بالرغم أن فيروس كورونا الذي استوطن مدينة ووهان في الصين وانتشر في 27 دولة أخرى لم يصل إلى مصر بفضل الجهود التي تبذلها الدولة وكافة أجهزتها وقطاعاتها؛ فإن هذا الفيروس يضع مستقبل صناعة الدواء بمصر في مأزق كبير.
تفشي الفيروس في الصين جعلها تعيش أوضاعًا صحية واقتصادية مؤسفة؛ حيث سجل ما يزيد على 20 ألف حالة إصابة، كما قتل أكثر من 500 شخص داخل الأراضي الصينية "بحسب إحصائيات الحكومة المركزية"، ووصل إلى أكثر من 27 دولة في العالم ما أدى إلى فرض حالة الطوارئ في كثير من البلدان وتزايد عمليات إجلاء كثير من الدول لمواطنيها من الصين خوفًا من انتقال الفيروس إليها .. ولكن: ما علاقة ذلك بمستقبل صناعة الدواء في مصر؟!
استيراد المواد الخام من الصين
تستورد مصر المواد الخام ومواد التعبئة ومستلزمات صناعة الدواء من الصين، وذلك بحسب اتفاقية بينها وبين وزارة الصحة المصرية، وفي ظل الوضع الحالي الذي تعيشه الصين من تفشي وباء كورونا بها، ومقاطعة كثير من الدول لها سيتوقف استيراد هذه المواد.
وبحسب الاتفاقية السابقة فإن الاستيراد مقيد بدولة الصين فقط ما يجعله متوقفًا لأجل غير مسمي ولحين تعافي الصين واستعادة علاقتها بالدول المقاطعة لها ستعتمد مصر في تصنيع الدواء على المخزون الاستراتيجي لديها من المواد الخام والذي يكفي لمدة 6 شهور .. ولكن .. ماذا لو استمرت أزمة الصين وتفشي الفيروس فيها لأكثر من 6 شهور ؟ هل سيحدث نقص في الدواء ؟ وما هي الأدوية التي تعتمد صناعتها على المواد الخام المستوردة من الصين ؟
تساؤلات عديدة تطرحها "بوابة الأهرام" لترسم الإجابة عنها صورة واضحة عن مستقبل صناعة الدواء في مصر كما تنبه المسئولون عن أزمة مستقبلية تستدعي تحركًا عاجلًا ووضع خطط بديلة من الآن لمنع وقوعها .
أزمة مستقبلية في أدوية السكر والضغط والمضادات الحيوية
وفقًا لحديث الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية فإن هناك اتفاقية بين وزارة الصحة والصين باستيراد المواد الخام اللازمة لصناعة الدواء من الصين وبعد توقف الاستيراد خوفا من انتقال الفيروس ستعتمد مصر على المخزون الاستراتيجي الموجود لديها والذي يكفي لمدة 6 شهور.
ويعني هذا أن الأدوية التي تعتمد في تصنيعها على هذه المواد الخام ستتأثر بالنقص في الأسواق إذا امتدت أزمة الصين مع فيروس كورونا لأكثر من 6 شهور وهي مدة المخزون الاستراتيجي لدينا وهذه الأدوية هي "المضادات الحيوية وأدوية الضغط وأدوية السكر" .
نقص في الأسواق وسوق سوداء
ويخشي رئيس شعبة الأدوية حدوث الأزمة التي وصفها بالكارثة نظرًا لطبيعة الأدوية "الضغط والسكر والمضادات الحيوية" والتي يرتفع طلبها بالسوق لأنها تعالج أمراضًا يعاني منها عدد كبير من المواطنين كما أنه ليس مستبعدًا احتكار بعض الشركات لهذه الأدوية من الآن لبيعها مستقبلًا في السوق السوداء وتحقيق أرباح طائلة على حساب المرضى للأسف .
اتفاقية تهدد صناعة الدواء في مصر
ويطالب باستيراد المواد الخام من دولة بديلة للصين موضحًا أن نسبة 80% من هذه المواد يجري تصنيعها في الصين والهند وكوريا قائلًا :" وزارة الصحة ممكن تحول الاتفاقية على الهند أو كوريا".
ويحذر رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية من عدم وضع خطط بديلة من الآن لمستقبل صناعة الدواء في مصر مؤكدًا أن تقييد استيراد المواد الخام بالصين فقط يجعل صناعة الدواء أمام أزمة قريبة :" احنا بنتكلم على أدوية هتتأثر لو محولناش الاستيراد لدولة غير الصين وأهمها أدوية السكر والضغط والمضادات الحيوية ودي بتعالج فئة كبيرة من الشعب".
تضرر شركات الأدوية
من جانبه قالت نقابة الصيادلة إن هناك دولا كثيرة تقوم بتصدير المواد الخام لصناعة الدواء إلا أن الصين والهند كان لهما النصيب الأكبر خلال الفترة الماضية ويؤكد الدكتور مصطفي الوكيل وكيل النقابة لـ"بوابة الأهرام" أن أزمة الصين مع فيروس كورونا لو امتدت لأكثر من 6 شهور ستتضرر شركات الأدوية التي تستورد منها المواد الخام.
تحذيرات من الكارثة
وحذرت شركات الأدوية التي تستورد المواد الخام من الصين من عدم البحث عن دول بديلة من الآن موضحًا أنه في حال استمرار أزمة الصين مع الفيروس لأكثر من 6 شهور سوف تحدث أزمة في نقص الدواء في مصر .
تحويل اتفاقية وزارة الصحة مع الصين ضروري لمستقبل صناعة الدواء
وحول هذه الكارثة التي تنتظر صناعة الدواء في مصر ما لم تُعالج من الآن يقول الدكتور شريف السبكى العضو المنتدب للشركة المصرية لتجارة الأدوية الأسبق غير منطقي أن يكون استيراد المواد الخام مقيد بدولة واحدة ويجب أن تكون هناك حرية في الاستيراد لعدم عرقلة صناعة الدواء في مصر وما يحدث في الصين الآن من حظر ومقاطعة يعد نموذجًا حيًا لعرقلة هذه الصناعة لافتًا إلى اتفاقية وزارة الصحة التي تقضي باستيراد المواد الخام من الصين فقط .
ويوضح العضو المنتدب للشركة المصرية لتجارة الأدوية أن الأزمة التي تنتظر مستقبل صناعة الدواء في مصر ليست قاصرة على فيروس كورونا فقط وما سببه من مقاطعات للصين ولكن بشكل عام يجب أن يكون هناك أكثر من دولة للاستيراد منها مؤكدًا أن اتفاقية وزارةالصحة مع الصين بحاجة عاجلة وضرورية للتعديل وأن تشمل دولا بجانب الصين أو بديلة عنها وإلا سيتأثر مستقبل الدواء في مصر بتأثر الدولة التي نستورد منها وتقع الكارثة متسائلًا : ما هو المتوقع لمريض لم يجد الدواء ؟!