- د. يوهانسن عيد: المشروع يناقش فى مجلسى الوزراء والنواب لوضع مواصفات جودة عالمية للخريجين
- د.جمال شيحة: يساعد على تطوير التعليم وإفراز شباب قادر على المنافسة
- د.أحمد الجيوشى: يفتح مجالات واسعة للعمالة بالخارج ويسهل انتقالها بين الدول
الإطار الوطنى للمؤهلات.. مشروع تقدمت به الهيئة القومية لجودة التعليم التابعة لمجلس الوزراء وتمت مناقشته مع الجهات المعنية لقرابة عشر سنوات لوضع مواصفات جودة للخريجين بما يتماشى مع سوق العمل العالمية.. هذا المشروع يعدُّه الخبراء بمنزلة جواز عبور للخريجين لبوابة العالمية فهو يضمن الاعتراف الدولى بالمؤهل المصرى دون الاضطرار لعمل شهادات المعادلة فى بعض التخصصات ويهدف إلى الوصول لمواصفات جودة مخرجات العملية التعليمية ومعاملة بالمثل فى فرص العمل والأجور واستكمال الدراسات بشتى الدول وانتقال سهل للعمالة المصرية عربيا وإقليميا.. وغيرها من مميزات هائلة لهذا المشروع الذى تجرى حاليا إعادة إحيائه ووضع اللمسات الأخيرة عليه ولم يتبق سوى أن تعطيه موافقة مجلس النواب قبلة الحياة ليخرج للنور.. التفاصيل فى السطور التالية..
بداية أوضحت الدكتورة يوهانسن عيد رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد التابعة لمجلس الوزراء أن الإطار الوطنى للمؤهلات هو مشروع يهدف لتوصيف وتصنيف المؤهلات التى تمنحها الدولة، ويختلف من دولة لأخرى من حيث عدد مستوياته وتوصيف المخرجات المطلوب تحققها فى حامل كل مؤهل، بحيث تتمكن كل دولة ـ بمجرد الاطلاع على مؤهل الخريج ـ من معرفة المهارات المتحققة فعليا لديه ومدى تناسبها مع فرص التعلم الإضافية أو فرص العمل المتاحة لديها لقبوله بها من عدمه، وهو يتميز بالشمول حيث يغطى مؤهلات التعليم العالى والتعليم والتدريب المهنى والتعليم العام والأزهري، كما يساعد على التغلب على محدودية وجود مسارات بين أنواع التعليم المختلفة بإيجاد مسارات أكثر تطورا تربط أنظمة التعليم والتدريب المختلفة ببعضها البعض، ويربط المؤهلات باحتياجات سوق العمل.
وأكدت يوهانسن أن فكرة وضع إطار وطنى للمؤهلات ليست جديدة فقد اتجه العديد من الدول نحو تنظيم وتصنيف المؤهلات الموجودة بها منذ قرابة 20 سنة بحيث يمكن توحيد مخرجات التعلم بين كل مؤهل وآخر على مستوى العالم، وليس بالضرورة أن تتم دراسة نفس محتوى المناهج فهى متروكة لطبيعة وظروف كل دولة، وإنما المستهدف توحيد قدرات ومهارات خريجى كل مؤهل للاعتراف بتعادلها مباشرة على المستوى الدولى .
الاعتراف بالمؤهلات المصرية
وحول المميزات والفوائد المرتقبة من إقرار الإطار الوطنى للمؤهلات أوضحت رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد أن أولى المميزات هى ضمان جودة مخرجات العملية التعليمية على كل المستويات دونما تكرار حدوث التباين والتفرقة الحالية بين حملة المؤهلات الحكومية والخاصة والأجنبية، وضمان الاعتراف بجدارة المؤهلات المصرية عالميا، مما يسهل الانتقال عبر الحدود للعمالة المصرية، ويسهل الانتقال داخل المنظومة التعليمية أفقيا ورأسيا بمعنى سهولة الانتقال من مرحلة دراسية لمرحلة أخرى وكذلك سهولة الانتقال من نوع تعليم إلى نوع آخر وفق ضوابط محددة بدقة داخل الإطار، وبهذا ـ على سبيل المثال ـ نفتح المجال أمام خريجى التعليم الفنى الذى يلقى اهتماما كبيرا من الدولة حاليا ليكون قاطرة للتنمية للالتحاق بالجامعات التكنولوجية وتغيير الصورة النمطية السلبية عن التعليم الفني، إلى جانب ضمان إمكان استكمال حامل المؤهل تعليمه بعد توقفه عدة سنوات لالتحاقه بسوق العمل مع الاعتداد والاعتراف بما حصله واكتسبه من خبرات عملية فى سوق العمل خلال هذه الفترة واعتبارها ضمن المهارات داخل الإطار، وكأمثلة للدول المطبق بها فعليا الإطار الوطنى للمؤهلات نجد جنوب إفريقيا ونيوزيلندا وأستراليا من أقدم الدول تطبيقا للإطار منذ ما يقارب 20 عاما، كما انه مطبق فى أوروبا وبعض الدول العربية كالبحرين والسعودية والإمارات والأردن.. أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد بدأت متأخرة نوعا ما نظرا لأنها قارة موحدة فى كل شيء ومنها النظم التعليمية والمؤهلات وليست فى حاجة لها إلا أنه حاليا ومع تزايد التوافد والهجرة إليها بدأت خطواتها نحو وضع إطار وطنى للمؤهلات.. لافتة إلى أن مصر بدأت فى إعداد الإطار الوطنى لمؤهلاتها منذ 2010، وهو التوقيت نفسه الذى بدأت فيه دول مثل البحرين والسعودية إلا أن هذه الدول انتهت وأقرت أطرها.
رحلة تشريعية
وحول المراحل التى مر بها إعداد مشروع الإطار زمنيا أكدت يوهانسن أن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد قدمت مسودة الإطار عام 2009 إلى رئيس مجلس الوزراء حيث وافق على مسئولية الهيئة عن تطوير وإدارة الإطار، وتم تكليف الهيئة عام 2010 باستكمال مشروع الإطار حيث شاركت غالبية الوزارات والجهات المسئولة فى إعداد الإطار الوطنى للمؤهلات مثل وزارات التربية والتعليم والتعليم العالى والقوى العاملة والسياحة والإسكان والزراعة والصحة والصناعة والهجرة.. ولكن المشروع توقف بين عامى 2011 و2014 نظرا للظروف التى مرت بها الدولة،ثم أعدنا إحياء المشروع فى فبراير 2015 بعقد مؤتمر دولي بحضور الأطراف المعنية مع تطوير التصور الموضوع للإطار بزيادة التركيز على التعليم الفنى وبوضع إطار موحد بدلا من الأطر المنفصلة لكل مؤهل ووضعنا خريطة طريق لإنجاز الإطار، وفى عام 2016 تم عقد ورشة عمل لتبادل الخبرات مع دول أوروبية وصياغة المسودة النهائية للمشروع وفى العام التالى تم تقديم الإطار إلى مجلس الوزراء ووافق على المضى قدما فى سن التشريعات، وقمنا فى 2018 بعرضه ومناقشته فى مجلس النواب، وأن الهيئة ما زالت هى الراعى الرسمى للإطار نظرا لما تتمتع به من حيادية تجاه كل الجهات والوزارات، ولاختصاصها الأصيل كهيئة للجودة والاعتماد فى ضمان جودة التعليم والمؤهلات التى يمنحها، ولضمان الاعتراف الدولى بالإطار المصرى كان لابد أن يصدر فى صورة قانون وتشريع ولذلك بدأنا رحلة تشريعية مع مجلس النواب ولجنة التعليم به فى إقرار الإطار ضمن تعديل بعض بنود قانون الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد واختصاصاتها ليدخل الإطار ضمن المهام الصريحة لعمل الهيئة وفقا لتكليف مجلس الوزراء الصادر فى 2010.. مؤكدة أن مشروع التشريع المقدم لمناقشته فى النواب يشمل بنودا وتفاصيل عديدة ولجانا وآليات الإشراف على التطبيق،وقد تم عقد عدة اجتماعات مع أعضاء لجنة التعليم بمجلس النواب وتم الاتفاق على غالبية البنود وتم التجاوب مع التعديلات التى طلبت اللجنة إدخالها كان آخر تلك الاجتماعات فى ديسمبر 2018 حيث تم الاتفاق على كل المواد عدا مادتين تتعلقان برسوم الهيئة وميزانيتها ولا علاقة لهما بالإطار الوطنى للمؤهلات المرحب به فعليا من مجلس النواب وما زلنا فى انتظار استكمال المناقشة تمهيدا لإقراره.
خريج مؤهل لسوق العمل
من جانبه أشار أيمن لطفى الرئيس السابق للجنة إعداد قانون التعليم الجديد إلى أنه سبق منذ عدة سنوات وضع تصور لتصبح شهادة الثانوية العامة شهادة منتهية ومعتمدة بمواصفات وجدارات معينة يمكن للحاصل عليها الالتحاق بالعمل والوظائف مثلها مثل (الدبلوم) وأن تستمر صلاحيتها خمس سنوات يمكن استكمال الدراسة الجامعية خلالها، كما تم عمل شهادة شبيهة وهى (البكالوريا) وتم تطبيقها فى مدرستين، وفى إطار تطوير التعليم الفنى تم تفعيل نظرية (التعليم المزدوج) بما يشبه وجود المصنع داخل المدرسة والمدرسة داخل المصنع وتم تطبيق ذلك فى 16 مدرسة، وكان المستهدف من هذه السياسات تشكيل خريج مؤهل فعليا لسوق العمل دون الحاجة إلى (إعادة التأهيل) التى تكلف الدولة وميزانيتها أعباء كبيرة وتكلف الخريج أموالا طائلة للحصول على دورات وكورسات تأهيلية متخصصة.
ويضرب لطفى مثالا بـ (اللغة الإنجليزية) التى يدرسها الطالب حاليا من مرحلة رياض الأطفال وصولا إلى الصف الثالث الثانوى والتى يمكن وضع الجدارة النهائية لها فى الإطار الوطنى للمؤهلات بتمكن الطالب الحاصل على الثانوية العامة من مهارات الكتابة والتحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة، ووضع كل ما من شأنه تحقق هذا الهدف طوال رحلة الطالب الدراسية، أما لجوء الطالب لدورات التقوية والكورسات فى هذه اللغة بعد انتهاء دراسته فدليل على عدم تحقق الهدف، وهذا هو إهدار الجهد والوقت والمال وهو ما يحتم سرعة إقرار الإطار الوطنى للمؤهلات.
ثمانية مستويات
الدكتور أحمد الجيوشى نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفنى الأسبق أوضح أن مفهوم الإطار الوطنى للمؤهلات عندما تعده دولة ما يكون بغرض وضع إطار يوحد المؤهلات سواء داخل الدولة أو بين مجموعة من الدول ويتكون غالبا من ثمانية مستويات تبدأ من رياض الأطفال والتعليم الابتدائى مرورا بالتعليم الإعدادى والثانوى وفوق المتوسط والبكالوريوس وانتهاء بالماجستير والدكتوراه، بحيث يتم تحديد خصائص ومهارات وجدارات لكل مؤهل من المستويات الثمانية فى الدول المتوافقة والتأكد من اكتسابها وتحققها فى كل خريج كمعايير قياسية موصفة ومحددة بدقة داخل مصر أو خارجها من الدول المعتمدة لذات الإطار،وأنه عند وضع المناهج المبنية على أسلوب الجدارات المهنية المطبق حاليا فى التعليم الفنى لجعل المناهج الدراسية والمخرجات مرتبطة بسوق العمل كان هناك حرص شديد على ارتباطها مرجعيا بالإطار الوطنى للمؤهلات لضمان وجود تناسق وتوافق بين هذه المناهج والإطار المرتقب صدوره، وهناك فوائد عديدة مترتبة على إقرار الإطار الوطنى للمؤهلات منها أن الخريج الحاصل على مؤهل ما داخل مصر سيكون معترفا بمؤهله فى بقية الدول كما هى الحال بين نيجيريا وألمانيا اللتين تعتمدان نفس الإطار دون الحاجة لإجراء معادلة للمؤهل، كما أن الإطار الوطنى للمؤهلات سيفتح مجالات واسعة للعمالة المصرية بالخارج ويسهل انتقالها بين الدول التى تتبنى الإطار نفسه فى المستوى الوظيفى والمهارى وبالأجور نفسها.
وعن دوره فى إعداد الإطار الوطنى للمؤهلات أوضح الجيوشى أن جهوده انصبت على وضعية التعليم الفنى داخل الإطار بوصفه نائبا للوزير للتعليم الفنى فى ذلك الوقت وقد تركز اهتمامه على توصيف المؤهلات لخريجى 3 مستويات: مستوى مرحلة الدبلوم 3 سنوات، ثم مستوى المؤهل فوق المتوسط سنتان بعد الدبلوم، ثم مستوى البكالوريوس الفنى من الجامعات التكنولوجية المنشأة حديثا، واضعين فى الاعتبار ما يناظر هذه المستويات من المؤهلات فى الدول الأخرى مثل جنوب إفريقيا أو فرنسا أو ألمانيا بحيث نتفق مع هذه الدول على توحيد المستويات والمواصفات فى مستويات وجودة التعليم.
تأخر كثيراً
الدكتورة إنجى مراد عضو لجنة التعليم بمجلس النواب أكدت أن وجود معايير قياسية معتمدة عالميا لخريج التعليم المصرى بمستوياته المختلفة ضمن الإطار الوطنى للمؤهلات أمر فى غاية الأهمية، وقد نوقش بالفعل وحظى باهتمام اللجنة على مدى أكثر من دور انعقاد وعند مناقشة الموازنة كان دور هيئة الجودة والاعتماد وآلية عملها ومنظومتها إلا أن الإطار لم يأت إلينا بشكل رسمى كتعديلات أو كمشروع قانون محال من الحكومة، مشيرة إلى أنه ربما تمت مناقشته فى سنوات أو أدوار انعقاد سابقة لكنه لم يطرح رسميا فى جدول أعمال اللجنة للمناقشة.
شبه جاهز
من جانبه أكد الدكتور جمال شيحة رئيس لجنة التعليم السابق بمجلس النواب أن إقرار الإطار أمر مهم فى مسيرة تطوير وتحديث التعليم وتجويد الخريج لتمكينه من الوجود والمنافسة فى سوق العمل العالمية، موضحا أن اللجنة بالتعاون مع الهيئة القومية لضمان جودة التعليم عقدت جلسات عديدة استمرت نحو ثلاث سنوات لوضع هذا الإطار وضوابطه، إلا أنه لا يعرف سبب لتعثره الآن،مبديا استياءه من تأخر إقرار مشروع قانون الإطار الوطنى للمؤهلات الذى كان شبه جاهز ولم يتبق سوى وضع لمساته الأخيرة، داعيا الحكومة والجهات المسئولة إلى الانتهاء من المشروع ليرى النور فى اقرب وقت.
نقلا عن صحيفة الأهرام