"التدين المغشوش قد يكون أنكى بالأمم من الإلحاد الصارخ".. هكذا قال الإمام الغزالي، بطبيعة الإنسان هناك مؤمن وهناك غير مؤمن، وكل الآيات القرآنية تشير إلى هذا، ولا يعد الإلحاد في مصر ظاهرة، لأنه لم يكن ظاهرة على مر العصور، فمنذ بداية الخليقة وهناك من يؤمن وهناك من يكفر.
لكن هناك من يبالغ فى أعداد الملحدين، فمصر يتعدى عدد مواطنيها 100 مليون، وإذا كان هناك فئة قليلة لا تمثل 1% من سكانها لا يؤمنون بوجود الخالق، فهذا ليس بجديد وموجود في جميع دول العالم، بينما المجتمع المصري بطباعة يقدس الأديان السماوية.
لكن يمكننا القول، إنه يوجد أقلية لديهم شطط فكري تسعى إلى الحرية المطلقة، التي لا يوجد رقيب عليها وذكرهم الله تعالى في آياته منها (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ).
فى هذا التحقيق، ترصد "بوابة الأهرام" آراء رجال الدين والطب النفسي، بعد طرح سؤال عليهم: هل أصبح الإلحاد في مصر ظاهرة.. وكيف يتم التعامل مع ملحد؟
مضطرب نفسيا
فى البداية، يرى الدكتور إبراهيم مجدي استشارى الطب النفسي، أن الإلحاد هو عدم الاعتقاد والإيمان بوجود الإله، ويكون لديهم اعتراضات كثيرة، وصاحب هذا الفكر شخصية مضطربة نفسيا، وفى الماضي كان الملحد على قدر كبير من الثقافة ولديه العديد من التساؤلات التي لم يجد لها ردا من رجال الدين، ويكمل دكتور مجدى رأيه قائلا: أغلب رجال الدين من يظهرون على شاشات التليفزيون ليس لديهم القدرة على الحوار مع الشباب ويشعر الشاب أنه انتصر على الشيخ وأنه على حق ولا وجود للأديان وهى عبارة عن طبيعة كونية.
وأشار استشارى الطب النفسي، إلى أن ارتفاع أعداد الملحدين بسبب جماعة الإخوان الإرهابية لأنهم قاموا بتشويه صورة الدين، واكتشف من كان مؤمن بفكر هؤلاء الجماعات أنهم كاذبين، مؤكد أن هذا الفكر الطائفي تسبب في صدمة لدى الشباب حينما علموا أنهم يقوموا بالتحريض على القتل ومتورطين في قضايا إرهاب وليس لهم مبدء ولا دين.
وشدد الدكتور إبراهيم مجدي، على أنه لابد على رجل الدين أن يكون لديه مرونة في الحوار وقدرة على الإقناع ولديه وعى وطريقة تفكير متفتحة ومستنيرة، حتى يكون لديه القدرة على رد الملحد بالحجج والأدلة الواضحة، مضيفاً أن الملحد لا يهتم بالحديث عن الغيبيات من الجنة والنار ولا القصص القديمة، فلابد أن تخاطب عقله وليس قلبه.
وسائل التواصل الاجتماعي
وأكد استشارى الطب النفسي، أن الإلحاد لا يعد ظاهرة ولكن يتم تسليط الضوء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ويخشى المجتمع من فكرة الإلحاد، لأن التوحيد موجود منذ بدء الخليقة، مشيراً إلى مقولة "إننا شعب متدين بطبعة" هي خاطئة، لأننا لو كنا شعب متدين بطبعه لكانت سلوكيات المجتمع اختلفت، لأن التقصير في العمل والكذب وعدم غض البصر وتداول الفيديوهات الإباحية على مواقع التواصل الاجتماعي ليس له علاقة له بالدين.
اضطراب نفسي وشطط فكر
وأضاف أن أكثر الأشخاص عرضة للوقوع فى الإلحاد، هي التي تعرضت لظلم شديد، ومن تعانى من اضطرابات نفسية، ومن لديها شطط في الفكر، مؤكداً أن الإلحاد موجود في العالم كله ولا يقتصر على المسلمين فقط، ومن ثم فالترويج إلى أن مصر من الدول التي يوجد بها أعداد كبيرة من الملحدين كلام خاطئ.
وأكد أن الملحد الذي يعانى من اضطرابات نفسية، يسهل رجوعه إلى دياناته، فهو لا يحتاج إلى علاج بل يحتاج إلى قيام رجال الدين بتجديد خطابها الديني.
جريمة قديمة
وفى سياق متصل قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن جريمة الإلحاد قديمة منذ فجر التاريخ وكما قال الله تعالى (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (24)، ويضيف: مبادئهم نموت ونحيا ولا يهلكنا إلا الدهر والكون صدفة هؤلاء الدهريون يعيشون في بحر المادة ولا يقيموا وزنا للروحانيات والوجدانيات.
وأضاف الدكتور أحمد كريمة، أنه يغلب على حياتهم الحياة البهيمية ومن أقوالهم "إن هي أرحاما تدفع وأرضا تبلع" وينكرون وجود الخالق ويتنكرون لتعليم الرسول والأنبياء بغيا في أن يعيشوا حياة إمتاع الجسد والبحث عن المال.
أعداد قليلة لا وزن لها
وأشار أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن أعدادهم قليلة ولا شأن لهم ولا وزن، فمصر دولة متدينة ومليئة بدور العبادة من مساجد وكنائس عامرة بالمؤمنين بالله عز وجل، مؤكداً أن الكثرة تلتزم بالشرائع السماوية أما الصخب على مواقع التواصل الاجتماعي والتضخم في الأشياء أمراً مرفوض.
وأكد الدكتور أحمد كريمة أن دور العبادة تقوم بأعمالها دون كلل ولا ملل، وكثيرا منهم يعودون إلى رشدهم، مشيراً إلى أنه كان هناك أسماء كبيرة شككت في وجود الله وعاشوا في فترة من الشك وبعد ذلك عادوا في رحاب الإيمان.
الإلحاد لم ولن يكون ظاهرة على مر التاريخ