Close ad

بعد تكرار مشهد رفض دفن ضحايا "كورونا".. "الصحة العالمية": لم يثبت عدوى المتوفى.. والإفتاء: حرام شرعا

11-4-2020 | 17:01
بعد تكرار مشهد رفض دفن ضحايا كورونا الصحة العالمية لم يثبت عدوى المتوفى والإفتاء حرام شرعامشهد رفض دفن ضحايا "كورونا" - أرشيفية
منى باشا

رغم نشر العديد من المعلومات المتعلقة بكيفية دفن ضحايا فيروس كورونا المستجد واتخاذ الإجراءات الاحترازية أثناء عملية التغسيل من خلال متخصصين فضلا عن وضع الجثمان في عدة طبقات من الكفن، إلا أن عددا من حالات الوفاة وجدت تعنتا كبيرا من قبل أهالي عدد من القرى بمحافظات مصر بدعوى أن جثمان المتوفي ينقل العدوى.

موضوعات مقترحة

أصدرت منظمة الصحة العالمية، مساء أمس الجمعة، بيانا أوضحت فيه أن جثة المتوفي بـ"كورونا" لم يثبت أنها معدية وأن جثمان المتوفى بالإيبولا أو الكوليرا هم فقط من يعتبرون مصدرا للعدوى.

شهدت قرية شبرا البهو فريك التابعة لمركز أجا في محافطة الدقهلية، اليوم السبت، تجمهرا من المواطنين بمدخل القرية لمنع دخول سيارة إسعاف تحمل مواطنة ماتت في الحجر الصحي بالإسماعيلية مرددين هتافات "إيد واحدة".

وكانت المتوفاة طبيبة من إحدى قرى مركز أجا تم اكتشاف إصابتها بفيروس كورونا عقب عودتها من الأراضي السعودية ليتم نقلها لمستشفى العزل بمدينة الإسماعيلية لتفارق الحياة ويتم التجهيز لدفنها بقرية زوجها بالبهو فريك إلا أن الأهالي تجمعوا لمنع عملية الدفن تبعا لمواطنين في القرية، مما استدعى أسرة المتوفية لأخذ الجثمان ودفنه بقرية ميت العامل مسقط رأسها إلا أنهم قوبلوا بنفس الرفض أيضا.

وتم استدعاء قوات الأمن التي حاولت التفاوض مع الأهالي لفتح الطريق أمام المقابر إلا أنهم ظلوا يرددون "إيد واحدة"، لمنع الدفن بحجة أن الجثمان سيضر البلد بأكملها، حتى اضطرت القوات للتعامل مع التجمهر وحماية سيارة الإسعاف حتى يتم التمكن من عملية الدفن وسط إجراءات أمنية مشددة.

تكررت الواقعة في عدد من المحافظات، ففي قرية بولس التابعة لمركز كفر الدوار في محافظة البحيرة، رفض أهالي القرية دفن جثمان والدة طبيب أصيبت بكورونا من ابنها الذي يعمل بمستشفى العزل، الأمر الذي استوجب استدعاء قوات الشرطة حتى يتمكن الطبيب من دفن والدته الأمر الذي لاقى استهجانا كبيرا من جموع الأطباء، رغم إعلان اتخاذ الإجراءات الوقائية خلال الغسل والتكفين وتطهير السيارة التي تم نقلها، وتم الدفن بعد مناوشات بين الطرفين.

وفي منطقة بهتيم بشبرا الخيمة، منع المئات من الأهالي دفن سيدة من ضحايا كورونا توفيت بمستشفى العزل بدعوى منع الفيروس من الانتشار، خاصة مع إصابة العشرات من أفراد أسرتها، حتى اضطرت الجهات المسئولة إلى دفنها بمقابر عائلتها بمحافظة الغربية وسط إجراءات مشددة، فيما اتخذ بعض الأهالي بنفس القرية على عاتقهم حملة لتوعية المواطنين أن المتوفى بكورونا لا ينقل العدوي، وعلقوا لافتات على المقابر كتبوا فيها "أهالي بهتيم لا يمنعون دفن الموتى" ولكن بشرط عدم فتح المقبرة إلا بعد 4 أشهر.

وفي هذا الشأن أصدر مركز  الأزهر العالمي للفتوي الإليكترونية، بيانا اليوم السبت، أدان فيه سلوك التنمر الذي ينتهجه البعض ضد مصابي فيروس كورونا المستجد، مؤكدا أنه سلوك مرفوض ومحرم شرعا.

وقال الأزهر العالمي للفتوي الإليكترونية: إن الإسلامُ قد أعلي مِن قيمة السَّلام، وأرشدَ أتباعه إلى الاتصاف بكلِّ حَسَنٍ جميل، والانتهاء عن كلِّ فاحش بذيء، حتى يعمَّ السَّلامُ البلاد، ويَسْلَم كل شيء في الكون من لسان المؤمن ويده، ولا عجبَ -إذا كانت هذه رسالة الإسلام- أن يكون أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة هو حُسن خُلُقِه، قال ﷺ: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ» [الأدب المفرد].

وتابع: إن التَّنمُّر لمن السّلوكيات المرفوضة التي تُنافي قيمتي السَّلام وحُسْن الخُلق في شريعة الإسلام، موضحا أن التَّنمُّر لمن لا يعرفه هو: شكلٌ من أشكال الانتقاص والإيذاء والسُّخرية يُوجَّه إلى فرد أو مجموعة، ويؤثر بالسَّلب على صحتهم، وسلامتهم النَّفسيَّة -هذا بشكل عام-، وهو لا شك سُلوكٌ شائنٌ، ويزداد هذا السُّلوك إجرمًا وشناعةً إذا عُومل به إنسانٌ لمجرد إصابته بمرض هو لم يختره لنفسه؛ وإنَّما قدَّره الله عليه، وكُلُّ إنسانٍ مُعرَّض لأن يكون موضعه -لا قدَّر الله-.

وتابع، حرَّم الإسلامُ الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة؛ فقال تعالى: {..وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وقَالَ سيِّدُنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [سنن ابن ماجة]، والضَّرر الذي وجَّه الإسلام لإزالته ليس الجسديّ فقط، وإنما وجَّه -كذلك- لإزالة الضَّرر النفسيّ الذي قد يكون أقسَى وأبعد أثرًا من الجَسَديّ، وإذا كان الإسلامُ قد دعا المُسلمَ إلى الأخذ بأسباب السَّلامة، واتباع إرشادات الوقاية حين مُعَاملة مريضٍ مُصَابٍ بمرضٍ مُعدٍ وقال في ذلك ﷺ: «وفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» [صحيح البخاري]، فإنه قد دعا في الوقت نفسه إلى الحِفاظ على صِحَّة المريض النَّفسية؛ فقال ﷺ في شأن الجُذام أيضًا -وهو مرض معدٍ-: «لا تُدِيمُوا النَّظرَ إلى المَجْذُومينَ» [سنن ابن ماجة] ؛ أي لا تُطيلوا إليهم النَّظر، ولا تُّكرِّروا النَّظر لمَوَاطن المَرضِ؛ كي لا تتسببوا في إيذاء المَريضِ بنظراتكم، ولا شَكَّ أنَّ الانتباه لمُعاملة المريض وأُسرته، وعدم انتقاصهم بكلمة أو تصرُّف خُلقٌ رفيعٌ مأمورٌ به من باب أولى.

كما دعا الإسلام إلى احترام بني الإنسان وإكرامهم أصحاء ومرضى، أحياءً وأمواتًا؛ فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..} [الإسراء: 70]، ودعا كذلك إلى مُداواة المرضى، والإحسان إليهم، والتَّألم لألمهم؛ فقال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [مُتفق عليه].

وبِناءً على ما تقدم فإنَّ مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يُؤكد أنَّ الإصابة بفيروس كُورونا ليست ذنبًا أو خطيئة ينبغي على المُصاب بها إخفاؤها عن النَّاس؛ كي لا يُعيَّر؛ بل هو مرض كأي مرضٍ، ولا منقصَة فيه، وكلُّ إنسانٍ مُعرَّض للإصابة به، ونتائج إخفاء الإصابة به -من قِبَلِ المُصَابين- كارثيَّة، ويُفتي بحرمة إيذاء المُصاب به، أو الإساءة إليه، أو امتهان من تُوفِّي جرَّاءَه، وبوجوب إكرام بني الإنسان في حَيَاتِهم وبعد مَوتِهم.

ودعا المركز إلى ضرورة تقديم الدَّعم النَّفسيّ لكلِّ مُصابي كُورونا وأُسَرهم؛ سيما جنود هذه المعركة من أطباء وممرضين، وإلى تكاتف أبناء الوطن جميعًا للقيام بواجبهم كلٌ في مَيدانِه وبما يستطيعه إلى أن تتجاوز مِصرنا الحبيبة هذه الأزمة بسَلامٍ وسَلامةٍ إنْ شاء الله تعالى، ونسألُ الله أنْ يمُنَّ على كُلِّ مُصابٍ بالشِّفاء، وأنْ يتقبَّل المُتوفِّين في الشُّهداء، وأنْ يكشفَ عنَّا وعن العالمين البَلاء؛ إنَّه سُبحانه ذو مَنٍّ وكَرَمٍ وآلاءٍ.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: