Close ad

كلاكيت مش آخر مرة.. تشويه التماثيل والأماكن الأثرية سلوك غير متحضر.. والجدران تستغيث من الحب وأشياء أخرى | صور

7-12-2019 | 13:09
كلاكيت مش آخر مرة تشويه التماثيل والأماكن الأثرية سلوك غير متحضر والجدران تستغيث من الحب وأشياء أخرى | صورتشويه تمثال الخديو إسماعيل بالإسكندرية
إيمان فكري

"النني بيمسي" و"بحبك يا ولاء" و"علمني حبك سيدتي"، جانب من العبارات الركيكة لكلمات حبيبة لم تخجل أقلامهم من تشويه جدران الأماكن الأثرية التي صمدت أمام الزمن منذ تأسيسها قبل آلاف السنين، لتعطي البلد مظهرا حضاريا خاصا بها يميزها ويعطيها طابعا فريدا من نوعه، ولكن مؤخرا تم تشويه تلك المعالم من خلال عدد من المظاهر السلبية التي يتم ارتكابها، سواء إلقاء القمامة في الشارع أو التبول أو تشويه الباعة الجائلين للمعالم السياحية، مع تجاهل اتخاذ إجراءات ضد المتعدين على المعالم الحضارية.

موضوعات مقترحة

شهدت الكثير من المواقع الأثرية والسياحية خلال الفترة الماضية، أعمال تشويه متعددة شملت الكتابة عليها أو هدمها وتشويها وإلقاء القمامة بها، فقد تعرضت جدران قلعة "قايتباي" لتعد بالتشويه من خلال كتابة الزائرين عبارات ومصطلحات غرامية بـ"الروج والاسبراي"، وتعمل وزارة الآثار حاليا للتصدي لهذا التشويه عن طريق إعادة ترميم الجدران وإزالة هذه الكتابات وطمسها.

وقائع التشويه "فعل متكرر"
لم تكن واقعة تشويه جدران قلعة "قايتباي" هي الأولى أو الأخيرة، فقد تعرض سور الكورنيش في مدينة الإسكندرية الذي جرى إنشاؤه قبل نحو 109 سنوات، للتشويه بمواد بترولية عبارة عن زيوت وشحوم مستعملة في المنطقة بين محطة الرمل والأزاريطة للمرة الثانية خلال 3 شهور، في تصرف يكشف تدني الوعي لدى فئة من الناس حول أهمية المناطق السياحية والمعالم الأثرية، كونها سجلا حيا لتاريخ الوطن وحضاراته السابقة.

وسبق تشويه تماثيل عديدة لشخصيات ورموز تاريخية في مصر، من بينها الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، والمطربة أم كلثوم، والأديب عباس العقاد، وتمثال أحمد عرابي، والخديو إسماعيل، وغيرهم من الرموز التاريخية، لقيام بعض المسئولين بإسناد مهمة الترميم لهواة من العمال والحرفيون، لا علاقة لهم بالتنسيق الحضاري أو وزارة الثقافة، رغم أننا لدينا الكثير من المبدعين في أقسام الفنون التشكيلية.

تشويه التماثيل

أصبح التلاعب في ملامح هذه التماثيل ظاهرة تثير القبح في مناطق وميادين مهمة، ومادة خصبة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، فبدلا من بقائها رمزا للجمال شوهتها يد التطوير من قبل المحليات التي قامت بطلائها، في محاولة منها لترميمها لتضيع معالم الجمال بها، وبعدما نحتها فنانون تشكيليون بأيد تغزل بحرفية وعيون تصور جمال وتجسد أحداث التاريخ، صار يرممها عمال وحرفيون، يقومون بطلاء التماثيل بألوان مغايرة ومثيرة للاشمئزاز، بدعوى أن العوامل الطبيعية والأتربة غيرت ملامحه.

مخالفة قرار مجلس الوزراء
الأمر الذي يوضح، أن المشكلة ليست في انحدار الوعي المجتمعي والثقافي والحضاري لدى أكثر المصريين فقط، ولكن أن سلوك المصريين مستمد من أفعال بعض المسئولين بتشويه أهم المعالم والتماثيل الأثرية على أيد هواة، دون الرجوع للجهات المنوطة بأعمال الترميم والتجديد، مما يتناقض مع قرار مجلس الوزراء بحظر ترميم أو وضع تماثيل أو لوحات جدارية أو أية منحوتات بالميادين العامة، قبل الرجوع إلى وزارتي الثقافة والآثار كل فيما يخصه.

تفتح "بوابة الأهرام" ملف تشويه الآثار والمعالم السياحية المصرية، للكشف عن أسباب زيادة أفعال التشويه، وما هو دور الدولة والجهات المعنية في مواجهة هذه الظاهرة، وما مدى تأثير ذلك على السياحة المصرية، ومتى تتوقف أعمال التشويه في الشارع المصري، وما عقوبة الأشخاص الذين يقومون بأعمال التشويه.

تشويه التماثيل

ثقافة شعب
هناك أسباب متعددة لزيادة أعمال تشويه المعالم الأثرية والسياحية، حيث يؤكد الدكتور ماجد الراهب خبير الآثار، أن السبب الرئيسي لأعمال التشويه هو انحدار الوعي المجتمعي والثقافي والحضاري لدى أكثر المصريين، فأصبح لا يوجد ثقافة احترام للتاريخ المصري، ولا وعي لأهمية الآثار والمعالم السياحية، ولما لها من مردود، والأمر لم يتوقف على المواطنين فقط بل بعض المسئولين الذي تسببوا في تشويه التماثيل التاريخية في بعض الميادين، بتركها لهواة ليس لديهم إدراك التنسيق الحضاري.

ويوضح خبير الآثار لـ"بوابة الأهرام"، أن تغير الوعي المجتمعي المصري، يحتاج أن نبدأ بتغير المناهج الدراسية للجميع المراحل التعليمية، لترسيخ احترام الآثار المصرية، وتعريفهم تاريخ بناء الآثار وكيفية التعامل معاها وقيمتها، وتوضيح عقوبات تشويه هذه المعالم، فالتربية والتعليم هي المؤسسة الأولى المسئولة عن تغير الوعي المجتمعي والثقافي للشعب المصري، ومن ثم يأتي دور الإعلام عن طريق عمل برامج توعية وتفعيل القنوات الثقافية وعمل أفلام وثائقية توضح قيمة الآثار.

ويتابع: "الوعي المجتمعي يجعل المواطن هو الذي يحافظ على الآثار ويهاجم من يقوم بتشويه آثار بلده، ومن ثم نقوم بتفعيل العقوبات على كل شخص يتسبب ولو بتشويه بسيط ضد الآثار أو أي مكان سياحي، لأن القوانين فقط لا تمنع أعمال التشويه، الأهم تغير ثقافة الشارع، وانتماء الشعب لتاريخه وثقافته".

تشويه التماثيل

عقوبات التشويه
تعديلات قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010، والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018، يجرم كل أعمال التشويه للآثار، وقد شمل عقوبات بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، كل من وضع على الأثر إعلانات أو لوحات دعائية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوه أو أتلف بطريقة الخطأ أثرا عقاريا أو منقولا أو فصل جزء منه، بحسب ما أكده الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية.

ويطالب الدكتور ريحان، بالتنبيه في وسائل الإعلام وتوعية طلاب المدارس والجامعات بأن هناك عقوبة رادعة لمجرد الكتابة على أي أثر ليتم التنبيه عليه أثناء الرحلات إلى المواقع الأثرية، وكذلك تعريفهم بأن الرادع ليست العقوبة، بل يجب أن تكون سلوكا داخلنا تجاه حضارتنا فتشويه معالمها يعني عدم الاحترام لحضارة يحترمها العالم بأسره، ويخصص علما باسم علوم المصريات في سابقة لم تحدث في أي مكان في العالم فلا يوجد علم الفرنسيات أو الألمانيات وغيرها.

ويتابع: "العالم كله لديه شغف بالحضارة المصرية وعند زيارتها يتعامل معها كمكان مقدس له حرمة ومعاملة خاصة، فماذا يكون موقفه حين يشاهد أحفاد من صنعوا هذه الحضارة يشوهون معالمها، وكذلك أعمال التسلق على أسوار القلاع، مما يعرض المتسلق والأثر للخطر ويعرض صاحبه للحبس والغرامة".

تشويه التماثيل

المحافظة على المظهر الحضاري
ويشير مدير عام البحوث والدراسات الأثرية، إلى عقوبات بالقانون على من يطلق عليهم الخريتية وهم الوسطاء بالمواقع الأثرية الذين يقومون بمضايقة السواح لشراء منتجاتهم رغما عنهم ونصها، "يعاقب بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا نزيد على عشرة آلاف جنيه كل من قام بالتعرض للسائحين والزائرين أثناء وجودهم بالمواقع الأثرية أو المتاحف بإلحاح رغما عنهم يقصد التسول أو ترويج أو عرض أو بيع سلعة أو خدمة لصالحه أو لصالح الغير"، وذلك للمحافظة على المظهر العام والسلوك الصحيح في المواقع السياحية.

مصر مقبلة على نهضة سياحية شاملة ستفتح الكثير من فرص العمل وتساهم في تنشيط الاقتصاد المصري كله من زراعة وصناعة ومواصلات وكلها مرتبطة بخدمات للفنادق والمنشئات السياحية وانتقالات السياح، لذلك يؤكد الدكتور عبدالرحيم ريحان، أنه من الواجب على المصريين مواكبة هذه النهضة بالأسلوب المتحضر في التعامل مع الآثار والحفاظ عليها وفي كيفية التعامل المتحضر مع السائح دون مضايقته لتشجيعه على البقاء في مصر مدة أطول والدعاية السياحية لمصر.

تشويه التماثيل

|دور جهاز التنسيق الحضاري
فيما يقول المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، إن عمل جهاز التنسيق الحضاري يهدف إلى تحقيق القيم الجمالية للفراغات العمرانية والأثرية، والحفاظ على المباني ذات الطراز المعماري المميز، وليس القيام بعمليات الترميم ذاتها، وأنه يتعاون مع الأجهزة التنفيذية "المحليات"، لتنفيذ الرؤية لتجميل الميادين، على سبيل المثال عندما تم تشويه بعض التماثيل تم عمل لجنة مختصة من أصاتذة تاريخ ومعمار ومصورين وممثلين من قطاع الفنون التشكيلية لمراجعة الأعمال الفنية للميادين.

ويؤكد رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، أنه تم وضع أسس ومعايير لإعادة ترميم التماثيل وأعمال الصيانة التي تقوم بها الأجهزة التنفيذية، ويتم إخطار إدارة الترميم والملكية الفكرية، وتم إعادة ترميم جميع التماثيل التي تم تشويها من قبل، لافتا إلى أن الجهاز يقوم بعمل عمليات توعية على مستوى الجامعات للحفاظ على المعالم التاريخية والأثرية، وذلك لأن سلوك المواطن تجاه هذه التماثيل له دور في الحفاظ عليها على مدار التاريخ.

ويشير إلى أنه لابد أن يعرف كل شخص أن الأعمال التاريخية والفراغات العامة، لا تخضع لرؤية فردية ولكنها ملك للمجتمع، منوها أن الجهة المنوطة للحفاظ على الميادين هي الأحياء، فهي المسئولة عن الحفاظ على كل علم تاريخي أو تمثال أو أي آثار بالمكان.

تشويه التماثيل

تشويه التماثيل

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة