصول لحلول سريعة لهذه المشكلة ومنع تفاقمها حفاظا على البيئة البحرية والمحميات الطبيعية والثروة السمكية وايضا سلامة وأمان مسار السفن.

خطط الطوارئ

من جهته أوضح المهندس أيمن عبد الواحد رئيس إدارة الأزمات والكوارث بجهاز شئون البيئة أن الجهاز هو المسئول عن إعداد خطط الطوارئ الوطنية لمواجهة حوادث التلوث والتنسيق لمكافحتها فى المحافل الدولية، وكذلك عقد الاتفاقيات الخاصة بالمنع والاستجابة لمواجهتها، وبناء على هذه الخطط تم تأسيس غرفة عمليات مركزية لاستقبال البلاغات الخاصة بمشكلة التلوث وتشكيل لجنة خاصة بتلوث البيئة البحرية، التى تتشكل عضويتها من جميع الجهات المعنية فى مصر سواء كانت حكومية أو جهات بحثية وذلك لمتابعة الخطط والإجراءات المتخذة لمواجهات حوادث التلوث.

خطورة التلوث النفطي

وأشار عبد الواحد إلى أن حوادث التلوث النفطى لها تأثير خطير على البيئة البحرية والأنشطة المختلفة، ففى قطاع السياحة تؤثر حوادث التلوث البحرى وبقع الزيت على القرى السياحية، وتوقف الأنشطة السياحية لفترات طويلة، مما يؤثر على السياحة الشاطئية، كما أن لها تأثيرا خطيرا على الكائنات الحية والثروة السمكية، إلى جانب تأثيرها على حركة السفن خلال مسارها فى البحر لأنها ستكون معرضة لحدوث حرائق مما يؤثر على سلامة السفن بكل أنواعها وكذلك تأثيرها على المواني، وايضا محطات تحلية مياه البحر ومحطات توليد الكهرباء إلى جانب تأثيرها غير المباشر على صحة الإنسان من تناول الأسماك الملوثة. ومن ثم يهتم جهاز شئون البيئة بالحد والاكتشاف المبكر لحوادث التلوث البحرى لتلافى الأخطار الناتجة عنها.

سبل المواجهة

وحول طرق التعامل مع مشكلة التلوث البحرى أوضح أيمن عبد الواحد أن هناك جانبا يتعلق بالشق القانونى وهو المعنى بالتشريعات والقوانين البيئية بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية، والشق الثانى يتعلق بالجانب الفنى الخاص بالحوادث وطرق التعامل معها والحد من تأثيرها، ومن ثم تم إنشاء شبكة من المراكز الرئيسية لمواجهة أى حادث طارئ يؤدى إلى تلوث البيئة البحرية، وهذه المراكز مجهزة بأجهزة ومعدات متطورة لمواجهة هذا التلوث بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة فى رصد التلوث البحرى ومنها برامج المحاكاة الخاصة بمسار ومصير بقع التلوث فى البحار، وكذلك استخدام صور الأقمار الصناعية وما توفره من بيانات عن البقع الملوثة خاصة فى الأماكن التى يصعب الوصول إليها بالطرق الأخري، وبالتالى فإن المشروع يقدم لنا خدمة التتبع لبؤر التلوث النفطى بشكل دورى وفعال ودون تحمل جهاز شئون البيئة أى نفقات.

الاقتصاد الأزرق

من جهته أشار الدكتور كمال لباسى الأستاذ بجامعة شعيب الدكالى بالمغرب إلى أن المملكة المغربية تمتلك رأسمال بحريا مهما للغاية مما يمنحها ميزة تنافسية واضحة على الصعيد الإفريقى بسبب موقعها الجغرافى بواجهتين بحريتين بأكثر من 3500 كيلومتر من السواحل، وموارد طبيعية هائلة، وان هذا الوضع يدعو إلى رسم إستراتيجية متكاملة للاقتصاد الأزرق ليتم الحفاظ على الموارد ومن ثم الإسهام فى تطوير القطاع، وتسهم جامعة شعيب الدكالى فى الأنشطة المبرمجة فى إطار مشروع «ناف كوست» التابع لبرنامج «GMES & Africa» الذى يعمل على استخدام بيانات الأقمار الصناعية فى الرصد المبكر لمصادر التلوث النفطى البحري، وذلك بتنسيق من الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء بمصر، وتهتم المخرجات المتولدة فى إطار هذا المشروع بشكل خاص بإدارة البيئة البحرية من خلال إنتاج وإنشاء عدد معين من الخدمات منها ما يتعلق على سبيل المثال بمشاكل تآكل السواحل، والتلوث النفطى فى المحيطات وآثاره على البيئة البحرية. واضاف الدكتور كمال ان هناك فريقا من الباحثين من جامعة الدكالى يقوم بإنتاج خرائط تتعلق بإدارة تسريب النفط من السفن باستخدام بيانات الرادار من القمر الصناعى، ومن ثم يتم تجميع الخدمات والمخرجات على شكل حلول، يتم تسليمها إلى أصحاب المصلحة لاتخاذ اللازم، ومن هنا تأتى أهمية المشروع للمغرب.

السواحل التونسية

أما الدكتور سوفيان الصغير احد المسئولين بالمركز الوطنى للاتصالات التونسية الشريك التونسى بالمشروع فيوضح ان «ناف كوست» يمثل الحلول المبتكرة للاستجابة لمخاطر الضغط الناجم عن التلوث النفطى بالبحر والضغط العمرانى والتغيرات المناخية على سكان المناطق الساحلية الهشة والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية، ويعد فرصة ممتازة لتونس لتطبيق برنامجها وايجاد الحلول للتصدى لهذه الضغوطات، ويشكل الشريط الساحلى التونسى الغنى بالموارد الطبيعية العمود الفقرى لاقتصاد البلاد نتيجة الأنشطة السياحية والصناعية والصيد البحري، كما يزخر هذا الساحل بالنظم البيئية والبحرية والأنواع النباتية المختلفة. وأضاف الصغير أن مخرجات المشروع أسهمت فى دعم المؤسسات التونسية لتحسين الاداء فى معالجة المعلومات وذلك بالاستفادة العلمية والفنية وحسن معالجة واستغلال المعلومات الناتجة عن قواعد البيانات الجغرافية المنجزة فى إطار المشروع واستخدام واستغلال آليات الاستشعار عن بعد بقصد تزويدهم بمعلومات إستراتيجية دقيقة خاصة أصحاب القرار بهدف رصد ومراقبة التلوث النفطى بالبحر.

 

 

نقلا عن صحيفة الأهرام


..
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة