Close ad

بعد أزمة "وكالة العنبريين".. هدم المباني التراثية والتاريخية يثير الجدل.. وخبراء: هدفه مسح الهوية

15-2-2019 | 18:39
بعد أزمة وكالة العنبريين هدم المباني التراثية والتاريخية يثير الجدل وخبراء هدفه مسح الهويةوكالة العنبريين
شيماء شعبان

انتشر جدل واسع بالشارع المصري وفي عدد من وسائل الإعلام، وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي لهدم وزارة الآثار مباني أثرية وكانت آخرها وكالة العنبريين بشارع المعز .

موضوعات مقترحة

ويتم تعريف المباني التراثية على أنها "المناطق التاريخية المتميزة عمرانيًا ومعماريًا في عصور إسلامية وقبطية خلال القرن الـ19 وبداية القرن الـ20، وفقًا للوائح المنظمة للمبنى التراثية في مصر، ويتم تقسيمهم إلى 3 مجموعات هي: مبانٍ ذات طراز فريد، أو تابعة لحقبة تاريخية معينة، أو كانت مسكنًا خاصًا لإحدى الشخصيات المهمة والتاريخية أيضا".

ويبلغ عدد المباني التراثية في مصر وفقًا للإحصائيات الرسمية، متمثلا في "جهاز التنسيق الحضاري"، نحو 6500 مبنى في العديد من محافظات مصر مثل: القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية، وبورسعيد، والمنيا وأسيوط وغيرها.

في محافظة القاهرة يوجد 1163 مبنى تراثيا تتركز أغلبها في حي غرب ووسط القاهرة، وقد تعرضت العديد من المباني في السنوات الأخيرة للهدم أهمها هدم بیت المهندس التاریخي بشارع سوق السلاح في ديسمبر2014، وفي يناير 2018 تم هدم جزئي لفندق الكونتنينتال أحد المباني الخديوية بوسط القاهرة، والذي شهد توافد ملوك وملكات أوروبا خلال افتتاح قناة السويس عام 1866، وشهادته للعديد من الحوادث والمناسبات التاريخية والوطنية البارزة.

وينظم القانون رقم 144 لسنة 2006 كيفية قيام الدولة بالحفاظ على إرثها وتراثها المعماري للمباني ذات القيمة، والتي تختلف عن المباني الأثرية، و التي تخضع لقانون الآثار، ولها قواعد في التسجيل، ولها أسلوب حماية واستخدام مختلف عن المباني ذات القيمة.

" بوابة الأهرام " تفتح ملف صحة هدم المباني الأثرية واستطلاع أراء الخبراء والمختصين حول هذا الجدل المثار..

اللجنة الدائمة للآثار

في البداية يوضح لنا المهندس محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، أن المباني والمنشآت التي يمر عليها أكثر من مائة عام تسجل كأثر، وهذا طبقا لما تقره اللجة الدائمة للآثار وفقا للقانون ويتم تسجليه بوزارة الآثار، أما إذا كان المبني يمثل تراث حديث كارتباط المبني بشخصية تاريخية أو يسجل حقبة زمنية حتى ولو لم يمر عليه مائة عام ولكن تحكمه شروط منها: ألا يكون هذا المبني آيل للسقوط، وأن يمثل حقبة زمنية مؤثرة أو لشخصية تاريخية.

وحول ما تردد عن هدم "وكالة العنبريين" يقول المهندس محمد أبو سعدة، أن العقار غير مسجل كتراث معماري أو أثر إسلامي أو أثر قبطي، وأن هدمه جاء بسبب خطورته الداهمة على المارة وأهالي الشارع، وتم الرجوع للحي والمنطقة الغربية للقاهرة والتي أفادت بصدور حكم قضائي لهدمه، الذي كان بناء عليه أنه لا ينطبق عليه كونه تراث أو عقار مسجل طراز معماري.
 

مواقع التواصل الاجتماعي

ومن جانبه يقول الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان، هناك "هوجة" بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الشباب لتشويه القائمين على المحافظة على الآثار.

ويدين الدسوقي أي عملية هدم لمبني قديم بدعوة أنه مبني آثري ولا يتم التمييز بين المبنى الأثري وغيره، مشيرًا إلى أن المباني الأثرية تنحصر في مفردات معينة كأن يكون مقر لحكومة أو حزب سياسي قائم أو جمعية لها دور في التاريخ، أو شخصية تاريخية، فمن هنا تأتي الأهمية المؤثرة، وليس كل مبني وكالة قديم من الوكالات التجارية أثري لمجرد أنه قديم، فليترك تحديد الأثر للمسئولين وليس لتصورات البعض من وجهة نظرهم.

غربلة التراث

ويضيف الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ومقرر لجنة التغيير بالمجلس الأعلى للثقافة، أن أي اعتداء بالهدم على مبني أثري هو اعتداء على ذاكرة الأمة، فالمبني الأثري هو المبني الذي مر على بناؤه مائة عام، حيث أن هناك لجان مختصة والتي يجب أن تكون تقوم بدورها ولكن ربما ينقص هذه اللجان تمثيل أساتذة متخصصين في الحقب التاريخية المختلفة فلا يجوز أن تتضمن اللجنة تمثيل أساتذة متخصصين في التاريخ الفرعوني ويطلب منه الحكم على مبني أثري يعود للمرحلة أحدث كالمرحلة البطلمية أو الإسلامية، لذلك يجب أن يكون ممثل للتاريخ والآثار متخصص في هذه الحقبة التاريخية.

ويري شقرة بوجوب غربلة التراث لكننا في نفس الوقت نؤمن بأن كل ما هو إيجابي في تراثنا يمثل ركن من أركان تاريخ ذاكرة الأمة، و ونرى أن هناك بعض الدول الأوروبية التي لا تملك عمق حضاري وتاريخي مثل مصر تبحث عن أي مبني وتجعله أثرا بينما هو لا تقاس قيمته الحضارية والتاريخية بأقل معلم من معالم تاريخ وآثار مصر، فنجد هذه الدول تحتفي بهذا المبني وتجعل منه مزارًا سياحيًا وقد شاهدت ذلك في عدة دول أوروبية وغيرها من الدول.

ويقول شقرة أن المشكلة تكمن في غياب الوعي، ومن ناحية فعلية فنجد جشع رجال المال والأعمال الذين يكترثون ولا يهتمون ولا يقدرون قيمة ما تركه لنا الأجداد والسلف من تراث، الذي لو أحسن استغلاله وصناعة دعاية له سوف يصل عدد السياح الذين يزورون مصر إلى المليار سائح في العام الواحد.

ويناشد الدكتور جمال شقرة الدولة بالاعتناء بتلك المباني الأثرية، ولا تشارك في جريمة هدمها، على أن يلعب الجهاز القومي للتنسيق الحضاري دوره ويخلق من كل مبني أثري مزارًا بعد تجهيز الموقع أو المساحة المحيطة به والتي في الأغلب ستكون المساحة التي تحيط بوكالة أو مسلة أو أية أثر محاطة بعديد من الآثار الأخرى ومثال على ذلك شارع المعز.

وكالة العنبريين

وفي السياق ذاته يشير المهندس ماجد الراهب رئيس جمعية المحافظة على التراث المصري، إلى أنه لا يجوز هدم أثر إلا بتصريح من اللجنة الدائمة للآثار، إلا كونه غير مسجل أو دون قيمة أثرية، موضحا أن وكالة العنبريين لم تكن مبني أثريا وإن كانت بوابتها أثرية ولكنها قيمة غير مضافة.

وأوضح أن وزارة الآثار لم تتوان عن الاهتمام بالآثار والمباني الأثرية وإن وجد بعض التقصير كالإهمال في قصر عمر طوسون بشبرا الخيمة ولكن ننظر إلى نصف الكوب الممتلئ حيث هناك اهتمام عالٍ جدًا بالآثار مثل "شارع المعز" فقد تم ترميم من 30 إلى 35 أثرا وإنشاء مراكز ثقافية لذلك يجب إلقاء الضوء على الإيجابيات مثلما يتم تصدير السلبيات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: