تحاول نقابة المهن الموسيقية الارتقاء بالذوق العام الذي تأثر بأغاني المهرجانات التي وصفها البعض بـ"فن دخيل" ووصفها آخرون بـ"قفزات غريبة" خرجت إلي المجتمع بسبب عوامل ساهمت في ذلك .
وتمثلت محاولة نقابة المهن الموسيقية لإصلاح المشهد الفني في إصدار تنبيه علي كل المنشآت السياحية والبواخر النيلية والملاهي الليلية والكافيهات بعدم التعامل مع مطربي المهرجانات .
ورغم أنه لا يمكن الرجوع بالزمن إلي الوراء "زمن الفن الجميل" الذي كان يقدم محتوي راقيا يؤثر في ثقافة المستمع فينعكس علي سلوكه نحو الآخر إلا أن اتهامات البعض لأغاني المهرجانات بتدمير الذوق العام وإفساد المجتمع تعود بالمشهد الغنائي إلي الوراء وتطرح تساؤلات .. هل أغاني المهرجانات فن ؟ وما أثرها علي المجتمع ؟ وكيف تصدرت المشهد الغنائي ؟
حلل خبراء علم الاجتماع لـ"بوابة الأهرام" ظاهرة أغاني المهرجانات فقالوا إن هذا النوع من الأغاني والذي وصفوه بالثقافة المنخفضة موجود لدي كل دول العالم ومنذ زمن ضاربين المثل بأمريكا وبريطانيا لكنه بنسب أقل من الأغاني الأخري والتي وصفوها بالثقافة الراقية :" في جميع دول العالم توجد ثقافة راقية وأخري منخفضة".
وقالوا:إن الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم تسببت في ظهور أغاني المهرجانات فجعلتها تطفو علي السطح وبالتالي أصبحت بطل المشهد الغنائي موضحين أن وسائل التواصل الاجتماعي مثل موقع "يوتيوب" و "فيسبوك" سهلت مهمة عرض هذه الأغاني والدفع بها إلي الجمهور وتداولها ما أدي إلي انتشارها بشكل كبير .
وبالرجوع إلي زمن الفن الجميل قالوا إن هذا الزمن كانت له آليات مختلفة حيث كانت تصل الأغنية إلي الجمهور عن طريق الإذاعة أو التليفزيون وبالتالي كان هناك تحكم في المحتوي قبل عرضه أما الآن فما أكثر القنوات عبر شبكة الانترنت وهو ما جعل أي شخص قادر علي إعداد المحتوي الذي يرغبه دون مراجعة او خضوع لرقابة عليه ثم الدفع به بضغطة زر واحدة ليصل إلي الملايين بل المليارات من الناس ولا يمكن المحاسبة هنا لأنه لا توجد أدوات تشريعية لمحاسبة من يفعل ذلك .
وطالب الخبراء بضرورة خضوع وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها قنوات "اليوتيوب" إلي الرقابة والتحكم في المحتوي المقدم عبر هذه القنوات غير الشرعية علي حد وصفهم .
يقول الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية إن أغاني المهرجانات انتشرت بنسبة كبيرة لأنها انتشرت عبر قنوات غير شرعية "قنوات الإنترنت" وهذه القنوات لا تخضع للرقابة من حيث المحتوي الذي تقدمه .
ويقول الدكتور سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس إن أغاني المهرجانات تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل البنية المجتمعية فتترك أثرها بالإيجاب أو بالسلب ويرجع ذلك إلي نوع المحتوي الذي تقدمه .
والمهرجانات الحالية تقدم قيمًا سيئة للمجتمع وتحرض علي سلوكيات سلبية نظرًا لما تقدمه من محتوي هابط ومنخفض متمثل في كلمات متدنية وموحية علي سبيل المثال لا الحصر تتحدث إحدي الأغنيات عن الخمر والحشيش كما أن مستمعيها من فئة الشباب ما يجعل هذه الأغاني تهدد البنية المجتمعية لأن الشباب يمثلون نحو 60% من المجتمع .
ويناشد الدكتورسمير عبد الفتاح المسئولين في هذا المجال ضرورة وجود عقاب مباشر لمقدمي أغاني المهرجانات نظرًا لتأثيرها علي وجدان المجتمع وتشكيل ثقافته بل البنية المجتمعية :" المهرجانات لها تأثر خطير علي المستوي الثقافي".
يقول الأديب يوسف القعيد إن الفنان هو من يقدم الطرب إلي الجمهور وينجح في تحويله من شخص إلي شخص آخر :" الفنان هو من يمتعني ويطربني ويشجيني ويجعلني بعد سماعه أتحول إلي شخص آخر أما مقدم أغاني المهرجانات الحالية لا علاقة له بالفن وإنما هو مدعي الفن .
ويشير إلي الفنان أحمد عدوية فيقول :" انزعجنا قديما بظهورعدوية لأنه قدم فنا مخالفا للسائد إلا أن عدوية أفضل من مقدمي اغاني المهرجانات رغم خروجهم أيضًا عن السائد لكنه أفضل منهم صوتًا وشكلًا ومحتوي ".
ويصف الأديب يوسف القعيد أغاني المهرجانات بأنها قفزات غريبة تخرج من تحت السيطرة وتطرح نفسها علي المجتمع وكأنها قدر مطالبًا بضرورة وجود أدوات تشريعية لضبط المشهد الفني والتحكم في المحتوي المعروض للجمهور باعتبار أن الفن قوي ناعمة تؤثر في المجتمع :" أغاني المهرجانات إن لم تجد رقيبًا ستحول الغناء إلي غابة"
ويدعو مراكز البحوث المتخصصة في البحوث الاجتماعية وفي مقدمتها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية الى ضرورة الاجتماع لدراسة هذا النوع من الفن وأثره علي المجتمع و لماذا جذب الناس إليه وذلك لتحديد الفجوة الحقيقية التي تسلل إليها متخذًا لنفسه موضعًا ومن ثم العمل علي ملئها .